مصابيح الجامع

حديث: يقول الله: يا آدم فيقول: لبيك وسعديك والخير في يديك

          6530- (فَإنَّ مِنْكُمْ رَجُلًا، ومِنْ يَأْجُوجَ وَمأْجُوجَ أَلْفاً) قال الزركشي: كذا لبعضهم على أنه (1) مفعول لـ((يخرج(2))) المذكور في أول الحديث؛ أي: فإنه (3) يُخرج منكم كذا(4).
          قلت: مراده أنه مفعولٌ بفعل يدلُّ عليه ((أَخْرِجْ(5))) المذكورُ أولاً؛ / إذ لا يُتصور أن يكون مفعولًا بنفس ذلك الفعل، ففي عبارته تساهلٌ ظاهر، ثم إعرابه على هذا الوجه يقتضي حذفَ الضمير المنصوب بـ((أن))، وهو عندهم قليل.
          وابنُ الحاجب صَرَّح بضعفه (6)، مع أنه لا داعي إلى ارتكابه، وإنما الإعرابُ الظاهرُ فيه (7) أن يكون ((رجلاً)) اسم ((إن))، و((منكم)) خبرها متعلق (8) بـ((يخرج)) أي(9) : فإن رجلاً يخرجُ منكم، و((من يأجوج ومأجوج)) معطوف على ((منكم))، و((ألفاً)) معطوف على ((رجلاً)).
          فإن قلت: إنما يُقَدَّرُ متعلقُ الظرف والجار والمجرور المخبَرِ بهما مثلًا كوناً مطلقاً؛ كالحصول، والوجود؛ كما قدره النحاة، فكيف قدرته كوناً خاصاً؟ وهل هذا إلَّا عدولٌ عن طريقتهم، فما السبب فيه؟
          قلت: تمثيلُ النحاة بالكون والحصول إنما كان؛ لأن غرضَهم لم يتعلَّقْ بعامل بعينِهِ، وإنما تعلَّق بالعامل من حيث هو عاملٌ، وإلا فلو كان المقام يقتضي تقديرَ خاصٍّ لقدَّرناه.
          ألا ترى أنه لو قيل: زيدٌ على الفرس؛ لقدرت: راكبٌ، وهو أحسنُ (10) من تقدير: حاصلٌ، ولا يَتردد في جواز مثله مَنْ له ممارسةٌ بفن العربية، ويروى: برفع ((رجل))، و((ألف))، فهنا نلتجئ إلى أن نقدر اسم ((إن)) محذوفاً؛ أي: فإنَّه، والضمير للشأن، والجملة الاسمية بعده خبر ((إن)).
          ويروى: برفع <ألف>، ونصب <رجل>، وهي رواية الأصيلي، ووجهُها أن يكون ((ألف(11))) مرفوعاً على اسم ((إن)) باعتبار المحل، وهو هنا جائز بالإجماع؛ لأنه بعد مضي الخبر، ويحتمل أن يكون مبتدأ، وخبره الجار والمجرور المتقدِّمُ عليه، والجملةُ معطوفةٌ على الجملة المتقدمة المصدَّرَة (12) بـ((أن))، وبهذا يُعلم أن قول الزركشي: رفعُه على خبر مبتدأ محذوف، أو على مبتدأ (13) مؤخَّر مقدر؛ أي: المخرَجُ ألفٌ، أو ألفٌ منهم يخرج، ليس على ما ينبغي، فتأملْه.
          (أَو كالرَّقْمَةِ(14)) أي: الخَطِّ(15).


[1] في (ق): ((لبعضهم على زنة)).
[2] في (ج): ((مفعول يتخرج))، وفي (ق): ((مفعول فأخرج)).
[3] في (ق): ((فإن)).
[4] ((كذا)): ليست في (ج) و(ف).
[5] في (ف): ((إخراج)).
[6] في (ق): ((صرح به فضعفه)).
[7] ((فيه)): ليست في (ج) و(ف).
[8] في (ق): ((تعلق)).
[9] ((أي)): ليست في (ف).
[10] في (ج) و(ق): ((أمس)).
[11] في (ق): ((الألف)).
[12] في (ق): ((المتقدرة)).
[13] ((محذوف أو على مبتدأ)): ليست في (ج).
[14] في (ق): ((كالرفة)).
[15] في (ج): ((الخلط)).