تراجم البخاري

باب قوله تعالى {ونضع الموازين القسط ليوم القيمة}

          ░58▒ بابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَمَةِ} [الأنبياء:47]
          مراده بذلك الإشارة إلى أنَّ الكلام داخل في العمل، وأنَّه يوزن كما توزن الأعمال، ولذلك أورد حديث: «كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ»، وختم البخاري ⌂ بهذا الحديث، كما افتتح بحديث الأعمال بالنيات، وكما يستحب ابتداء الأعمال(1) بقصد إخلاصها، فكذلك ينبغي ختمها بالتَّسبيح والتَّحميد كما ورد في حديث القيام من المجلس؛ وكأنَّ الكتاب مجلس علمٍ يخلص(2) النية في ابتدائه، ويختم بالتسبيح والتحميد في انتهائه، وكأنَّه ⌂ اعتمد ذلك. [خ¦97/54-11140]
          وهذا آخر ما قصدنا.
          اتفق من هذا النوع الذي قصدناه على سبيل الاختصار والإيجاز، ولله الحمد كما يحبُّ ربنا ويرضى؛ ونسأله التوفيق لما يرضاه، والحمدُ للهِ رَبِّ العالمين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على سيدنا مُحَمَّدٍ وآلهِ وصحبهِ وَسَلَّمَ تسليمَاً كثيراً.
          عَلَّقَهُ لِنَفْسِهِ أحمدُ بن عبد الرحمن...(3) لطفَ الله به...(4) صفر من شهور سنة ثلاث وعشرين وثمانمئة، أحسن الله عاقبتها بخير.
          [فائدةٌ: أوَّل منْ سَنَّ الجدالَ الملائكةُ حيثُ قالوا: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} [البقرة:30] الآية، وهذا منهم استدلالٌ بالترجيح والأولوية؛ أي: منْ سَبَّحَ وقَدَّسَ لكَ أَوْلَى بالإيجادِ والجَعْلِ فيها ممن يُفْسِدُ ويَسْفِكُ الدِّماءَ، وكان الجواب لهم بالترجيح من جهةٍ أخرى فقال: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة:30].
          فمنْ جملةِ ما (...) أنِّي رَكَّبْتُ فيهم الشَّهوة ما لو رَكَّبْتُه فيكم لفعلتم فِعلهم أو لم تطيقوا صبراً، على أنَّهم قد أحبوني محبةً بذلوا فيها أبدانهم للتتمزيق ودماءهم للإراقَةِ وأموالهم(5) للذهاب]
(6).


[1] وقع في هذين السطرين مواضع فيها طمسٌ في الأصل، وبياضٌ في الهندية، والمثبت متفقٌ بمعناه مع كلام ابن المنير في المتواري (432).
[2] قوله: «يخلص» بياضٌ في الهندية.
[3] الكلمة غير واضحة، ولعله: أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عسكر البغدادي، ولي قضاء دمياط، ت (825هــ). ولعله أحمد بن عبد الرحمن الأنصاري القاهري العامري، حفيد ابن هشام، لازم العز عبد العزيز بن محمد ابن جماعة ابن صاحب الكتاب وأخذ عنه العلوم، ت (835 هـ). ولعله: أحمد بن عبد الرحمن بن سليمان العامري، ت (875هـ) وكان يتكسب بنسخ الكتب. ولعله: أحمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر العاملي الرملي، ت (877هـ)، وكتب الكثير بخطه الحسن السريع. والله أعلم. يُنظر الضوء اللامع لأهل القرن التاسع.
[4] كلماتٌ غير واضحة في الأصل، وبياضٌ في الهندية.
[5] الكلمة مطموسة وما أثبته هو الأقرب إلى سياق الكلام. والله أعلم.
[6] وقع في الأصل هنا:فائدةٌ: أوَّل من أظهرَ الخلاف ورَكِبَ العِنَادَ وسارَ به في البلادِ إبليسُ، والفَرْقُ [بينه] وبين الملائكة أنَّهم لم يظهرْ منهم خِلافٌ ولا عِصيانٌ بل طلبوا بسؤالهم [التوضيح] والبيان، وإبليس أفتى وذلَّ في مسألته فانقطع في معاداته وخسر وعارض النص بالقياس وهذا فاسدٌ في الاعتبار. [فائدةٌ: أوَّل منْ جادلَ قومُ نُوْحٍ وذلكَ بيِّنٌ في سُورة هُودٍ في قوله: {قال يا قوم} [هود: 28] (...)] العظمى وما بين المعقوفتين سقط من الهندية، وهو ليس من كلام المؤلف، وإنما هو من زيادة الناسخ، وما يرجح ذلك أنَّ هذا الكلام لم يُذكر شيء منه من أول كتاب (المتواري) إلى آخره، وقد كُتِبَتْ هذه الزيادة بخط الناسخ. والله أعلم. وما تركته بياضاً وقع فيه طمسٌ.