الجمع بين الصحيحين لابن الخراط

حديث: من أنظر معسرًا أو وضع عنه أظله الله في ظله

          3979- مسلمٌ: عَنْ عُبادَةَ بْنِ الوَلِيْدِ بْنِ عُبادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قالَ: خَرَجْتُ أَنا وَأَبِي نَطْلُبُ العِلْمَ فِي هَذا الحَيِّ مِنَ الأَنْصارِ قَبْلَ أَنْ يَهْلِكُوا، فَكانَ(1) أَوَّلُ مَنْ لَقِينَا أَبا اليَسَرِ صاحِبَ رَسُولِ اللهِ صلعم وَمَعَهُ غُلامٌ [له](2) مَعَهُ ضِمامَةٌ مِنْ صُحُفٍ، وَعَلى أَبِي اليَسَرِ بُرْدَةٌ وَمَعافِرِيَّ، وَعَلى غُلامِهِ بُرْدَةٌ وَمَعافِرِيَّ، فَقالَ لَهُ أَبِي: [يا](3) عَمِّ؛ إِنِّي أَرَى فِي وَجْهِكَ سَفْعَةً مِنْ غَضَبٍ، قالَ: أَجَلْ كانَ لِي عَلى فُلانِ بْنِ فُلانٍ الحَرامِيِّ(4) مالٌ، فَأَتَيْتُ أَهْلَهُ فَسَلَّمْتُ، فَقُلْتُ: أَثَمَّ هُوَ؟ قالُوا: لا، فَخَرَجَ عَلَيَّ ابْنٌ لَهُ جَفْرٌ فَقُلْتُ: أَيْنَ أَبُوكَ؟ فَقالَ: سَمِعَ صَوْتَكَ فَدَخَلَ أَرِيكَةَ أُمِّي، فَقُلْتُ: اخْرُجْ إِلَيَّ فَقَدْ عَلِمْتُ أَيْنَ أَنْتَ، فَخَرَجَ، فَقُلْتُ: ما حَمَلَكَ عَلى أَنِ اخْتَبَأْتَ مِنِّي؟ قالَ: أَنا وَاللهِ؛ أُحَدِّثُكَ ثُمَّ لا أَكْذِبُكَ، خَشِيتُ وَاللهِ، أَنْ أُحَدِّثَكَ فَأَكْذِبَكَ، وَأَنْ أَعِدَكَ فَأُخْلِفَكَ، وَكُنْتَ صاحِبَ رَسُولِ اللهِ صلعم، وَكُنْتُ وَاللهِ مُعْسِرًا، قالَ: قُلْتُ: آللهِ؟ قالَ: اللهِ، قُلْتُ: آللهِ؟ قالَ: اللهِ، قُلْتُ: آللهِ؟ قالَ: اللهِ، قالَ: فَأَتَى بِصَحِيفَتِهِ فَمَحاها بِيَدِهِ، قالَ(5) : فَإِنْ(6) وَجَدْتَ قَضاءً فَاقْضِنِي(7) ، وَإِلَّا فأَنْتَ(8) فِي حِلٍّ، فَأَشْهَدُ(9) بَصَرُ عَيْنَيَّ (10) هاتَيْنِ وَوَضَعَ إِصْبَعَيْهِ عَلى عَيْنَيْهِ، وَسَمْعُ أُذُنَيَّ (11) هاتَيْنِ (12) ، وَوَعاهُ قَلْبِي، وَأَشارَ إِلى مَناطِ قَلْبِهِ رَسُولَ اللهِ صلعم وَهُوَ يَقُولُ: «مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ عَنْهُ أَظَلَّهُ اللهُ فِي ظِلِّهِ»، قالَ: فَقُلْتُ لَهُ أَنا (13) : يا (14) عَمِّ؛ لَوْ أَنَّكَ أَخَذْتَ بُرْدَةَ غُلامِكَ وَأَعْطَيْتَهُ مَعافِرِيَّكَ، أَوْ أَخَذْتَ مَعافِرِيَّهُ وَأَعْطَيْتَهُ بُرْدَتَكَ (15) ، فَكانَتْ عَلَيْكَ حُلَّةٌ وَعَلَيهِ حُلّةٌ، فَمَسَحَ رَأْسِي وَقالَ: اللَّهُمَّ؛ بارِكْ [فِيهِ] (16) ، يا ابْنَ أَخِي؛ بَصَرُ عَيْنَيَّ هاتَيْنِ وَسَمْعُ أُذُنَيَّ هاتَيْنِ (17) وَوَعاهُ قَلْبِي [هَذا] (18) ، وَأَشارَ إِلى مَناطِ قَلْبِهِ رَسُولَ اللهِ صلعم وَهُوَ يَقُولُ: «أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ، وَأَلْبِسُوهُمْ مِمَّا (19) تَلْبَسُونَ»، فَكانَ (20) أَنْ أَعْطَيْتُهُ مِنْ مَتاعِ الدُّنْيا أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ حَسَناتِي يَوْمَ القِيامَةِ، ثُمَّ مَضَيْنا حَتَّى أَتَيْنَا جابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ فِي مَسْجِدِهِ وَهُوَ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ واحِدٍ مُشْتَمِلًا بِهِ، فَتَخَطَّيْتُ القَوْمَ حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَهُ / وَبَيْنَ القِبْلَةِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ أَتُصَلِّي (21) فِي ثَوْبٍ واحِدٍ وَرِدَاؤُكَ إِلى جَنْبِكَ؟ [قالَ] (22) : فَقالَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي هَكَذا وَقَرَنَ (23) بَيْنَ أَصابِعِهِ (24) وَقَوَّسَها، أَرَدْتُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيَّ الأَحْمَقُ مِثْلُكَ فَيَرانِي كَيْفَ أَصْنَعُ فَيَصْنَعُ مِثْلَهُ، أَتانا رَسُولُ اللهِ صلعم فِي مَسْجِدِنا هَذا وَفِي يَدِهِ عُرْجُونُ ابْنِ طابٍ، فَرَأى فِي قِبْلَةِ المَسْجِدِ نُخامَةً فَحَكَّها بِالعُرْجُونِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنا، فَقالَ: «أَيُّكُم يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللهُ عَنْهُ؟» [قالَ: فَخَشَعْنا، ثُمَّ قالَ: «أَيُّكُم يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللهُ عَنْهُ؟»] (25) [قالَ: فَخَشَعْنَا، ثُمَّ قالَ: «أَيُّكُم يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللهُ عَنْهُ؟»] (26) قُلْنا: لا أَيُّنا، يا رَسُولَ اللهِ، قالَ: «فَإِنَّ أَحَدَكُم إِذا قامَ يُصَلِّي فَإِنَّ اللهَ تَبارَكَ وَتَعالى قِبَلَ وَجْهِهِ، فَلا يَبْصُقَنَّ (27) قِبَلَ وَجْهِهِ وَلا عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسارِهِ تَحْتَ رِجْلِهِ اليُسْرى، فَإِنْ عَجِلَتْ بِهِ بادِرَةٌ؛ فَلْيَقُلْ بِثَوْبِهِ هَكَذا»، ثُمَّ طَوى ثَوْبَهُ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ، فَقالَ: «أَرُونِي عَبِيرًا (28) »، فَقامَ فَتًى مِنَ الحَيِّ يَشْتَدُّ (29) إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِخَلُوقٍ فِي راحَتِهِ (30) ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللهِ صلعم، فَجَعَلَهُ عَلى رَأْسِ العُرْجُونِ، ثُمَّ لَطَخَ بِهِ عَلى أَثَرِ النُّخامَةِ، قالَ جابِرٌ: فَمِنْ هُناكَ جَعَلْتُمُ الخَلُوقَ فِي مَساجِدِكُم، سِرْنا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلعم فِي غَزْوَةِ بَطْنِ بُواطٍ، وَهُوَ يَطْلُبُ المَجْدِيَّ بْنَ عَمْرٍو الجُهَنِيَّ، وَكانَ النَّاضِحُ مِنَّا يَعْتَقِبُهُ (31) الخَمْسَةُ وَالسِّتَّةُ وَالسَّبْعَةُ، فَدارَتْ (32) عُقْبَةُ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصارِ عَلى ناضِحٍ لَهُ فَأَناخَهُ فَرَكِبَهُ، ثُمَّ بَعَثَهُ فَتَلَدَّنَ عَلَيهِ بَعْضَ التَّلَدُّنِ (33) ، فَقالَ لَهُ: سِرْ لَعَنَكَ اللهُ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ صلعم: «مَنْ هَذا اللَّاعِنُ بَعِيرَهُ؟» قالَ: أَنا يا رَسُولَ اللهِ، قالَ: «انْزِلْ عَنْهُ فَلا تَصْحَبْنا بِمَلْعُونٍ، لا (34) تَدْعُوا (35) عَلى أَنْفُسِكُمْ، وَلا تَدْعُو عَلى أَوْلادِكُم، وَلا تَدْعُو عَلى أَمْوالِكُم، لا تُوافِقُوا مِنَ اللهِ ساعَةً يُسْأَلُ (36) فِيها عَطاءٌ (37) فَيَسْتَجِيبُ لَكُم»، سِرْنا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلعم حَتَّى إِذا كانَتْ (38) عُشَيْشِيَةٌ وَدَنَوْنا مِنْ ماءٍ مِنْ مِياهِ العَرَبِ، قالَ رَسُولُ اللهِ صلعم: «مَنْ يَتَقَدَّمُنا فَيَمْدُرُ الحَوْضَ فَيَشْرَبُ وَيَسْقِينا؟» قالَ جابِرٌ: فَقُمْتُ، فَقُلْتُ: هَذا رَجُلٌ يا رَسُولَ اللهِ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ صلعم: «أَيُّ رَجُلٍ مَعَ جابِرٍ؟» فَقامَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ، فَانْطَلَقْنا إِلى البِئْرِ فَنَزَعْنا (39) فِي الحَوْضِ سَجْلًا أَوْ سَجْلَيْنِ، ثُمَّ مَدَرْناهُ، فَنَزَعْنا فِيهِ حَتَّى أَفْهَقْناهُ، فَكانَ أَوَّلَ طالِعٍ عَلَيْنا رَسُولُ اللهِ صلعم، فَقالَ: «أَتَأْذَنانِ»، فَقُلْنا: نَعَمْ، يا رَسُولَ اللهِ، فَأَشْرَعَ ناقَتَهُ فَشَرِبَتْ وَشَنَقَ لَها (40) فَشَجَتْ (41) فَبالَتْ، ثُمَّ عَدَلَ بِها فَأَنَاخَها، ثُمَّ جاءَ رَسُولُ اللهِ صلعم إِلى الحَوْضِ، فَتَوَضَّأَ مِنْهُ، ثُمَّ قُمْتُ فَتَوَضَّأْتُ مِنْ مُتَوَضَّأ (42) رَسُولِ اللهِ صلعم، فَذَهَبَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ يَقْضِي حاجَتَهُ، فَقامَ رَسُولُ اللهِ صلعم لِيُصَلِّي، وَكانَتْ عَلَيَّ (43) بُرْدَةٌ، فَذَهَبْتُ (44) أَنْ أُخالِفَ بَيْنَ طَرَفَيْها فَلَمْ تَبْلُغْ لِي، وَكانَتْ لَها ذَباذِبُ، فَنَكَّسْتُها، / ثُمَّ خالَفْتُ بَيْنَ طَرَفَيْها، ثُمَّ تَواقَصْتُ عَلَيْها، ثُمَّ جِئْتُ حَتَّى قُمْتُ عَنْ يَسارِ رَسُولِ اللهِ صلعم فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَدارَنِي حَتَّى أَقامَنِي عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ جاءَ جَبَّارُ (45) بْنُ صَخْرٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ جاءَ فَقامَ عَنْ يَسارِ رَسُولِ اللهِ صلعم، فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلعم بِيَدَيْنَا (46) جَمِيعًا، فَدَفَعَنا حَتَّى أَقامَنا خَلْفَهُ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلعم يَرْمُقُنِي، وَأَنا لا أَشْعُرُ، ثُمَّ فَطِنْتُ بِهِ، فَقالَ هَكَذا بِيَدِهِ (47) ، يَعْنِي: شُدَّ وَسَطَكَ، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ صلعم قالَ: «يا جَابِرُ»، قُلْتُ: لَبَّيْكَ، يا رَسُولَ اللهِ، قالَ: «إِذا كانَ واسِعًا؛ فَخالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ، وَإِذا كانَ ضَيِّقًا؛ فَاشْدُدْهُ عَلى حَقْوَيْكَ»، سِرْنا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلعم وَكانَ قُوتُ كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا كُلَّ يَوْمٍ تَمْرَةً، فَكانَ (48) يَمَصُّها ثُمَّ يَصُرُّها فِي ثَوْبِهِ، وَكُنَّا نَخْتَبِطُ بِقِسِيِّنا وَنَأْكُلُ حَتَّى قَرِحَتْ أَشْداقُنا فَأُقْسِمُ لأُخْطِئَها رَجُلٌ مِنَّا يَومًا، فَانْطَلَقْنا بِهِ نَنْعَشُهُ فَشَهِدْنا لَهُ أَنَّهُ لَمْ يُعْطَها (49) فَأُعْطِيَها (50) فَقامَ فَأَخَذَها، سِرْنا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلعم حَتَّى نَزَلْنا وادِيًا أَفْيَحَ، فَذَهَبَ رَسُولُ اللهِ صلعم يَقْضِي حاجَتَهُ، فَاتَّبَعْتُهُ بِإِداوَةِ (51) ماءٍ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللهِ صلعم فَلَمْ يَرَ شَيْئًا يَسْتَتِرُ بِهِ؛ فَإِذا شَجَرَتانِ بِشاطِئِ الوادِي، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صلعم إِلى إِحْداهُما (52) ، فَأَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصانِها، فَقالَ: «انْقادِي عَلَيَّ بِإِذْنِ اللهِ»، فَانْقادَتْ مَعَهُ كالبَعِيرِ المَخْشُوشِ الَّذِي يُصانِعُ قائِدَهُ، حَتَّى أَتَى الشَّجَرَةَ الأُخْرَى فَأَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصانِها، فَقالَ: «انْقادِي عَلَيَّ بِإِذْنِ اللهِ»، فَانْقادَتْ مَعَهُ كَذَلِكَ حَتَّى إِذا كانَ بِالمَنْصَفِ فِيما بَيْنَهُما (53) فَلامَ بَيْنَهُما حَتَّى (54) جَمَعَ بَيْنَهُما، فَقالَ: «الْتَئِما عَلَيَّ بِإِذْنِ اللهِ»، فَالْتَأَمَتا، قالَ جابِرٌ: فَخَرَجْتُ أُحْضِرُ مَخافَةَ أَنْ يُحِسَّ (55) رَسُولُ اللهِ صلعم بِقُرْبِي فَيَبْتَعِدَ (56) ، فَجَلَسْتُ أُحَدِّثُ نَفْسِي فَحانَتْ مِنِّي (57) لَفْتَةٌ، فَإِذا أَنا بِرَسُولِ اللهِ صلعم مُقْبِلًا، وَإِذا الشَّجَرَتانِ قَدِ افْتَرَقَتا، فَقامَتْ كُلُّ واحِدَةٍ مِنْهُما عَلى ساقٍ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم وَقَفَ وَقْفَةً فَقالَ بِرَأْسِهِ هَكَذا_وَأَشارَ أَبُو إِسْماعِيلَ بِرَأْسِهِ يَمِينًا وَشِمالًا_ ثُمَّ أَقْبَلَ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيَّ قالَ (58) : «يا جابِرُ؛ هَلْ رَأَيْتَ مَقامِي؟» قُلْتُ: نَعَمْ، يا رَسُولَ اللهِ، قالَ: «فَانْطَلِقْ إِلى الشَّجَرَتَيْنِ، فاقْطَعْ مِنْ كُلِّ واحِدَةٍ مِنْهُما غُصْنًا (59) ، فَأَقْبِلْ بِهِما حَتَّى إِذا قُمْتَ مَقامِي؛ فَأَرْسِلْ غُصْنًا عَنْ يَمِينِكَ وَغُصْنًا عَنْ يَسارِكَ»، قالَ جابِرٌ: فَقُمْتُ، فَأَخَذْتُ حَجَرًا فَكَسَرْتُهُ وَحَسَرْتُهُ (60) ، فَانْذَلَقَ لِي، فَأَتَيْتُ الشَّجَرَتَيْنِ فَقَطَعْتُ مِنْ كُلِّ واحِدَةٍ مِنْهُما / غُصْنًا، ثُمَّ أَقْبَلْتُ أَجُرُّهُما، حَتَّى قُمْتُ مَقامَ رَسُولِ اللهِ صلعم أَرْسَلْتُ غُصْنًا عَنْ يَمِينِي وَغُصْنًا عَنْ يَسارِي، ثُمَّ لَحِقْتُهُ، فَقُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ، يا رَسُولَ اللهِ، فَعَمَّ ذاكَ؟ قالَ (61) : «إِنِّي مَرَرْتُ بِقَبْرَيْنِ يُعَذَّبانِ فَأَحْبَبْتُ بِشَفاعَتِي أَنْ يُرَفَّهَ ذَلِكَ عَنْهُما ما دامَ الغُصْنانِ رَطْبَيْنِ»، قالَ: فَأَتَيْنا العَسْكَرَ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ صلعم: «يا جابِرُ؛ نادِ بِوَضُوءٍ (62) »، فَقُلْتُ: أَلا وَضُوءَ، أَلا وَضُوءَ، أَلَا وَضُوءَ؟ قالَ: قُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ ما وَجَدْتُ فِي الرَّكْبِ مِنْ قَطْرَةٍ، وَكانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصارِ يُبَرِّدُ لِرَسُولِ اللهِ صلعم الماءَ فِي أَشْجَابٍ لَهُ عَلى حِمارٍ (63) مِنْ جَرِيدٍ، قالَ: فَقالَ لِي: «انْطَلِقْ إِلى فُلانٍ (64) الأَنْصارِيِّ، فَانْظُرْ هَلْ فِي أَشْجابِهِ مِنْ شَيْءٍ»، قالَ: فَانْطَلَقْتُ إِلَيهِ، فَنَظَرْتُ فِيها، فَلَمْ أَجِدْ فِيْها [إلا] (65) قَطْرَةً فِي عَزْلاءِ شَجْبٍ (66) ، لَوْ أَنِّي أُفْرِغُهُ لَشَرِبَهُ يابِسُهُ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم، فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ لَمْ أَجِدْ فِيْها إِلَّا قَطْرَةً فِي عَزْلاءِ شَجْبٍ مِنْها، لَوْ أَنِّي أُفْرِغُهُ (67) لَشَرِبَهُ يابِسُهُ، قالَ: «اذْهَبْ فَأْتِنِي بِهِ»، فَأَتَيْتُهُ بِهِ فَأَخَذَهُ بِيَدِهِ فَجَعَلَ يَتَكَلَّمُ بِشَيْءٍ لا أَدْرِي ما هُوَ وَيَغْمِزُهُ بِيَدَيْهِ (68) ، ثُمَّ أَعْطانِيهِ، فَقالَ: «يا جابِرُ؛ نادِ بِجَفْنَةٍ»، فَقُلْتُ: يا جَفْنَةَ الرَّكْبِ، فَأُتِيتُ بِها تُحْمَلُ، فَوَضَعْتُها بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ صلعم بِيَدِهِ فِي الجَفْنَةِ [هَكَذا فَبَسَطَها وَفَرَّقَ بَيْنَ أَصابِعِهِ، ثُمَّ وَضَعَها فِي قَعْرِ الجَفْنَةِ] (69) ، فَقالَ (70) : «خُذْ، يا جابِرُ فَصُبَّ عَلَيَّ، وَقُلْ: بِاسْمِ اللهِ»، [فَصَبَبْتُ (71) عَلَيهِ، وَقُلْتُ: بِاسْمِ اللهِ] (72) ، فَرَأَيْتُ الماءَ كَالعُيونِ يَفُورُ بَيْنَ أَصابِعِ رَسُولِ اللهِ صلعم، ثُمَّ فارَتِ (73) الجَفْنَةُ، وَدارَتْ حَتَّى امْتَلأتْ، فَقالَ: «يا جابِرُ؛ نادِ مَنْ كانَ (74) لَهُ حاجَةٌ بِماءٍ»، قالَ: فَأَتَى النَّاسُ فَاسْتَقَوا حَتَّى رَوُوا، قالَ: فَقُلْتُ: هَلْ بَقِيَ أَحَدٌ لَهُ حاجَةٌ؟ فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صلعم يَدَهُ مِنَ الجَفْنَةِ وَهِيَ مَلأَى، وَشَكا النَّاسُ إِلى رَسُولِ اللهِ صلعم الجُوْعَ، فَقالَ: «عَسى اللهُ أَنْ يُطْعِمَكُم»، فَأَتَيْنا سِيفَ البَحْرِ، فَزَخَرَ (75) البَحْرُ زَخْرَةً فَأَلْقى دابَّةً فَأَوْرَيْنا عَلى شِقِّها النَّارَ، فَاطَّبَخْنا وَاشْتَوَيْنا وَأَكَلْنا وَشَبِعْنا (76) ، قالَ جابِرٌ: فَدَخَلْتُ أَنا وَفُلانٌ وَفُلانٌ حَتَّى عَدَّ خَمْسَةً فِي حِجاجِ عَيْنِها، ما يَرانا أَحَدٌ حَتَّى خَرَجْنا، فَأَخَذْنا ضِلَعًا مِنْ أَضْلاعِها (77) فَقَوَّسْناهُ، ثُمَّ دَعَوْنا بِأَعْظَمِ رَجُلٍ فِي الرَّكْبِ، وَأَعْظَمِ جَمَلٍ [فِي الرَّكْبِ] (78) ، وَأَعْظَمِ كِفْلٍ فِي الرَّكْبِ، فَدَخَلَ تَحْتَهُ ما يُطَأْطِئُ رَأْسَهُ.
          أَخْرَجَ البُخاريُّ مَواضِعَ مِنَ هَذا الحَدِيثِ فِي مَواضِعَ مُتَفرِّقةٍ، مِنْها قَوْلهُ صلعم: «أَطْعِمُوهُم مِمَّا تَأْكُلُونَ، وَأَلْبِسُوهُم مِمَّا تَلْبِسُونَ»، خَرَّجَهُ مِنْ حَديثِ أَبِي ذَرٍّ. [خ¦30]
          وَأَخْرَجَ (79) صلاةَ جابِرٍ فِي الثَّوبِ الواحِدِ / مِنْ حَديثِ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ عَنْ جابِرٍ. [خ¦352]
          وَخَرَّجَ قَولَهُ صلعم: «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذا قامَ يُصَلِّي»، إِلى قَوْلِهِ «عَلى بَعْضٍ»، مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيرةَ [خ¦408] ، وَأَنَسٍ [خ¦412] ، وَغَيْرِهِما. [خ¦406]
          وَخَرَّجَ أَيضًا قوله ◙ فِي الثَّوبِ إِذا كانَ واسِعًا «إِلى حِقْوَيْهِ» مِنْ حَدِيثِ جابِرٍ أَيضًا. [خ¦361]
          وَخَرَّجَ قِصَّةَ الغُصْنَينِ عَلى القَبْرينِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةٍ أُخْرَى [خ¦216] ، وَنَبْعَ الماءِ مِنْ بَيْنِ أَصابِعِ رَسُولِ اللهِ صلعم مِنْ حَدِيثِ جابِرٍ أَيضًا [خ¦3576] ، وَمِنْ حَدِيثِ غَيْرِهِ.
          وَذَكَرَ قِصَّةَ الدابَّةِ الَّتِي أَلْقاها البَحْرُ فِي قِصَّةِ الرَّكْبِ الَّذِينَ (80) كانَ أَمِيرُهُم أَبُو عُبَيْدَةَ [ابْنُ الجَرَّاحِ] (81) [خ¦2483] ، وَلَمْ تَكُنْ (82) قِصَّةُ الرَّكْبِ (83) بِحَضْرَةِ (84) رَسُولِ اللهِ صلعم، [وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فِي الأَطْعِمَةِ (85) بِالاخْتِلافِ الَّذِي فِيها] (86) .
          وَلَمْ يُخرِّجِ [البُخاريُّ] (87) عَنْ أَبِي اليَسَرِ فِي كِتابِهِ شَيئًا.


[1] في (أ): (وكان).
[2] سقط من (ت) و(م).
[3] سقط من (أ) و(ت).
[4] في (أ) و(ت): (الحزامي)، وفي (ص): (الخزامي).
[5] في (أ) و(ت) و(م): (فقال).
[6] في (أ): (إن).
[7] في (ص): (فاقض).
[8] في غير (ص) و(ق): (أنت).
