مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الدال مع الخاء

          الدَّال مع الخاء
          682- في حديثِ ابنِ صيَّادٍ: «هو الدُّخُّ» [خ¦1354] قيل: هو لغَة في الدُّخانِ، ويقال: بفتح الدَّال أيضاً، وأنشَدوا في ذلك(1) :
عند رُوَاقِ البيتِ يَغْشَى الدُّخَّا
          أراد ابنُ صيَّادٍ أن يقول «الدُّخَانُ»، فزجَره النَّبيُّ صلعم فلم يَستَطِع أن يُتِمَّ الكلمةَ، وقيل: هو نباتٌ يُوجَد بين النَّخيلِ، ورجَّح هذا الخَطَّابيُّ، وقال: لا معنى للدُّخانِ هاهنا، إذ ليس ممَّا يُخبَّأ، إلَّا أن يريد: بــ «خبَأتُ» معنى أضمَرتُ.
          قال أبو الفَضلِ: والأليقُ أنَّه الدُّخانُ، كما قد رُوِي «أنَّه أضمَر له من سُورةِ الدُّخانِ: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ} [الدخان:10 / فلم يَهتدِ من الآيةِ إلَّا لهذَينِ الحَرفَينِ من كَلِمةٍ ناقِصَةٍ لم يُتمَّها، على عادةِ الكُهَّان مِن اختِطَاف بعضِ الكلماتِ من أوليائهِم منَ الجنِّ أو من هَوَاجِس النَّفسِ، ولهذا قال له ◙: «اخسَأ؛ فلن تَعْدُوَ قدْرَك» [خ¦1354]؛ أي: ابْعُد كاهناً متخرِّصاً فلن تعدُوَ قدْرَ إدراكِ الكُهَّانِ ممَّن لا يصِلُ إلى حقِيقَةِ البيانِ والإيضاحِ.
          683- وقوله: «فلن أدَّخرَه عَنكُم» [خ¦1469] أصلُه من حَرفِ الذَّال المُعجمَة، فلمَّا أُدغِمَت في تاءِ افتَعَل انقَلَبَت دالاً، ومعناه: أقْتنِيه لنفسي واستَأثِر به دُونَكم.
          684- قوله: «وكان لنا جاراً ودَخِيلاً»؛ أي: مُداخِلاً ومخالِطاً وخاصَّاً، و«داخِلَة الإزار» هو الطَّرَفُ الذي يلي جَسَد المُؤتَزِرِ، وقيل: كنى به عن مَوضِعِه من البَدنِ، فقيل: مَذاكيرُه، وقيل: وَرِكه، قوله: «فليَنفُضه بداخِلَةِ إزارِه» [خ¦6320]؛ أي: بطَرفِه.
          685- و«هُدْنَة على دَخَن»، «وفيه دَخَنٌ» [خ¦3606]، الدَّخَنُ الدُّخانُ، أراد هُدنَةً غيرَ صافِيَة ولا خالصةٍ بل كَدِرةٍ، كالشَّيءِ الذي أصابه الدُّخان فغيَّر لونَه، وفي الحديثِ: «دَخَنُها من تحتِ قَدَمِ رجُلٍ من أهلِ بَيتي» يعني إثارَتَها شبَّهَها بانبِعاثِ الدُّخانِ من تحت الوَقُودِ.
          و«الدُّخْنُ» بضمِّ الدَّال وإسكان الخاءِ نوعٌ من القَطاني.


[1] رَجَزٌ لم ينسب لقائلٍ تمامُهُ كما في «مجالس ثعلب» 383:
~لا خيرَ في الشيخ إذا ما أجلخَّا                      وسال غَرْبُ عينه ولخَّا
~وكان أكْلاً قاعداً وشخَّا تحت                      رواقِ البيت يَغْشى الدُّخَّا