غاية التوضيح

حديث: صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه

          1190- قولُهُ: (رَباح) بفتحِ الرَّاءِ وخفَّةِ الموحَّدةِ.
          قولُهُ: (صلاةٌ) فرضًا أو نفلًا، (في مَسْجدي هذا خَيْرٌ) من جهةِ الثَّوابِ.
          قولُهُ: (إِلَّا المَسْجدَ الحرامَ) فإنَّ الصَّلاةَ فيهِ خيرٌ من الصَّلاةِ في مسجدين ويدلُّ لهُ حديثُ أحمد، وصحَّحهُ ابنُ حِبَّان من طريقِ عطاءٍ عن عبدِ اللهِ بنِ الزُّبيرِ، وفيهِ: «وصلاةٌ في المسجدِ الحرامِ أفضلُ من مئةِ صلاةٍ في هذا»، وعندَ البزَّارِ: وقالَ إسنادُهُ حسنٌ، والطَّبرانيُّ من حديثِ أبي الدَّرداءِ رفعَهُ: «الصَّلاةُ في المسجدِ الحرامِ بمئةِ ألفِ صلاةٍ، والصَّلاةُ في مسجدي بألفِ صلاةٍ، والصَّلاةُ في بيتِ المقدسِ بخمسِ مئةِ صلاةٍ»، والجمهورُ على تفضيلِ مكَّةَ على المدينةِ، ورويَ عن مالكٍ وأكثرِ أصحابِهِ: إنَّ المدينةَ أفضلُ من مكَّةَ، أوَّلَ الحديثَ بأنَّ معناهُ: إلَّا المسجدَ الحرامَ فإنَّ الصلاةَ في مسجدي تفضلُهُ بدونِ الألفِ، فقيلَ: لفظُ (دون) يشتملُ الواحدَ، فيلزم أن تكونَ الصَّلاةُ في مسجدِ المدينةِ أفضلُ من الصَّلاةِ في مسجدِ مكَّةَ بتسع مئةٍ وتسعينَ صلاة، وأوَّلهُ بعضُهم على التَّساوي بين المسجدَينِ، ثمَّ هذه الفضيلة مع قطعِ النَّظرِ عن التَّضعيفِ الجماعة، فإنَّها تزيدُ سبعًا وعشرينَ درجةً، قالَ البدرُ بنُ الصَّاحبِ: ألا ما أرى / أنَّ كلَّ صلاةٍ بالمسجدِ الحرامِ فرادى، كلَّ صلاةٍ فيهِ جماعة بألفي ألفِ صلاةٍ، والصَّلواتُ الخمسُ فيهِ ثلاثةَ عشرَ ألف ألفٍ وخمس مئةِ صلاةٍ، وصلاةُ الرَّجلِ منفردًا في وطنِهِ غيرِ المسجدينِ المعظَّمينِ، كلُّ مئةِ سنةٍ شمسيَّةٍ بمئةِ ألفٍ وثمانينَ ألفَ صلاةٍ، وكلُّ ألفِ سنةٍ بألفِ ألفِ صلاةٍ، وثمانِ مئةِ ألفِ صلاةٍ، فملخَّصُ هذا أنَّ صلاةً واحدةً في المسجدِ الحرامِ جماعةً تفضلُ ثوابَها على ثوابِ من صلَّى في بلدةٍ فرادى حتَّى بلغَ عمرَ نوحٍ؟؟ الضِّعف انتهى؛ كذا في «القسطلانيِّ»، قالَ في «الكرمانيِّ»: واتَّفقوا أنَّه فيما يرجع إلى الثَّوابِ؛ فثوابُ صلاةٍ في مسجدِ المدينةِ يزيدُ على ثوابِ ألفٍ فيما سواهُ، ولا يتعدَّى ذلكَ إلى الإجزاءِ عنِ الفوائتِ، حتَّى لو كان عليهِ صلاتانِ، فصلَّى في مسجدِ المدينةِ صلاةً؛ لم يجزِ عنها، وإنَّه يختصُّ بنفسِ مسجِدِهِ الَّذي كانَ في زمانِهِ، دونَ ما زيدَ فيهِ بعددٍ انتهى، وفي «القسطلانيِّ»: لأنَّ التَّضعيفَ إنَّما وردَ في مسجِدِهِ، وقد أكَّدَهُ بقولِهِ: «هذا»، وبذلكَ صرَّحَ، بخلافِ المسجدِ فإنَّهُ يعمُّ الحرمَ كلَّهُ.