تغليق التعليق

باب قول الله تعالى: {ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له}

          ░32▒ قولُهُ: باب قول الله تعالى: {وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إلَّالِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ:23] .
          وقال مسروق عن ابن مسعود قال: إذا تكلَّم الله بالوحي؛ سمع أهل السماوات شيئًا، فإذا فزع عن قلوبهم وسكن الصوت؛ عرفوا أنَّه الحقُّ من ربكم(1) ونادوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا: الحقَّ.
          ويُذكر عن جابر عن عبد الله بن أنيس قال: سمعت النَّبيَّ صلعم يقول: «يَحْشُرُ اللهُ العِبَادَ، فَيُنَادِيهِم بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَما يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ: أَنَا المَلِكُ، أَنَا الدَّيَّانُ».
          أمَّا حديث مسروق؛ فقال البخاريُّ في كتاب (خلق أفعال العباد): حدَّثنا عبدان عن أبي حمزة، عن الأعمش، عن أبي الضُّحى، عن مسروق؛ فذكره سواءٌ.
          تابعه شُعبة، والمحاربيُّ، وجرير، عن الأعمش في وقفه.
          وكذا رواه الثَّوريُّ، وفضيل بن عياض، عن منصور، عن أبي الضُّحى موقوفًا.
          ورواه ابن عُيينة عن الحسن بن عبيد الله، عن أبي الضُّحى ببعضه مرفوعًا، وقد رواه أبو(2) معاوية عن الأعمش مرفوعًا، لكنَّه لم يذكر فيه: وسكن الصَّوت.
          ووقع لنا عاليًا جدًّا من حديث أبي معاوية: قرأته على إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد: أخبركم أبو بكر بن أحمد بن عبد الدَّائم في كتابه: أنَّ محمَّد بن إبراهيم الإربليَّ أخبره عن شهدة بنت أحمد بن عمر سماعًا عليها: أخبرنا طراد بن محمَّد بن عليٍّ الزينبيُّ: أخبرنا هلال بن محمَّد الحفَّار: حدَّثنا الحسين بن يحيى بن عيَّاش: حدَّثنا عليُّ بن إشكاب: حدَّثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن أبي الضُّحى به.
          رواه أبو داود في «السُّنن» وابن خزيمة في «التَّوحيد»؛ كلاهما عن عليِّ بن إشكاب وغيره، فوافقناهما فيه بعلوِّ درجتين على طريقتهما.
          ورواه ابن حبَّان في «صحيحه» عن محمَّد بن المسيَّب، عن عليِّ بن إشكاب أيضًا، [كذا رواه وكيع وابن نمير، عن الأعمش] .
          وهكذا رواه الحسن بن محمَّد الزَّعفرانيُّ عن أبي معاوية مرفوعًا، ولكن رواه الإمام أحمد عن أبي معاوية فوقَّفه. /
           [وأخبرنا به عبد القادر بن محمَّد بن عليٍّ الدِّمشقيُّ: حدَّثنا فيما قُرئَ على زينب المقدسيَّة وهو يسمع، عن محمَّد بن عبد الكريم: أخبرنا أبو الخير بن يوسف: أخبرنا أبو سعد بن حشيش: أخبرنا أبو عليِّ بن شاذان: أخبرنا سَمْعون بن إسحاق: حدَّثنا أحمد بن عبد الجبَّار: حدَّثنا أبو مقرن عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رجل من أهل الكتاب: إنَّ الله ╡ يحمل الخلائق على إصبع، والشَّجر على إصبع، والأرضين على إصبع، قال: فضحك رسول الله صلعم حتَّى بدت نواجذه، فأنزل الله ╡: {وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ}](3) [الأنعام:91] .
          وأمَّا حديث جابر؛ فقرأت على الإمام أبي الحسن بن أبي بكر: أخبركم محمَّد بن إسماعيل بدمشق: أنَّ المسلم بن علان أخبره: أخبرنا أبو عليٍّ الرُّصافيُّ: أخبرنا أبو القاسم الشَّيبانيُّ: أخبرنا أبو عليٍّ الواعظ: أخبرنا أبو بكر بن مالك: حدَّثنا عبد الله بن أحمد بن محمَّد بن حنبل: حدَّثني أبي: حدَّثنا يزيد بن هارون
