الجمع بين الصحيحين لابن الخراط

حديث: جاء أبو بكر إلى أبي في منزله فاشترى منه رحلًا

          3980- مسلمٌ: عَنْ أَبِي إسْحاقَ عَنِ البَراءِ بْنِ عازِبٍ قالَ: جاءَ أَبُو بَكْرٍ إِلى أَبِي فِي مَنْزِلِهِ فَاشْتَرى مِنْهُ رَحْلًا، فَقالَ لِعازِبٍ: ابْعَثْ مَعِيَ ابْنَكَ يَحْمِلْهُ مَعِي إِلى مَنْزِلِي، فَقالَ لِي أَبِي: احْمِلْهُ، فَحَمَلْتُهُ وَخَرَجَ أَبِي مَعَهُ يَنْتَقِدُ ثَمَنَهُ، فَقالَ لَهُ أَبِي: يا أَبا بَكْرٍ حَدِّثْنِي كَيْفَ صَنَعْتُما لَيْلَةَ سَرَيْتَ(1) مَعَ رَسُولِ اللهِ صلعم؟ قالَ: نَعَمْ، أَسْرَيْنا لَيْلَتَنا كُلَّها حَتَّى قامَ قائِمُ الظَّهِيرَةِ وَخَلا الطَّرِيقُ فَلا يَمُرُّ فِيهِ أَحَدٌ، حَتَّى رُفِعَتْ لَنا(2) صَخْرَةٌ طَوِيلَةٌ لَها ظِلٌّ لَمْ تَأْتِ(3) عَلَيهِ الشَّمْسُ بَعْدُ، فَنَزَلْنا عِنْدَها، فَأَتَيْتُ الصَّخْرَةَ فَسَوَّيْتُ بِيَدِي مَكانًا يَنَامُ فِيهِ النَّبيُّ صلعم فِي ظِلِّها، ثُمَّ بَسَطْتُ عَلَيْهِ فَرْوَةً، ثُمَّ قُلْتُ: نَمْ، يا رَسُولَ اللهِ، وَأَنا أَنْفُضُ لَكَ [ما حَوْلَكَ](4) ، فَنامَ وَخَرَجْتُ أَنْفُضُ ما حَوْلَهُ، فَإِذا أَنا بِراعٍ(5) مُقْبِلٍ(6) بِغَنَمِهِ إِلى الصَّخْرَةِ يُرِيدُ مِنْها الَّذِي أَرَدْنا، فَقُلْتُ: لِمَنْ أَنْتَ [يا غُلامُ](7) ؟ قالَ(8) : لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ، قُلْتُ لَهُ: أَفِي غَنَمِكَ لَبَنٌ(9) ؟ قالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: أَفَتَحْلِبُ (10) لِي؟ قالَ: نَعَمْ، فَأَخَذَ شَاةً، فَقُلْتُ لَهُ: انْفُضِ (11) الضَّرْعَ مِنَ الشَّعَرِ وَالتُّرابِ وَالقَذى، قالَ: فَرَأَيْتُ البَراءَ يَضْرِبُ بِيَدِهِ عَلى الأُخْرَى يَنْفُضُ، فَحَلَبَ لِي فِي قَعْبٍ مَعَهُ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، قالَ: وَمَعِي إدَاوةٌ (12) أَرْتَوِي فِيها لِلنَّبيِّ صلعم لِيَشْرَبَ مِنْها وَيَتَوَضَّأَ، قالَ: فَأَتَيْتُ النَّبيَّ صلعم، وَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُ (13) مِنْ نَوْمِهِ فَوَافَقْتُهُ قَدِ اسْتَيْقَظَ (14) ، فَصَبَبْتُ (15) عَلَى اللَّبَنِ مِنَ الماءِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ اشْرَبْ مِنْ هَذا اللَّبَنِ، قالَ: فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ، ثُمَّ قالَ: أَلَمْ يَأْنِ لِلرَّحِيلِ؟ قُلْتُ: بَلى، قالَ: فَارْتَحَلْنا بَعْدَما زالَتِ الشَّمْسُ، وَاتَّبَعَنا سُراقَةُ بْنُ مالِكٍ، قالَ: وَنَحْنُ فِي جَدَدٍ (16) مِنَ الأَرْضِ، فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ أُتِينا، فَقالَ: «لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا»، فَدَعا عَلَيهِ رَسُولُ اللهِ صلعم، فَارْتَطَمَتْ فَرَسُهُ إِلى بَطْنِها أُرَى، فَقالَ: إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكُما قَدْ دَعَوْتُما عَلَيَّ، فَادْعُوَا (17) لي (18) ، فَاللهُ لَكُما أَنْ أَرُدَّ عَنْكُما الطَّلَبَ، فَدَعا اللهَ فَنَجا، فَرَجَعَ لا يَلْقَى أَحَدًا إِلَّا قالَ: قَدْ كَفَيْتُكُمْ ما هَهُنا، فَلا يَلْقَى / أَحَدًا إِلَّا رَدَّهُ، قالَ: وَوَفَى لَنا.