[9] في (أ): (فاشهده).
[10] في حاشية (أ) عن نسخة أخرى: (عيناي).
[11] في حاشية (أ) عن نسخة أخرى: (أذناي).
[12] في (أ) و(ت): (هاتان).
[13] سقط من (أ) و(م)، وفي (ص): (أيا).
[14] في (م): (أيا).
[15] في (ص): (برديك) بالتاء والياء معًا.
[16] سقط من (أ) و(ت).
[17] في حاشية (أ) عن نسخة أخرى: (عيناي هاتان) و(أذناي هاتان).
[18] سقط من (أ) و(ت).
[19] في (ص): (ممَّ).
[20] في (أ) و(ت) و(م): (وكان).
[21] لفظ الجلالة سقط من (ك)، وفيها: (تصلي).
[22] سقط من (أ) و(ت).
[23] في المطبوع: (وفرق).
[24] في (ق): (أصابعها).
[25] سقط من (ق).
[26] ما بين معقوفين تكرر في (ك).
[27] كتب فوق (يبصقن) في (أ): (يبصق).
[28] في (ص) و(ك) وفي حاشية (أ) عن نسخة: (عنبرًا).
[29] في (أ) و(ت): (يشدُّ).
[30] في (أ) و(ت): (راحتيه).
[31] في حاشية (أ) عن نسخة أخرى: (يعقبه).
[32] في (ك): (فدار).
[33] في (ص): (التلدان).
[34] في (ص): (ولا).
[35] في (أ): (يدعو).
[36] في (أ): (تسأل).
[37] في (أ) و(ك): (عطاءًا).
[38] في (ص) و(ق): (كان).
[39] في حاشية (أ) عن نسخة أخرى: (ثم نزعنا).
[40] سقط من (أ) و(ت).
[41] في حاشية (أ): (ففجت) وعليها (معًا)، وفي (ص) و(ق): (فشخت).
[42] في (أ) و(ت): (فتوضأت فتوضأ).
[43] في (ق): (عليه).
[44] زيد في (أ): (إلى).
[45] في (أ) و(ت): (جابر).
[46] في (ت) و(م): (بيدينها).
[47] في (م) و(ت): (بيديه).
[48] في (ق): (وكان).
[49] في (أ) و(ت): (يعطيها).
[50] في (ك): (فأعطها).
[51] زيد في (أ) و(ت) و(م): (من).
[52] في (ص): (أحدهما).
[53] في (ص): (بيتهما).
[54] كتب فوق (حتى): في (أ): (يعني).
[55] في (أ) و(ت): (يحس بي)، وفي (ص): (يخش).
[56] في (ق): (فتبعد).
[57] في (أ): (متى)، وفي (ك): (منه).
[58] في (أ): (فقال).
[59] في (ص): (غصن).
[60] في (أ) و(م): (حشرته).
[61] في (أ) و(ت) و(م): (فقال).
[62] في (أ) و(ت): (الوضوء).
[63] في (أ) و(ت) و(م): (حمارة)، وفي (ص): (جمار).
[64] في المطبوع: (فلان بن فلان).
[65] سقط من (ت) و(م).
[66] زيد في (أ) و(ت) و(م): (منها).
[67] في (أ) و(ت) و(م): (أفرغته).
[68] في (أ): (بيده)، وفي الحاشية: (بيديه).
[69] سقط من (ق).
[70] في (أ) و(ت) و(م): (وقال).
[71] في (ص): (فصبَّيت).
[72] سقط من (أ) و(ت).
[73] في (أ): (قارب).
[74] في (أ) و(ت): (كانت).
[75] في (ص): (فزجر).
[76] في حاشية (أ): (حتى شبعنا).
[77] في حاشية (أ) عن نسخة أخرى: (أضلاعه).
[78] سقط من (أ).
[79] زيد في (ص): (من).
[80] في (أ): (الذي).
[81] سقط من (ص) و(ق) و(ك).
[82] في (ك): (يكن).
[83] سقط من (ص) و(ق) و(ك).
[84] في (أ): (لحضرة).
[85] كتب في حاشية (ك) أمام هذا الموضع: (هذا غلط وإنما تقدم في الصيد والذبائح).
[86] سقط من (م) و(ت).
[87] سقط من (أ).