مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الهاء مع الواو

          الهَاء مع الوَاو
          2255- قوله: «حتَّى تهَوَّر اللَّيلُ»؛ أي: ذهَب أكثَره وانهدَم كما ينهَدِم البناء، ومنه: {فَانْهَارَ بِهِ}[التوبة:109]، ويقال: تهوَّر اللَّيلُ وتوَهَّر بمعنًى، وكذلك البِناءُ.
          2256- قوله: «فأبَوَاه يُهوِّدَانِه» [خ¦1358]؛ أي: يُعلِّمانه اليَهودِيَّة ويحمِلانِه علَيها، وقيل: يكُونَان سبَب الحكمِ له في الدُّنيا بحُكمِهما ما دام صغِيراً، والهوادةُ المُحاباةُ، وأصلُه من التَّهويدِ، وهو السُّكونُ؛ أي: لا يسكن ولا يقضي على ترك حقِّ الله.
          وتقدَّم تَفسِيرُ «الهَودَجِ».
          2257- والهولُ الخوفُ، ومنه: «خَندَقاً في النَّارِ وهَوْلاً»؛ أي: أمر يهولُ ويخافُ منه.
          وقوله: «لا هَامَّ ولا صفَر»، وقوله: «وكيفَ حيَاةُ أصْداءٍ وهَامِ» [خ¦3921] الهام طائرٌ يألَف المَوتَى والقُبُور، وهو الصَّدَى؛ وهو طائرٌ يطِيرُ باللَّيلِ، وهو غيرُ البومِ لكِنَّه يُشبِهُه، وتزعُمُ العَربُ أنَّ الرَّجلَ إذا قُتِل فلم يُدرَك بثَأرِه خرَج من هامَتِه _وهو أعلَى رَأسِه_ طائرٌ يصِيحُ على قَبرِه: اسقُونِي اسقُونِي فإنِّي عطشان، حتَّى يُقتَل قاتِلُه، وقال بعضُهم: تخرُج من رَأسِه دودَة تنسلخُ عن طائرٍ يفعلُ ذلك، فنَهَى النَّبيُّ صلعم عن اعتقادِ ذلك، وإليه ذهَب غيرُ واحدٍ منهم أبو عُبيدٍ والحربيُّ، وقال مالكٌ: أُراها الطِّيَرةُ الَّتي يقال لها الهامةُ، وقد يحتمل أنَّه أراد التَّطيُّر بها أيضاً، فإنَّ العربَ أيضاً كانَت تتطيَّر بها، ومنهم من كان يتيَمَّن بها، وحُكِي هذا عن ابنِ الأعرابيِّ، قال أبو عُبيدٍ: كانَت العربُ تزعُم أنَّ عظامَ الموتَى تصِيرُ هامةً، ويسمُّون الطَّائر الذي يخرُج من هامة الميِّت / إذا بلى: الصَّدَى.
          2258- قوله: «فمَشَى على هِينَتِه» بكَسرِ الهاء، وأصلُه الواو من الهَونِ بالفَتحِ، وهو الرِّفقُ والتَّثبُّت في الأمرِ، ومنه: {يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان:63] قيل: بسَكِينةٍ ووقَارٍ، قال شمرٌ: الهِينَةُ بالكَسرِ، والهَونُ بالفَتحِ الرِّفقُ والدَّعةُ، يقال: امضِ على هِينَتِك، وقال بعضُهم: الهُوَينَا تصغِير الهُونَا، والهُونَا تأنيثُ الأهوَن؛ أي: الأرفَق، قال ابنُ الأعرابيِّ: العربُ تمدح بالهِينِ اللينِ؛ لأنَّه من الرِّفقِ والتَّثبُّت، قال: وتذم بالهيِّن اللَّيِّن المُثقَّل؛ لأنَّه من الهُونِ بضَمِّ الهاء؛ وهو الهوانُ، وقد قيل أيضاً بالضَّمِّ من الرِّفقِ، قالوا: ومنه الهُوينَا، وقال غيرُه: هما سواء مُثقَّلاً ومُخففَّاً، والأصلُ فيه التَّثقِيلُ.
          وقوله: «هوِّني علَيكِ» [خ¦4141]؛ أي: حقِّري هذا الأمرَ ولا تُعظِّميه.
