مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الهاء مع الجيم

          الهَاء مع الجيمِ
          2215- «ولا تَقولُوا هُجْراً؛ أي: سوءاً»، كذا في الحَديثِ، وقيل: فحشاً، والهُجْرُ: الفُحْشُ، وكلُّ فحشٍ سوء، يقال: أهجَر الرَّجلُ إذا قال الفُحشَ، ومنه قولُ خالدٍ: «ألَا تَسمَعُ هذه ما تَهجرُ به عندَ النَّبيِّ»، والمَشهورُ: «تَجْهَرُ». [خ¦2639]
          وقوله: «أهَجرَ رسولُ الله؟» [خ¦3168]، كذا هو الصَّحيحُ بفتحِ الهاءِ؛ أي: هَذَى؟ وإنَّما هذا على الاستِفْهام الذي مَعنَاه التَّقريرُ والإنكارُ لِـمَن ظَنَّ ذلك به؛ إذ لا يليقُ به الهذيانُ، ولا قولٌ غيرُ مَضبوطٍ في حالةٍ من حَالاتِه، وإنَّما جميعُ ما يَتكلَّم به حقٌّ وصحيحٌ لا سهوَ فيه ولا خُلفَ، ولا غفلَة ولا غلَط، في حالِ صحةٍ ومَرضٍ ونومٍ ويَقظةٍ ورضًى وغَضبٍ،والهُجرُ الهَذيانُ وكلامُ المُبرسَمِ والنَّائمِ، ومِثلُه يقال في كَثرةِ الكَلامِ من غيرِ كثيرِ فَائدةٍ، يقال منه: أَهجَرَ، وسنَذكُر الاختِلافَ فيه. [هـ ج]
          قوله: «ولو يَعلَمون ما في التَّهْجِير» [خ¦615] قال الخليلُ: الهَجْرُ والهَجِيرُ والهاجِرَةُ نِصفُ النَّهارِ، وأهجرَ القومُ وهجرُوا سارُوا في الهَاجرةِ، وقال غيرُه: هي شدَّةُ الحَرِّ.
          والتَّهجِيرُ للصَّلاةِ السَّعيُ إليها في الهاجرةِ على مُقتَضى اللَّفظ في اللُّغةِ، وحملَه بعضُهم على أنَّه التَّبكِيرُ إليها، وأنَّ ذلك لا يختصُّ بوَقتِ الهاجرةِ، قالوا: وهي لغة حِجازِيَّة، وكذلك تأوَّلوا في المُهَجِّر إليها، ومنه نشَأ الخلافُ في أيِّهما أفضَل، هل التَّبكيرُ إليها من أوَّلِ النَّهارِ أو السَّعيُ إليها في آخرِ السَّاعةِ السَّادسةِ، والتَّبكيرُ في أوَّلِ جُزءٍ من هذه الأجزاءِ.
          وقد / يحتَمِل عندي هذا الحديث الجُمعة والظُّهر، وقد سُمِّيت الظُّهر الهَجِير؛ لكَونِها تُصلَّى فيه، فسُمِّيت بالوَقتِ، وبدَليلِ قَولِه: «شَكَونا إلى رَسولِ الله صلعم حَرَّ الرَّمْضاءِ، فلم يُشكِنا» ترغِيباً لهم في فَضلِ التَّهجيرِ، ومنه: «هَجَّرْتُ إلى رَسولِ الله صلعم»؛ أي: جِئتُه في الهاجرَةِ.
          وقوله: «مُهاجَرِه إلى المَدينةِ»؛ أي: وَقت هِجرَتِه، وقوله: «لا هِجْرَةَ بعدَ الْفَتْحِ» [خ¦2783] وكلُّ ما تصرَّفَ من هذا، وأصلُه: هجرُ الوَطنِ وتَركُه، ومنه: «هاجَر إبراهيمُ» [خ¦2217]؛ أي: ترَك وطَنه وخرَج عنه.
          وقولُ عائشَةَ ☺: «ما كنتُ أهجُرُ إلَّا اسمَكَ» [خ¦5228]، وفي رِوايَةٍ: «أُهاجِرُ» [خ¦6078]، كذا في «كتابِ الأدَبِ» [إلَّا](1) لابنِ السَّكنِ فعِندَه: «أَهجُرُ» كما في سائر الأحاديثِ، وكِلاهُما بمعنًى؛ أي: أترُكُ ذكرَه، لا على معنَى البُغضِ والكَراهيةِ والعَداوةِ؛ إذ لو كان ذلك لكان كُفراً، ولكن على معنَى مُوجبِ الغَيرةِ التي جُبِل النِّساءُ علَيها، والدَّلِّ الذي طُبِع عليه المَحبُوباتُ مِنهُنَّ.
          قوله: «لا يَحِلُّ لمُسلمٍ أنْ يَهْجُرَ أخاهُ فوقَ ثَلاثٍ» [خ¦6065]، و«لا تَهاجَروا» من الهُجرانِ، وهو إظهارُ العَداوةِ، وقطعُ الكَلامِ والسَّلامِ عنه، كذا لأكثَرِهم بفَتحِ التَّاء، وكذا لابنِ ماهانَ في كتابِ مُسلمٍ، وكان عند أكثَرِ الرُّواةِ: «تَهْتَجِروا»(2) من الهاجرة(3) أيضاً، أو من الهجرِ.
          وكذلك في رِوَايةِ قُتيبَةَ عِندَه: «إلَّا المُهْتَجِرينِ»، وعند ابنِ ماهانَ: «المتهجِرينِ»، وكذا روَاه التِّرمذيُّ، وفسَّره المُتصَارِمَين، وهو بمعنَى ما ذكَرناه، وفي غيرِ حديثِ قُتيبَةَ: «إلَّا المُتهاجِرَين» على ما تقدَّم.
          قوله: «ليسَ له هِجِّيرَى» بكسرِ الهاء والجيمِ، ومَعنَاه: عادَتُه ودَأبُه، ويقال: إِهجيراه بكَسرِ الهَمزةِ.
          2216- «التَّهَجُّد» [خ¦19-1776] قيامُ اللَّيلِ، قال: وهو من الأضْدادِ، تَهجَّدَ إذا نام، وإذا سهِر لصَلاةٍ أو سَببٍ، قال تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ} [الإسراء:79]، قلتُ: هجَد نام، وتَهجَّد قام فسَهِر.
          2217- قوله: «وهَجَمَتْ عَيناهُ» [خ¦1153]؛ أي: غارَت.
          و«انْهَجَمَ الغارُ عليهم» [خ¦6899] سقَط، وقول مسلم: «فذلك يَهجِمُ به على الفَائدةِ»؛ أي: يقَع.


[1] استَدرَكناه من أصول «المشارق».
[2] في مُسلمٍ ░2563▒: (تَهَجَّرُوا)، قال النَّوويّ في «شرحه» 16/119: كذا هو في مُعظمِ النُّسخِ، وفي «الإكمال» 9/304: ورَويناه من طرُقنا عن الجُلُوديِّ: (تهجروا)، وضبَطناه عن أبي بَحرٍ: (تِهِجِروا)، ومعنى الكلمة: لا تهتجروا.
[3] في أصول «المشارق»: (المهاجرة).