الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري

حديث: أول ما بدئ به رسول الله من الوحي الرؤيا الصادقة

          6982- قوله: (فَأَخْبَرَنِي) إنَّما ذكر الفاء إشعارًا بأنَّه روى له حديثًا ثمَّ عقَّبه بهذا الحديث فهو عطفٌ على مقدَّرٍ، و(الصَّادِقَةُ): أي المطابقة للواقع، و(رؤْيَا): بلا تنوين غير منصرفٍ، و(فَلَقِ): بفتح الفاء ضوء (الصُّبْحِ) وشقِّه مِن الظلمة وافتراقها منه، و(حِرَاءً): بالكسر والمدِّ جبلٌ مشهورٌ على يسار الذاهب مِن مكَّة إلى منى، وقد يُؤنَّث ويصرف، و(هُوَ التَّعَبُدُ): تفسيرٌ للتحنُّث الذي في ضمن (يَتَحَنَّثُ) وهو إدراجٌ مِن الراوي، و(اللَّيَالِيَ): مفعول (يَتَحَنَّثُ).
          و(ذَوَاتِ): بالكسر أي كثيرةِ، و(فَجِئَهُ): بلفظ الماضي مِن الفجأة أي (جَاءَهُ) الوحي بغتةً، و(غَطَّنِي): أي ضغطني، و(الجَُهْدَُ): بالضمِّ والفتح الطاقة، وبالفتح الغاية وبرفع الدال ونصبها.
          وفائدة الضغط تنبيهه واستحضاره ونفي منافيات القراءة عنه، والبَوادِر جمع البادرة وهي اللحمة بين العنق والمنكب.
          و(الرَّوْعُ): بفتح الراء الفزع، و(خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي): من أن يكون مرضًا أو عارضًا مِن الجنِّ، وقالوا: الأولى خشيت أنِّي لا أقوى على تحمُّل أعباء الوحي ومقاومته.
          و(لَا يُحْزِنْكَ): مِن الحزن والإحزان والإخزاء، (وَتَحْمِلُ الكَلَّ): أي الثقل مِن الناس، و(ورَقَةَ): بفتح الواو والراء والقاف، (ابْنَ نَوْفَلِ): بفتح النون والفاء، و(قُصَيٍّ): بضمِّ القاف وخفَّة المهملة وشدَّة التحتانيَّة، و(أَخُو أَبِيهَا): هو خبر مبتدأٍ محذوفٍ، أي هو يعني (أَخُو أَبِيهَا).
          وفائدته : دفع المجاز في إطلاق العمِّ فيه، والعِبري والعِبراني بكسر المهملة.
          فإن قلتَ: لم يكن رسول الله صلعم ابنَ أخي وَرَقَة. قلتُ: قاله تعظيمًا وإظهارًا للشفقة، و(النَّامُوسُ): صاحب السرِّ يعني جبريل، و(الجَذَع): _بالجيم والمعجمة المفتوحتين_ الشابُّ القوي.
          فإنْ قلتَ: بم انتصب؟ قلتُ: تقديره (لَيْتَنِي) أكون (جَذَعًا) أو هو على مذهب مَن ينصب بليت الجزئين أو حالٌ، و(أَوَمُخْرِجِيَّ): الهمزة للاستفهام والواو للعطف على مقدَّرٍ بعدها، و(هُمْ) مبتدأٌ، و(مُخْرِجِيَّ): خبره، و(مُؤَزَّرًا): مِن التأزير بالزاي قبل التحتانيَّة وبالراء بعدها وهو التقوية والتشديد، و(لَمْ يَنْشَبْ): بفتح الشين المعجمة أي لم يلبث، مرَّ الحديث مبسوطَ الشرح في أوَّل «الجامع» [خ¦3].
          قوله: (حَزِنَ) بكسر الزاي، و(فِيمَا بَلَغَنَا): أي في جملة ما بلغ إلينا مِن رسول الله صلعم .
          فإن قلتَ: مِن هاهنا إلى آخر الحديث يثبت بهذا الإسناد أم لا؟ قلتُ: لفظه أعمُّ مِن الثبوت به أو بغيره لكن الظاهر مِن السياق أنَّه بغيره، و(عَدَا) بإهمال العين، وفي بعضها بإعجامها، و(يَتَرَدَّى) يسقط، و(الشاهق) المرتفع العالي مِن الجبل وغيره، و(أَوْفَى): أشرف، والذروة _بالكسر والفتح والضمِّ_ الأعلى، و(تَبَدَّى) ظهر، و(الجَأْش) _بالهمز وغيره_ النفس والاضطراب.
          اعلم أنَّ عائشةَ ♦ لم تدرك ذلك الوقت، فإمَّا أنْ سمعته مِن النبيِّ صلعم أو مِن صحابيٍّ آخر.