الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري

باب: {وعلى الوارث مثل ذلك}

          ░14▒ (بَابٌ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ).
          قال ابن بطال: اختلفوا في معنى مثل ذلك، فقيل: هو لا يضارَّ.
          وقيل: هو مثل كان على الوالد من أجر الرضاع إذا كان الوالد لا مال له، وكذا في الوارث، فقيل: هو عامٌّ لكلِّ من كان من الورثة، وقيل: من كان ذا رحم محرم للمولود، وقيل: هو المولود نفسُه، وقيل: هو وارثٌ كان رجلاً دون المرأة، وقيل: هو الباقي من الوالدين، وقال الثوريُّ: إن بقي الأم والعم فعلى ذلك واحد رضاعُه بقدر ميراثِه وإلى ردِّ هذا القول أشار البخاريُّ بقولِه: وعلى المرأة منه شيء؟ أي: من رضاع الصبي ومؤنتِه، وشبَّه ميراث المرأة من الوارث بمنزلة الأبكم الذي لا يقدر على النطق من التكلم، وجعلها كَلَّاً على من يعولها.
          قال شارح التراجم: مقصود البخاريِّ الردُّ على من أوجب النفقة والإرضاع على الأم بعد الأب، وذلك لأن الأم كل على الأب، ومن تجب نفقتُه على غيرِه كيف تجب عليه لغيرِه، وحمل حديث أم سلمة على التطوع لقوله: (لَكِ أَجْرُهُ)، وحديث هند إذا أباح لها أخذها من مالِه دلَّ على سقوطها عنها، وكذلك بعد وفاتِه.
          قال: وفي استدلالِه نظر إذ لا يلزم من السقوط عنها في حياة الأب القائم بمصالحِه السقوط بعد.
          أقول: يُحتمل أن يُقال: الترجمة ذات جزئين، ومقصودُه من الحديث الأول الجزء الأول منها، ومن الثاني الجزء الثاني، وهو أنه ليس على المرأة شيء أي: عند وجود الأب، وإنما قيَّدناه ليُتصوَّر كون الأم كَلَّاً على الأب، وهذا أظهر.