مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الصاد مع الباء

          الصَّاد مع الباء
          1424- قوله: «هذا الصَّابئ» [خ¦3522]، و«أَوَيْتُم الصُّباةَ» [خ¦3950] جمعُ صابٍ، مثل: رامٍ ورماة، سُهِّل همزتُه ثمَّ حُذِفَتْ، ومن أظهرَ الهمزةَ قال: «الصَّبَأَة» مثل: كافر وكَفَرَة، وصابئون مثلُ كافرين، ومعناه: الخارجُ من دينٍ إلى دينٍ، و«الصَّابون» أهلُ ملَّةٍ تُشبِهُ النَّصرانيةَ وتخالفُها في وجوهٍ تعلَّقوا فيها بشيءٍ من اليهوديَّةِ، فكأنَّهم خرجوا من الدِّينَين إلى ثالثٍ، ومنهم من يعبُدُ الملائكةَ، ومنهم من يعبدُ الدَّراريَّ، وقِبلةُ صلاتِهم من جهةِ مهبِّ الجنوبِ، ويزعُمون أنَّهم على دينِ نوحٍ.
          وقوله: «أَصَبَوتَ»، كذا الرِّوايةُ؛ أي: أصبأتَ، وقريشٌ تسهِّلُ الهمزةَ، فأمَّا صبا يصبو فمن الصَّبا، والمصدر صَباءٌ بالفتحِ والمدِّ، وصُبُوَّاً مثل علا يعلو عَلاءً وعُلُوَّاً، والاسمُ الصِّبا والصَّبوَةُ، وهي أخلاقُ الشَّبيبةِ، وكذلك من الفِتنةِ.
          1425- قوله: «لَترجِعُنَّ بعدي أَساوِدَ صُبَّاً» بضمِّ الصَّادِ وشدِّ الباءِ، الأساودُ نوعٌ من الحيَّاتِ عِظَامٌ، فيها سوادٌ، هي أخبثُها، والصُّبُّ منها التي تنهشُ ثمَّ ترتفعُ ثمَّ تنصبُّ، شبَّههم فيما يتولَّونه من الفتنِ والقتلِ والأذى بالصُّبِّ من الحيَّاتِ، وقيل: صُبَّاً صفةٌ للرِّجالِ، جمعُ صابٍ، مثلُ غازٍ وغُزَّىً، ورواه بعضُهم «صباءً» ممدودٌ جمع صابئٍ؛ أي: تكونون على غيرِ ما أنتم عليه خارجين عن هديي وسنَّتي إلى الفتنِ والضَّلالِ.
          وقوله: «ولم يبقَ إلَّا صُبابةٌ» يعني: بقيَّةً يسيرةً من الشَّرابِ في الإناءِ.
          وقوله: «صَبيبُ السَّيفِ» [خ¦4039] قال الحربيُّ: أظنُّه طرفَه.
          وقولها: «أَصُبُّ لهم / ثمنَكِ صَبَّةً واحدةً» [خ¦2564]؛ أي: أدفعُه دَفعةً واحدةً غيرَ مقطَّعٍ، وأصلُ ذلك صبَّه من كِفَّةِ الميزانِ.
          1426- قوله: «من تصبَّحَ كُلَّ يومٍ بسبعِ تَمَراتٍ» [خ¦5445]؛ أي: أكلَها صبيحةَ كلِّ يومٍ.
          وقولها: «أنامُ فأتصبَّحُ» [خ¦5189]؛ أي: أنامُ الصُّبْحَةَ، وهي نومةُ الضُّحى، تريدُ أنَّها مخدومةٌ مكفيَّةُ المؤنةِ [مرفَّهةٌ].
          وقوله: «كلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ في أهلِه» [خ¦1889] يحتملُ أن يريدَ ما ذكرناه من نومِه صباحاً في أهلِه، أو من كونِه فيهم صباحاً، أو يُسقى صبوحَه؛ وهو شربُ الغداةِ، ومنه: «صَبَّحناهم»، و«صبَّحنا خيبرَ» [خ¦4198] يقال: صبَّحَه أتاه وقتَ الصُّبحِ، كلُّه مشدَّدٌ.
          و«صَبَحَتْهم الخيلُ» مخفَّفٌ، وكذلك صَبحةُ الشَّرابِ، وكذلك صبيحةُ الشَّرابِ، وفي صُبحةِ اللَّيلِ بالضَّمِّ؛ أي: صباحِه، و«رأيتُني أسجدُ من صَبْحَتِها» [خ¦2027]، ويُروى: «صَبِيحَتِها»، و«صُبْحِها»، والكلُّ بمعنًى.
          وقوله: «أصبِحي سِراجَكِ» [خ¦3798]؛ أي: أَوقِديه، والمصباحُ هو السِّراجُ سُمِّيَ بذلك؛ لأنَّه يُطلَبُ به الضِّياءُ، وهو الصُّبحُ.
          1427- و«يمينُ الصَّبرِ» [خ¦4549] هي التي تُلزِمُ، ويُجبرُ عليها حالفُها، ومنه: «ولا تَصْبرُ على اليمينِ حيثُ تُصْبرُ الأيمانُ» [خ¦3845] بالتَّخفيفِ، ولأبي الهيثمِ: «تصبَّر» بالشدِّ.
          و«صَبْرُ البهائمِ» [خ¦5513] حبسُها للرَّميِ، وهي المصبورةُ، وكأنَّه من الصَّبرِ؛ أي: كُلِّفَ أن يصبِرَ على هذا ويلتزِمَه.
          وقوله صلعم: «لا أحدَ أصْبرُ على أَذًى من الله»؛ أي: أشدُّ حِلْماً عن فاعلِ ذلك، وتركُ المعاقبةِ عليه، وهو مفسَّرٌ في الحديثِ: «يجعلونَ له نِدَّاً وولداً وهو يرزقُهم» .
          و«الصَّبورُ الحليمُ» الذي لا يعاجِلُ العصاةَ بالنِّقمةِ، بل يعفو ويؤخِّرُ ذلك إلى أجلٍ معلومٍ، والحليمُ مثلُه إلَّا أنَّ فيه الصَّفحَ مع القُدْرةِ والأمنَ من العقوبةِ، والصَّبورُ تُخشَى عاقبةُ أخذِه، فهذا فرقٌ بين الصَّبرِ والحلْمِ.
          وقوله للأنصارِ: «اصْبِروا» [خ¦2376]؛ أي: اثبُتوا على ما أنتُم عليه ولا تُخْفوا، وأصلُ الصَّبرِ الثَّباتُ.
          و«الصُّبْرةُ»، و«القَرَظُ المصبورُ» كلُّ ذلك المجتمِعُ بعضُه على بعضٍ.
          وقوله:«الصَّبرُ ضِياءٌ» يحتملُ ظاهره، وهو الصَّبرُ عن / الدُّنيا ولذَّاتِها، والأظهرُ هنا أنَّه الصَّومُ، كما جاء في بعضِ الرِّواياتِ، وسُمِّيَ الصَّومُ صبراً لثباتِ الصَّائمِ، وحبسِه نفسَه عن شهواتِه، وقيل ذلك في قوله تعالى: {اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ [وَالصَّلاَةِ]} [البقرة:45]؛ أي: الصَّومِ، وشهرُ رمضانَ: «شَهْرُ الصَّبرِ» قال ابنُ الأنباريِّ: الصَّبرُ: الحبسُ، والصَّبرُ: الإكراهُ، والصَّبرُ: الجرأةُ.
          1428- قوله: «فيُصْبَغُ في النَّارِ صَبغةً»؛ أي: يُغمَّسُ مرَّةً ويُغرَّقُ.
          وقوله: «ولَبِسَ ثياباً صَبيغاً»؛ أي: مصبوغةً ملوَّنةً، يقال: صبَغَ يصبُغُ صَبغاً، والصِّبغةُ الملَّةُ، ومنه: {صِبْغَةَ اللّهِ} [البقرة:138]، وأمَّا الصَّبْغةُ فالمرَّةُ من الصَّبغِ.
          1429- «نُصِرْتُ بالصَّبا» [خ¦1035] وهي [الرِّيحُ] الشَّرقيَّةُ، وهي القَبولُ، وهي التي تأتي من المشرقِ، وقيل: التي تخرجُ من وسطِ المشرقِ إلى القَطبِ الأعلى حِذاءَ الجَدْيِ، وقيل: ما بين مطلعِ الشَّمسِ إلى الجَدْيِ.