          وَعَنْهُ قالَ: اشْتَرى أَبُو بَكْرٍ مِنْ أَبِي رَحْلًا بِثَلاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا... وَساقَ الحَدِيثَ، قالَ فِيهِ: فَلَمَّا دَنا دَعا عَلَيهِ رَسُولُ اللهِ صلعم، فَساخَ فَرَسُهُ فِي الأَرْضِ إِلى بَطْنِهِ وَوَثَبَ عَنْهُ، وَقالَ: يا مُحَمَّدُ؛ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ هَذا عَمَلُكَ، فَادْعُ اللهَ أَنْ يُخَلِّصَنِي مِمَّا أَنا فِيهِ وَلَكَ عَلَيَّ لأُعَمِّينَّ (19) عَلى مَنْ ورَائِي، وَهَذِهِ كِنانَتِي فَخُذْ سَهْمًا مِنْها، فَإِنَّكَ سَتَمُرُّ عَلى إِبِلِي وَغِلْمانِي بِمَكانِ كَذا وَكَذا فَخُذْ مِنْها حاجَتَكَ، قالَ: «لا حاجَةَ لِي فِي إِبِلِكَ»، قالَ: فَقَدِمْنا المَدِينَةَ لَيْلًا، فَتَنازَعُوا أَيُّهُم يَنْزِلُ عَلَيهِ، فَقالَ: «أَنْزِلُ عَلى بَنِي النَّجَّارِ أَخْوالِ (20) عَبْدِ المُطَّلِبِ أُكْرِمُهُم بِذَلِكَ»، فَصَعِدَ الرِّجالُ وَالنِّساءُ فَوْقَ البُيُوتِ، وَتَفَرَّقَ الغِلْمانُ وَالخَدَمُ فِي الطُّرُقِ يُنادُونَ: يا مُحَمَّدُ يا رَسُولَ اللهِ، يا مُحَمَّدُ يا رَسُولَ اللهِ.
          وَقالَ البُخارِيُّ: فَقُلْتُ: لِمَنْ أَنْتَ يا غُلامُ؟ قالَ: لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ أَوْ مَكَّةَ. [خ¦3615]
          وَفِي آخَر: لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ سَمَّاهُ فَعَرَفْتُهُ [خ¦2439] ، وَقالَ (21) : فَاضْطَجَعَ نَبِيُّ اللهِ صلعم، ثُمَّ انْطَلَقْتُ أَنْظُرُ ما حَوْلِي هَلْ أَرَى مِنَ الطَّلَبِ أَحَدًا. [خ¦3652]
          وَزادَ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ: [وَقالَ] (22) : ثُمَّ ارْتَحَلْنا وَالطَّلَبُ فِي إِثْرِنا، وَفِيهِ: قالَ البَرَاءُ: فَدَخَلْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ عَلى أَهْلِهِ فَإِذا عائِشَةُ ابْنَتُهُ مُضْطَجِعَةٌ قَدْ أَصابَتْها حُمَّى، فَرَأَيْتُ أَباها يُقَبِّلُ خَدَّها وَقالَ: كَيْفَ أَنْتِ يا بُنَيَّةُ. [خ¦3917]


[1] في (أ) و(ت): (سرت).
[2] في (ص) و(ك): (إلينا).
[3] في (ص): (يأت).
[4] سقط من (ص) و(ق) و(ك).
[5] في المطبوع وحاشية (أ): (براعي)، وزيد في غير (ص) و(ق): (غنم).
[6] في (ص): (مقبلًا).
[7] سقط من (ص) و(ق) و(ك).
[8] في (أ) و(ت) و(م): (فقال).
[9] في (ص): (لبنًا).
[10] في (أ) و(ك): (أفتحلُبُ).
[11] في (ص): (انقض).
[12] في (ت) و(م): (إدواة).
[13] في (أ) و(ص) و(ك): (أوقضه).
[14] في (ص): (استيقض).
[15] في (ص): (فصبَّيت).
[16] في (م): (جرد).
[17] في غير (ق) و(ك): (فادعوا).
[18] في (أ): (فادعو الله).
[19] في (ت): (أن أعمي).
[20] زيد في (ص) و(ق): (بني).
[21] في (ك): (قال)، وزيد في (ق): (فيه).
[22] سقط من (ص) و(ق) و(ك).