انتقاض الاعتراض

باب قول الله تعالى: {وواعدنا موسى ثلاثين ليلةً}

          ░25▒ (بابٌ: قوله تعالى:(1) {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً} [الأعراف:142])
          قوله عقب الآثار المذكورة في قصَّة موسى {جَعَلَهُ دَكًّا} [الأعراف:143] فقال: دَكَّهُ زَلْزَلَهُ، فَدُكَّتَا كقولهِ(2) فَدُكِكْنَ، جَعَلَ(3) الْجِبَالَ كَالْوَاحِدَةِ، كما قال: {أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا} [الأنبياء:30] كقوله(4) ولم يقل: كنْ لي رتقًا.
          قال (ح):(5) ذكر هذا استطرادًا إذ لا تعلُّق له بقصَّة موسى.
          قال (ع):(6) بل ذكره(7) تنظيرًا لما قبله. /
          قلت:(8) ما ادَّعى أحد اللُّزوم أو التَّجويز، فلا يدفع، فإذا استوى الاحتمال، فنسبة الوهم للفِرَبْري أقرب مِن نسبته إلى البخاريِّ.
          قوله في حديث ابن عمر: «أَعْوَرُ عَيْنِهِ الْيُمْنَى».
          قال (ح):(9) رواه الأَصِيلي برفع عينه، كأنَّه وقف على وصفه بأنَّه أعور، وابتداء الخبر عن(10) صفة عينه فقال: عينه كأنَّ(11) كذا، وأبرز الضَّمير، وفيه نظرٌ؛ لأنَّه يصير كأنَّها عِنبة، ويحتمل الرَّفع(12) على البدل مِن الضَّمير في «أعور» على الموصوف، وهو بدل بعض مِن كلٍّ.
          قال (ح)(13) : لا حاجة إلى هذا التخبيط؛ يذكر وجهًا في إعرابه ثم يقول: فيه نظر، والأولى أن تكون «عينه» بالرَّفع بدلًا مِن قوله: «أعور».
          قلت: فما زاد على ذكر الإِعرابين إلَّا الإِساءة(14).
          قوله في أواخر باب ذكر بني إسرائيل: فقال: «لقد رأيته(15) كابرًا عن كابر» أي: كبير عن كبير في العزِّ والشَّرف.
          قال (ع):(16) سبقه إليه الكِرْماني، وليس كذلك، وإنَّما هو: ورثت هذا المال عن آبائي وأجدادي، حال كون كلِّ واحد منهم كابرًا، أي: كبيرًا ورثه عن كبير.
          قلت: لم يزد(17) على أنْ قصره(18) على الآباء والأجداد، وهو تحكم،؛ فإنَّ المورِّث(19) أعمُّ مِن ذلك، فبقي الأعمُّ وهو الصَّواب، / وثبت الأخصُّ.
          (20) «بَيْنَمَا كَلْبٌ(21) يَطِيفُ(22) بِرَكْيَةٍ(23) كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ إِذْ رَأَتْهُ(24) بَغِيٌّ...» الحديثَ.
          قال (ح):(25) تقدَّم في كتاب الشرب، وفي كتاب الطَّهارة أنَّ صاحب القصَّة(26) كان رجلًا، فيحتمل أنَّ القصَّة تعدَّدت.
          قال (ع):(27) بل يقطع بأنَّهما(28) قضيتان، وإنَّما يُقال: يحتمل أن لو كانت لواحد.
          هذا لفظه، ودعواه القطع مقطوع بردِّها(29)، فاحتمال اتِّحاد القصَّة وغلط أحد الرَّاويين(30) لعدم عصمةِ كلِّ منهما موجود(31).
          قوله في حديث معاوية: فذكر قوله: «أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ»، لما رأى قصَّة الشَّعر الَّتي تصلها المرأة بشعرها.
          قال (ح):(32) فيه إشارة إلى أنَّ العلماء قد قُتلوا؛ لأنَّ غالب الصَّحابة إذ ذاك كانوا ماتوا،(33) وكأنَّه رأى بعض الجهَّال مِن العوَّام صنعوا ذلك فأراد أن يذكر علماءهم وتعريفهم(34) بما تركوه مِن إنكار ذلك.
          قال (ع):(35) إن كان غالب الصَّحابة مات، فقد قام مقامهم أكثر عددًا منهم مِن علماء التَّابعين، فلم يكن معاويةُ قطُّ قصد هذا المعنى، وإنَّما قصد الإِنكار عليهم بإهمالهم إنكار هذا المنكر، وغفلتهم عن إنكاره.
          قلت: قدم(36) / على نفي العلم المحتمل وجزم بما زعم أنَّ معاوية قصده، والحامل استبعاد أن تكون العلماء إذ ذاك كانوا قليلًا، فاستلزم ذلك عنده...على عدم إنكار المنكر، ولا يخفى فساده، وقد ذكرت عدَّة اعتذارات عن عدم إنكارهم حذفها هذا المعترض ليتمَّ اعتراضه الفاسد، فأوقعه بعينه في المحذور، وللَّه الأمر.


[1] قوله : «بابٌ: قوله تعالى » غير واضحة في (د).
[2] قوله: «كقوله» ليس في (س).
[3] في (ظ): «جبل».
[4] قوله: ((كقوله)) زيادة من (س).
[5] قوله : «(ح)» بياض في (د).
[6] قوله : «(ع)» غير واضحة في (د).
[7] في (س): «ذكر».
[8] قوله : «قلت » بياض في (د).
[9] قوله : «(ح)» بياض في (د).
[10] قوله: «عن» ليس في (س).
[11] في (د) و(س) و(ظ): «كأنها ».
[12] في (س): «أنه».
[13] قوله : «(ح)» غير واضحة في (د).
[14] في (س): «إساءة».
[15] هكذا في الأصول، والصواب: ((ورثته)).
[16] قوله : «(ع)» غير واضحة في (د).
[17] في (س): «يرد».
[18] في (س) و(ظ): «قصده».
[19] في غير الأصل: «الموروث».
[20] في(د): قبلها بياض بمقدار كلمة.
[21] قوله: «كلب» ليس في (س).
[22] في (س): «لطيف».
[23] في (س) و(ظ): «تركته».
[24] في (س): «أراد أنه».
[25] قوله : «(ح)» بياض في (د).
[26] في (ظ): «الفضة».
[27] قوله : «(ع)» غير واضحة في (د).
[28] في (س): «أنهما».
[29] في (س): «يردها».
[30] في (س): «الروايتين».
[31] في (س): «وجود».
[32] قوله : «(ح)» بياض في (د).
[33] في (س): «قالوا».
[34] في (س) و(د): «وتعريتهم».
[35] قوله : «(ع)» بياض في (د).
[36] في (س): «أقدم».