          2259- قوله: «يتَهَوَّع» [خ¦244] قال في «البارع»: تهوَّع وهاع ويَهُوع، وهو إذا تكلَّف القَيء، وهاع يَهاعُ إذا غلَبه القيءُ وجاء من غيرِ تَكلُّف.
          وفي«الجمهرة»: هاع يهُوعُ ويهَاعُ إذا قاء، والاسمُ الهُواعُ والهوعُ، وقال أبو عُبيدٍ: هاع يهَاعُ إذا تَهوَّع.
          2260- قوله: «إيَّاكُم وهَيشَاتِ الأسْواقِ» أصلُه الواو، وقد رُوِي: «هوشات»، قال أبو عُبيدٍ: الهَوشةُ الفِتنةُ والاختِلاطُ، هوَش القومُ إذا اختَلَطوا، وقيَّدناه على أبي بَحرٍ بسُكونِ الياء، وقيَّده التَّميميُّ عن الجَيَّانيِّ بفَتحِها.
          2261- قوله: «فهَوِيَ رسولُ الله صلعم قَولَه»؛ أي: أحبَّه واستَحسَنه، والهَوَى: المَحبَّة.
          وقوله: «حتَّى هوَيتُ إلى الأَرضِ» [خ¦3238]؛ أي: سقَطتُ بفَتحِ الواو، وهذا أيضاً بمعنَى: هلَك ومات، ومنه قوله: {فَقَدْ هَوَى} [طه:81]، وزعَم بعضُهم أنَّ صوابَ هذا الحرفِ: «أهوَى إلى الأرضِ»، وكذا جاء في البُخاريِّ في الوَفاةِ، ولم يقُل شَيئاً، إنَّما يقال من السُّقوطِ هوَى، ومنه: «فهو يَهوِي في النَّارِ»؛ أي: ينزِل ساقطاً، قيل: هوَى من بَعيدٍ، وأهوَى من قَريبٍ.
          وقوله: «فجعَل النِّساءُ يُهوِين بأَيدِيهِنَّ إلى آذانِهِنَّ» [خ¦977]؛ أي: يتَناوَلن ويأخُذن ويملن بها، كما قال في الحديثِ الآخرِ: «يُشِرْن» [خ¦7325]، يقال: أهوَى بيَدِه، وأهوَى يدَه للشَّيءِ تنَاوَله.
          وقال صاحبُ «الأفعال»: هوَى إليه بالسَّيفِ وأهوَى أمالَه إليه، ومنه: «فأهْوَيت / نحوَ الصَّوتِ» [خ¦4039]؛ أي: ملت، ومنه: «فأهْوَى بيَدِه إلى الضَّبِّ»، و«يَهوِي بالصَّخرةِ لرَأسِه». [خ¦7047]
          ومنه في حَديثِ الإفْكِ: «وهَوَى حتَّى أنَاخَ» [خ¦4141]؛ أي: أسرَع، و«أهْوَت بيَدِها إلى حُجزَتِها» [خ¦3983]، و«أهوَى إلى الحَصْباءِ»؛ أي: مال(1)، ويكون أيضاً أسرَع.
          وقوله: «حتَّى هوَيتُ لأناوِلَهم منه» [خ¦7049]؛ أي: أملتُ يدِي أسقِيهِم، والهُوِي والهَوِي المضيُّ والإسراعُ، وهوَت النَّاقةُ والوَحشةُ أسرَعَت، ومنه: {تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ} [الحج:31]؛ أي: تمر به في سُرعةٍ.
          وفي حَديثِ البُراقِ: «ثمَّ انطَلَق يَهوِي»؛ أي: يُسرِعُ، وهوَت العُقابُ انقَضَّت على الصَّيدِ، فإذا راوغته قيل: أهوَت له، ويقال في الصُّعود والهُبوطِ: هوَى يهوِي هَوِيَّاً بالفَتحِ إذا هبَط، وهُوِيَّاً إذا صعِد، وقال الخليلُ: هما لغَتانِ بمعنًى، وقال ابنُ القُوطِيَّة: هو الطَّائرُ ترَفَّق في انقِضَاضِه، والنَّجم أسرَع في انكِدارِه، والدَّوابُّ في مَشيِها، والهُوِيُّ والهَوِيُّ قِطعةٌ من اللَّيلِ.


[1] في (ن): (أمال).