مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الهاء مع الدال

          الهَاء مع الدَّال
          2220- قوله: «بعد هَدْءٍ من اللَّيلِ»؛ أي: نَومةٍ، وهدُوءِ النَّاسِ وسكُونِهم، وأصلُه السُّكونُ، يقال: هدَأ يَهدَأ إذا سكَن.
          وقوله: «فلم يزَلْ يُهدِّئه كما يُهدَّأُ الصَّبيُّ»؛ أي: يُسكِّنه ويُنوِّمه، من هدَأتُ الصَّبيَّ إذا وضَعتَ يدَك عليه لينامَ، وفي رِوايَةِ المُهلَّب: «يُهدِّيه» بغيرِ همزٍ على التَّسهيلِ، ويقال في ذلك أيضاً: يَهدِنُه بالنُّونِ، ورُوِي: «يُهَدْهِدُه»، من هَدْهَدَتِ الأمُّ ولدَها لينامَ؛ أي: حرَّكَتْه.
          ومنه: «إنَّ الصَّبيَّ هَدَأتْ نَفسُه» [خ¦1301] مِن هذا؛ أي: سكن، تُعَرِّض له بالنَّومِ، ومُرادُها الموت.
          ومنه قوله لحِرَاءٍ: «اهْدَأْ فإنَّما عليكَ / نَبيٌّ وصِدِّيقٌ وشهِيدٌ»؛ أي: اسْكُنْ.
          2221- قوله: «ثِياب مُهَدَّبَة» [خ¦77/6-8622]، «الإزَار المُهَدَّب» الذي له هُدبٌ؛ وهي أطرافٌ من سَدَاةٍ لم تُلحَم، وربَّما فُتِلَت يُقصَدُ به بقاؤُه، قاله الحربيُّ، وقد يُقصَدُ به جماله أيضاً، وفسَّره بعضُهم بما له خملٌ، ولم يقُل شيئاً، وهي الأهدابُ والهدبُ، واحدُها هُدْبة، ومنه قولها: «وإنَّما معَه مثلُ الهُدْبَةِ» [خ¦2639] تريدُ الخصلَة الواحِدَة من الهدبِ، ومثَّلَتْ ذَكَرَه بهُدبةِ الثَّوبِ.
          وقوله: «أَينعَتْ له ثَمرَتُه فهو يَهْدِبها(1)» [خ¦1276] بكَسرِ الدَّالِ؛ أي: يجنِيهَا، يقال منه: هدَبَها يَهْدِبُها ويهدُبها، وهو نوعٌ من الاحتلابِ، وهدَب النَّاقةَ حَلَبَها.
          2222- قوله: «أُحْمَلُ في هَوْدَجٍ» [خ¦2661] هو مِثلُ المِحَّفة، عليه قبَّة، وهو من مراكبِ النِّساءِ، وأصلُه من الهدْجِ بسُكونِ الدَّالِ، وهو المَشيُ الرُّوَيدُ.
          2223- قوله: «فأَهْدَرَ ثَنِيَّتَه» [خ¦2265]؛ أي: أبطَلَها دون قِصاصٍ ولا دِيَة، يقال: هدَر الدَّم يهدُر هدَراً، وأهْدَره السُّلطانُ.
          2224- قوله: «هُدْنَةٌ على دَخَنٍ»؛ أي: صُلحٌ وسُكونٌ، وهَدَّنتِ المرأةُ ولدَها لينَامَ، مثلُ هدأت الصَّبي؛ أي: سكنَت، أراد أنَّ ظاهرَها بخلافِ باطنِها، وأنَّ القُلوبَ ليسَت مُؤتلفةً في الباطنِ ولا خالصةً، والدَّخَنُ كُدورةٌ في اللَّونِ، وتقدَّم في الدَّالِ.[د خ]
          2225- قوله: «عندَ هَدَمٍ له»؛ أي: بناءٍ مَهدُومٍ، ومِثلُه: «وصاحبُ الهَدمِ شهِيدٌ» [خ¦653]، و«الهَدِم شهِيدٌ» بكَسرِ الدَّالِ قيَّدناه؛ أي: الذي مات تحت الهَدَم بفتح الدَّال؛ وهو ما انهدم، ومِثلُه الحَرِق، ومَن روَاه «وصاحبُ الهدْمِ» بالإسكان هو اسمُ الفعلِ.
