غاية التوضيح

باب الصلاة عند مناهضة الحصون ولقاء العدو

          ░4▒ (بَابُ الصَّلاةِ عندَ مُنَاهضَةِ الحُصُونِ)
          أي: إمكان فتحِها، وغلبة الظَّنِّ على القدرةِ عليها.
          قولُهُ: (تَهَيَّأ) أي: تيسَّرَ وأمكنَ، و(صَلُّوا إيماءً) أي: مومين، و(كلُّ امْرئٍ لنفْسِهِ) أي: منفردين بدونِ الجماعةِ.
          قولُهُ: (أوْ يَأْمَنوا) استشكلَ جعل الأمرِ قسيم الانكشاف
          وأجيب: بأنَّ الانكشافَ قد يحصلُ بدونِ حصولِ الأمنِ؛ كخوفِ المعاودةِ؛ كما أنَّ الأمن قد يحصلُ بزيادةِ القوَّةِ واتِّصالِ المددِ بغيرِ انكشافٍ.
          قولُهُ: (فَإنْ لم يَقدروا) قالَ الكرمانيُّ: (هذا متعقب على الأمنِ، أو الانكشافِ، فلم لا يقدرونَ عليهِ؟ قلت: هذا بيانُ الصلاةِ بالإيماءِ وتفصيله لما أجملَهُ؛ يعني: يصلُّون ركعتين بالإيماءِ، و(إِنْ لَمْ يَقْدروا عَلَى ذَلَك) أي: على ركعتين؛ صلُّوا ركعتين وسجدتين بالإيماء، وإن لم يقدروا / على الإيماءِ؛ (لا يُجْزِئهمُ التَّكبيرُ) أي: وحدَهُ بدونِ الإيماءِ) انتهى، وقالَ في «المقاصدِ»: (في تفسيرِ قولِهِ: (أخَّروا الصَّلاةَ)؛ أي: كانَ يشرعُ تأخيرٌ؛ كالظُّهرِ والمغربِ، وإلَّا فلا يجوزُ الإخراجُ عن الوقتِ عمدًا، بل يصلُّونَ كيفَ تيسَّرَ بالإيماءِ) انتهى، وفي «القسطلانيِّ»: (فإن لم يقدروا على الإيماءِ بسببِ اشتغالِ الجوارحِ لأنَّ الحربَ إذا بلغَ الغايةَ في الشِّدَّةِ؛ تعذَّرَ الإيماءُ على المقاتلِ؛ لاشتغالِ قلبِهِ وجوارِحِهِ عندَ القتالِ؛ أخَّروا الصَّلاةَ حتَّى ينكشفَ القتالُ، أو يأمنوا فيُصلُّوا ركعتين، فإن لم يقدروا على صلاةِ ركعتينِ بالفعلِ وبالإيماءِ صلُّوا ركعةً وسجدتَين، وإن لم يقدروا على صلاةِ ركعةٍ وَسجدَتين فلا يجزئهم التَّكبيرُ، خلافًا لمن قالَ: إذا التقى الزَّحفانِ، وحضرتِ الصلاةُ؛ يجزئهم التَّكبيرُ عن الصلاةِ بلا إعادةٍ) انتهى
          أقولُ: تفسيرُ الكرمانيِّ لكلامِ الأوزاعيِّ أوفقُ بقولِ مكحولٍ؛ كما يجيءُ آنفًا؛ فتأمَّل.
          قولُهُ: (وَبِهِ قالَ مَكْحُول) أي: بقولِ الأوزاعيِّ قالَ مكحولٌ، ولفظُهُ: إذا لم يقدرِ القومُ على أن يصلُّوا على الأرضِ؛ صلُّوا على ظهرِ الدَّوابِّ ركعتين، فإن لم يقدروا؛ صلُّوا ركعةً وسجدتَينِ، فإن لم يقدروا؛ أخَّروا الصلاةَ حتَّى يأمنوا، فيصلُّوا بالأرضِ؛ كذا في «القسطلانيِّ».
          قولُهُ: (حَضَرْتُ مُناهضةَ حِصْنِ تُسْتَر) بضمِّ الفوقانيَّةِ الأولى وفتحِ الثانيةِ وسكونِ المهملةِ بينهما وبالراءِ: هي مدينةٌ مشهورةٌ؛ أي: حضرت منازلَها، ومنهوضَ النَّاسِ إلى قتالها، وقيلَ: قهرها وغلبتها.
          قولُهُ: (فَلَم يَقْدِرُوا عَلى الصَّلاةِ) لعجزهم عن النُّزولِ، أو عن الإيماءِ، فيوافقُ السَّابقَ عنِ الأوزاعيِّ.
          قولُهُ: (بِتِلكَ الصَّلاةِ) الباء للمقابلةِ؛ أي: بدلَ تلكَ الصَّلاةِ.