          (ح): وقرأته عاليًا على فاطمة بنت المنجى بدمشق عن سليمان بن حمزة: أنَّ الضِّياء محمَّد بن عبد الواحد أخبره: أخبرنا زاهر بن أبي طاهر: أنَّ الحسين بن عبد الملك أخبره: أخبرنا إبراهيم بن منصور: أخبرنا محمَّد بن إبراهيم: حدَّثنا أبو يعلى أحمد بن عليِّ بن المثنَّى: حدَّثنا شيبان بن فروخ؛ قالا: حدَّثنا همَّام بن يحيى عن القاسم بن عبد الواحد المكِّيِّ عن عبد الله بن محمَّد بن عقيل: أنَّه سمع جابر بن عبد الله يقول: بلغني عن رجلٍ حديثٌ سمعه من رسول الله صلعم، فاشتريت بعيرًا، ثمَّ شدَدت رحلي، فسرت إليه شهرًا حتَّى قدمت الشَّام، فإذا عبد الله بن أنيس، فقلت للبوَّاب: قل له: جابر على الباب، فقال: ابن عبد الله؟ قلت: نعم، فخرج يطأ ثوبه، فاعتنقني واعتنقته، فقلت: حديثًا بلغني عنك أنَّك سمعته من رسول الله صلعم في القِصاص، فخشيتُ أن تموتَ أو أموتَ قبل أن أسمعه، فقال: سمعت رسول الله صلعم يقول: «يَحْشُرُ اللهُ النَّاسَ يَوْمَ القِيَامَةِ»، أَوْ قَالَ: «العِبَادَ عُرَاةً غُرْلًا بُهْمًا» قال: قلنا: وما بُهْمًا؟ قال: «لَيْسَ مَعَهُمْ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ: أَنَا الدَّيَانُ، أَنا المَلِكُ، لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَدْخُلُ النَّارَ، وَلَهُ عِنْدَ أَحِدٍ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ حَقٌّ حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الجَنَّةَ، وَلِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ عِنْدَهُ حَقٌّ حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ، حَتَّى اللَّطْمَةَ» قال: قلنا: كيف وإنَّا إنَّما نأتي عُراةً غُرلًا بُهمًا؟ قال: «الحَسَنَاتُ، وَالسَّيِئَاتُ»، هذا لفظ أحمد عن يزيد.
          وفي رواية شيبان عن همَّام: حدَّثنا القاسم: حدثنا عبد الله بن محمَّد: أنَّ جابر بن عبد الله حدَّثه، فذكره إلى أن قال: حتَّى قدمت الشَّام فأتيت عبد الله بن أنيس الأنصاريَّ فقمت، فاستأذنت، فذكره.
          وكذا رواه الطَّبرانيُّ في «المعجم الكبير» من حديث شيبان وهدبة بن خالد، عن همَّام.
          ورواه البخاريُّ في «خلق أفعال العباد» له عن داود بن شبيب، عن همَّام مختصرًا، ولفظه كما في هذا السِّياق المعلَّق، وزاد بعد قوله: الدَّيَان: «لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الجَنَّةَ وَأَحَدٌ مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَطْلُبُهُ بِمَظْلَمَةٍ».
          ورواه في «الأدب المفرد» عن موسى بن إسماعيل، عن همَّام بطوله.
          وقد وجدت لعبد الله بن محمَّد بن عقيل متابعًا فيه: قال الطَّبرانيُّ في «مسند الشَّاميين»: حدَّثنا الحسن بن جرير الصوريُّ: حدَّثنا عثمان بن سعيد الصيداويُّ: حدَّثنا السليم(4) بن صالح: حدَّثنا عبد الرَّحمن بن ثابت بن ثوبان عن الحجَّاج بن دينار، عن محمَّد بن المنكدر، عن جابر قال: كان يبلغني عن النَّبيِّ صلعم حديثه في القصاص، وكان صاحب الحديث بمصر، فاشتريت بعيرًا، فسرت حتَّى وردتُ مصر، فقصدت إلى باب الرَّجل...؛ فذكر الحديث بتمامه وأتمَّ منه، وقال في آخره: والرَّجل الذي حدَّثه: عبد الله بن أنيس.
          وأخبرني بهذا الحديث الحافظ أبو الفضل بن الحسين: أنَّ عبد الله بن محمَّد بن إبراهيم أخبره: أخبرنا عليُّ بن أحمد: أخبرنا عبد الصَّمد بن محمَّد: أخبرنا عبد الكريم بن حمزة: أخبرنا عبد العزيز بن أحمد: حدَّثنا تمَّام بن محمَّد: أخبرنا أبو يعقوب الأذرُعيُّ: حدَّثنا أبو عليٍّ الحسن بن جرير به نحوه، ووقع في روايته: المسلم بن صالح.


[1] (الحق من ربكم): سقط من المطبوع.
[2] (أبو): ليس في المطبوع.
[3] ما بين معقوفين ليس في المخطوط.
[4] في متن الأصل (سليمان)، مضبَّب عليها، وقوَّمها في الهامش نقلًا عن خط المؤلف إلى المثبت.