انتقاض الاعتراض

باب: لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته

          ░30▒ (بابٌ: لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ / يَرْجِعَ فِي وهبَتِهِ(1) )
          اعتُرض على هذه الترجمة بأنَّها نكرة في سياق النفي، فتعمُّ(2) بجواز رجوعِ الوالد فيما وهب لولده.
          قال (ح)(3) : لعلَّه كان يرى صحَّة الرجوع، وإنْ كان يحرم عليه بغير عذر.
          قال (ع)(4) : سبحان اللَّه ما أبعد هذا عَن(5) منهج الصَّواب؛ لأنَّه كيف يرى صحَّة شيء مع كونه حرامًا، وبين الصِّحَّة والحرام منافاة.
          قلت: ما نفاه مردود، ولذلك أمثلةٌ: فالصَّلاة في الأرض المغصوبة تحرمُ وتصحُّ، بمعنى أنَّها تجزئُ وتُسْقِطُ الطلبَ، وكالبيع المستوفي الشروطَ في وقت النداء، يصحُّ العقدُ ويَحْرُمُ الفعل، ومن لا يستحضرُ مثلُ هذا فما باله يهجم بالاعتراض.
          ثم قال (ح)(6) : أخرج الطَّحَاويُّ الحديث(7) بلفظ: «لا يحلُّ لواهب أن يرجع في هبته» وقال لفظ: «لا يحل»(8) لا يستلزم التَّحريم، وإنَّما معناه لا يحلُّ له مِن حيث يحلُّ لغيره، وأراد بذلك التَّغليظَ في الكراهة(9).
          قال: وكذا قوله: «كالكلب» بل يدلُّ على عدم التحريم؛ لِأَنَّ الْكَلْبَ ليس بمُتَعَبِّدٍ(10)، فَالْقَيْءُ لَيْسَ حَرَامًا عَلَيْهِ، وإنما الْمُرَادُ التَّنْزِيهُ عن التشبيهِ(11) بفعلِ الكلب، وهذا الذي تأَوَّله مُسْتَبْعَدٌ ومنافرٍ لسياقِ الأحاديث(12)، وإنْ عُرْفَ الشَّرعِ في مثل(13) هذا: إرادةَ المبالغة في الزَّجر كقوله: «من لَعِبَ بالنَّرْدَشِيرِ فَكَأَنَّمَا غَمَسَ يَدَهُ فِي لَحْمِ الْخنْزِيرِ وَدَمِهِ(14)».
          قال (ع)(15) : المستبعد ما قاله هذا، حيث لم / يبيِّن وجه الاستبعاد ولا وجه المنافرة، ونحن ما ننفي المبالغة فيه بل نقول: المبالغةُ للتغليظ في الكراهة(16)، وقُبْحُ هذا الفعل، ومع ذلك لا يقتضي منع الرُّجوع.


[1] قوله: «بابٌ: لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَن يَرْجِعَ فِي وهبَتِهِ » غير واضحة في (د)، وفي (س): «هبته».
[2] في (س): «فيعم».
[3] قوله: «(ح)» غير واضحة في (د).
[4] قوله: «(ع)» بياض في (د).
[5] قوله: «عن» ليس في (س).
[6] قوله: «(ح)» بياض في (د).
[7] في (س): «والحديث».
[8] قوله: ((«لواهب أن يرجع في هبته» وقال لفظ لا يحل)) زيادة من (د) و(س).
[9] في (س): «الكراهية».
[10] في (س): «بمسند».
[11] في (س): «النسبة».
[12] في (س): «الحديث».
[13] قوله: «مثل» ليس في (س).
[14] قوله: «ودمه » ليس في (د) و(س).
[15] قوله: «(ع)» بياض في (د).
[16] في (س): «الكراهية».