          2226- قوله: «إلى هَدَف أو حَائِش نَخْلٍ» الهدفُ ما علا من الأرضِ، وسُمِّيَ قرطاسُ الرَّمي هدفاً لانتصابِه وارتفَاعِه.
          2227- قوله: «أشبَه هدياً منه بالنَّبيِّ صلعم» الهَديُ حيثُ ذُكِر الطَّريقةُ والمَذهبُ والسَّمتُ، ومنه قوله: «إنَّ الهَدْي هَدْيُ محمَّدٍ صلعم» [خ¦6098] بفَتحِ الهاء، ورُوِي بضَمِّها، وهو ضِدُّ الضَّلالِ.
          وقوله: «يَهتدُون بغَيرِ هدْيٍ» [خ¦7084] ضبَطَه الأصِيليُّ والقابِسيُّ مرةً بضَمِّ الهاء، وبالوَجهَين قيَّدناه في غير مَوضعٍ، وقوله: «لا يَهتَدون بهَدْي» كذا / قيَّدناه لابنِ الحذَّاءِ، ولسائرِهِم: «بهُدَايَ».
          وقوله: «اللهُمَّ اهْدِنِي»؛ أي: بيِّن لي ودلَّني عليه، و{اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ} [الفاتحة:6] ثبِّتنا عليه.
          وقوله: «هو يَهْدِينِي السَّبيلَ» [خ¦3911]؛ أي: يدُلنِي عليه، عرَّضَ بطَريقِ الأرضِ والمرادُ طريق الآخِرةِ والجنَّة، {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ} [فصلت:17]؛ أي: دللنَاهُم وبيَّنا لهم، {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص:56]؛ أي: لا توفِّقه، ومنه «إنَّ الله هو الهَادِي»؛ أي: المُوفِّق.
          قوله: «يُهادَى بينَ اثنينِ» [خ¦664]؛ أي: يمشي بينهما متَّكئاً عليهما، والتَّهادي: المشي الثَّقيلُ مع التَّمايلِ يميناً وشمالاً، ورواه بعضهم «يَتَهادَى».
          وقوله: «كالذي يُهْدِي بَدَنَةً» [خ¦929] الهَدْيُ والهَدِيُّ ما يُهدَى إلى البَيتِ من بَدنةٍ وبَقرةٍ وشَاةٍ، وأهلُ الحجازِ يخفِّفون، وتميمٌ وسُفْلى قيسٍ يُثقِّلونَه، الواحِدةُ هَدْيَة وهَدِيَّة.
          وقوله: «ما هَدْيُه»، ويُروَى: «هدِيُّه» التَّخفيفُ لابنِ وضَّاحٍ، وفي البُخاريِّ: «باب مَنِ اشترَى هَدْيَه» [خ¦25/114-2680]، كذا للأصِيليِّ، ولغَيرِه: «هَدِيَّةً» مُنوَّنة مُثقَّلة على ما قدَّمناه.
          واختَلَف الفُقهاءُ على ماذا ينطَلِقُ هذا الاسمُ، فقال ابنُ المعدَّل الهذليُّ: لا يقَع إلَّا على ما سِيقَ من الحِلِّ إلى الحرمِ، وقال الطَّبريُّ: سُمِّي الهديُ؛ لأنَّ مُهدِيه يتَقرَّب به إلى الله تعالى، كالمُهدِي إلى صَديقِه، قال القاضي: وظاهرُ هذا أنَّ الهديَ يَعمُّ ما سِيقَ من الحَرمِ وما لم يُسَقْ.
          و«هَاديةُ الشَّاةِ» مُقَدَّمُها وهو عنقُها.
          ويقال من الهدي: هدَيتُ الهدي، وهَدَيتُ المَرأةَ إلى زَوجِها، وقد قيل: أهدَيت، وأمَّا من الهَدِيَّة فأهدَيت، ومن البيانِ والهُدى هدَيت لا غير.


[1] بكسر الدال وضمها.