غاية التوضيح

حديث: ما من مسلم يغرس غرسًا أو يزرع زرعًا

          2320- قوله: (أَبو عَوَانَةَ) بفتح المهملة وخفَّة الواو.
          قوله: (غَرْسًا) بمعنى المغروس؛ أي: شجرًا، وكذا (الزَّرع) بمعنى المزروع.
          قوله: (صَدَقَةٌ) بالرَّفع، اسم (كان) والتَّعبير بالمسلم يخرج الكافر، وليس له ثوابٌ في الآخرة، نعم ما أكل من زرع الكافر يثاب عليه في الدُّنيا كما ثبت، وأمَّا حديث أبي أيُّوب الأنصاريِّ عند أحمد مرفوعًا: «ما من رجلٍ يغرس غرسًا»، وفي حديث: «ما من عبدٍ» فظاهرهما يتناول المسلم والكافر، لكن يحمل المطلق على المقيَّد؛ كذا في «القسطلانيِّ».
          قوله: (حَدَّثَنَا أَبَانُ) بفتح الهمزة وخفَّة الموحَّدة، لم يسق متن هذا الحديث لأنَّن غرضه منه التَّصريح بالتَّحديث عن قتادة عن أنس، وفي حديث: «فيأكل منه إنسانٌ أو دابَّةٌ أو طيرٌ إلَّا كان له صدقةً إلى يوم القيامة» ومقتضاه أنَّ ثواب ذلك مستمرٌّ ما دام الغرس أو الزَّرع مأكولًا منه، أتغرس هذه وأنت شيخٌ كبيرٌ، وهذه لا تطعم إلَّا في كذا عامًان فقال: وما عليَّ أن يكون لي أجرها ويأكل منها غيري، وذكر أبو الوفاء البغداديُّ أنَّه مرَّ أوشيروان على شيخٍ يغرس شجر الزَّيتون فقال له: ليس هذا أوان غرسك الزَّيتون، وهو شجرٌ بطيء الإثمار، فأجابه: غرس مَن قبلَنا فأكلنا، ونغرس ليأكل من بعدنا، فقال أنوشيروان: زه؛ / أي: أحسنت، وكان إذا قال: زه يعطي من قيل له أربعة آلاف درهمٍ، فقال: أيُّها الملك؛ كيف تعجب من شجري وإبطاء ثمره؟ فما أسرع ما أثمره! فقال: زه، فزيد أربعة آلاف درهم أخرى، فقال: شجرٌ يثمر في العام مرَّةً، وقد أثمرت شجرتي في ساعةٍ مرَّتين، فقال: زِهْ، فزيد مثلها، فمضى أنوشيروان وقال: إن وقفنا عليه لم يكفه ما في خزانتنا؛ كذا في «الكرمانيِّ» و«القسطلانيِّ»، واختُلِفَ في أطيب المكاسب وأفضلها، وقيل: التِّجارة، وقيل: الصَّنعة باليد، وقيل: الزِّراعة وهو الصَّحيح؛ كذا في «المقاصد» و«الكرمانيِّ».