المتواري على أبواب البخاري

باب ذكر البيع والشراء على المنبر في المسجد

          ░70▒ باب ذكر الشِّراء والبيع
          52- فيه أبو هريرة [☺]: «بعث رسول الله صلعم خيلاً قِبَل نجد، فجاءت برجلٍ من بني حنيفة يقال له ثُمامة بن أُثالٍ، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه رسول الله صلعم فقال: أطلقوا ثُمامة، فانطلق إلى نخلٍ قريبٍ من المسجد، فاغتسل، ثمَّ دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلَّا الله وأنَّ محمَّداً رسول الله». [خ¦462].
          [قلتَ رضي الله عنك:] ترجم (هنا) قبل هذا على ربط الأسير والغريم في المسجد، ثمَّ ساق حديث العفريت الذي همَّ النَّبيُّ صلعم بربطه(1) إلى سارية المسجد، ولم يربطه رعاية لدعوة سليمان ◙، وقد كان ذكْر الحديث (الذي) في هذه التَّرجمة أوقع وأنصَّ على المقصود؛ لأنَّ ثُمامة كان أسيراً فرُبِط في المسجد.
          فإمَّا أن يكون البخاريُّ سلك عادته في الاستدلال بالخفيِّ والإعراض عن الاستدلال بالجليِّ(2) اكتفاءً بسبق الأفهام إليه، وإمَّا أن يكون ترك الاستدلال بحديث ثُمامة لأنَّ النَّبيَّ صلعم لم يربطه ولم يأمر بربطه، وحيث رآه مربوطاً قال: «أطلقوا ثُمامة»، فهو بأن يكون إنكاراً لفعلهم أولى منه بأن يكون إقراراً، بخلاف قضيَّة العفريت، فإنَّ النَّبيَّ صلعم هو الذي همَّ بربطه، وإنَّما امتنع لمانعٍ أجنبيٍّ(3)، ووجه مطابقة حديث ثُمامة للبيع والشِّراء في المسجد أنَّ الذي تخيَّل المنع (مطلقاً) إنَّما أخذه من ظاهر: «إنَّ هذه المساجد إنَّما بنيت للصَّلاة ولذكر الله»(4)، فبيَّن / البخاريُّ تخصيص هذا العموم الحاضر بإجازة فعل غير الصَّلاة في المسجد وهو ربط ثُمامة؛ لأنَّه لمقصودٍ صحيحٍ، فالبيع كذلك، والله أعلم.


[1] في (ت): «أن يربطه».
[2] في (ع): «الجلي».
[3] في (ت) و(ع) زيادة: «والله أعلم».
[4] رواه البيهقي في «السنن» رقم ░20264▒ عن أنس بن مالك ☺.