مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الهاء مع الراء

          الهَاء مع الرَّاء
          2229- قوله: «ويَكثُر الهَرْجُ» [خ¦85] بإسكان الرَّاء، فسَّره في الحَديثِ: «القَتلُ بلُغةِ الحَبَشةِ» [خ¦7065]، فقوله «بلُغةِ الحَبَشةِ» وهمٌ من بعضِ الرُّواةِ، وإلَّا فهي عرَبِيَّة صحِيحةٌ(1)، / والهَرجُ: الاختِلاطُ، ومنه: «فلن يزالَ الهرجُ إلى يومِ القيامةِ»، ومنه: «العِبادةُ في الهَرْجِ كهِجْرةٍ إليَّ».
          وقوله: «يَتَهارَجونَ تَهارُجَ الحُمُرِ» قيل: يتخالَطُون رِجالاً ونِساءً، ويتَناكحُون مُزانَاةً، ويقال: هَرَجَها إذا نَكَحَها يَهرجُها بفتحِ الرَّاء وضمِّها وكَسرِها.
          2230- قوله: «بينَ مَهْرُودَتَينِ»؛ أي: شُقَّتين أو حُلَّتين، قال ابنُ قُتيبَةَ: مأخُوذٌ من الهرَدِ، وهو الشَّق، والشَّقةُ نصف المُلاءةِ، قال ابنُ دُريدٍ: إنَّما سُمِّي الشِّق هرداً للإفساد لا للإصلاحِ، وقال ابنُ السِّكِّيت: هَرَد القصَّارُ الثَّوبَ وهرَته إذا خرَقه، وقيل: أصفَرَين كلون الحَوذانَة، وهو ما صُبغ بالوَرسِ والزَّعفرانِ، فيقال له: مَهرُود.
          وقال ابنُ الأنباريِّ: يقال: مَهرُودتان بدالٍ وذالٍ معاً؛ أي: «مُمَصَّرَتَينِ» كما جاء في الحديثِ الآخَرِ، وقال غيرُه: الثَّوبُ المَهرُود الذي يُصبَغ بالعُروقِ، الَّتي يقال لها: الهُردُ بضمِّ الهاء.
          وقال المُقرِئ(2) : هَرَد ثوبَه بالهُرْد، وهو صِبغٌ يقال له العُروقُ، وقال الجَيَّانيُّ: يقال له: الكُرْكُم، وقال القُتَبِيُّ: إنَّما هو مَهرُوتَين؛ أي: صَفراوَين، وخطَّأ ابنُ الأنباريِّ في قَولِه هذا، وقال: إنَّما تقول العرب: هَرَّيْتُ الثَّوبَ لا هرَوْت، ولا يقولون ذلك إلَّا في العَمامةِ خاصَّةً.
          2231- قوله: «أعوذُ بالله من الهَرَمِ» [خ¦6371]، و«كبيراً هرماً»، و«هَرِمَةٌ» [خ¦1455] وهو غايةُ الكِبَرِ، وضَعف الشَّيخ، وإنَّما استَعاذ من هذا كما قال: «وأنْ أُرَدَّ إلى أَرذَلِ العُمُرِ» [خ¦2822]، يقال: هرِم الرَّجلُ يهرَم هرَماً، ورجالٌ هَرْمَى، وامْرَأةٌ هَرِمةٌ، ونساءٌ هَرْمَى وهَرِمات.
          2232- «فقُمتُ إلى مِهْراسٍ» [خ¦7253] هو الحجرُ الَّذي يُهرَس به الشَّيء وما يحتاج إلى هَرسِه؛ أي: يُدَق.
          2233- قوله: «أتَيتُه هَروَلَة» [خ¦7405] معناه: في سرعةٍ وإجابةٍ، قال الخليلُ: الهَروَلةُ بين العدْوِ والمَشيِ، قال القاضي: ومعناه في حقِّ الله ╡ الذي لا تجُوزُ عليه الحَركَة والانتِقالُ سُرعةُ إجابَتِه، وقربُ قبولِ تَوبةِ العَبدِ، وقربُ تَقريبِه من هِدايَتِه ورَحمَتِه.


[1] بل هذا التَّفسيرُ مَروِي عن سيِّدنا أبي موسى الأشعريِّ، قال الحافظُ في «الفتح» 13/18: فكيف يُدَّعى على مثله الوهم في تفسير لفظة لغوية، بل الصَّوابُ معه، وأخطَأ من قال نِسبَة تفسير الهرج بالقتل للسان الحبشة وهم، ووجه الخطَأ أنها لا تستعمل في اللغة العربية بمعنى القتل إلا على طريق المجاز، لكون الاختلاط مع الاختلاف يفضي كثيراً إلى القَتلِ، وكثيراً ما يُسمَّى الشَّيء باسم ما يَئُول إليه، واستعمالها في القتل بطريق الحقيقة هو بلسان الحبش، واستعمال العرب الهرج بمعنى القتل لا يمنع كونها لغة الحبشة، وإن ورَد استعمالها في الاختلاط والاختلاف. انتهى بتصرُّف يسير.
[2] وقع في (س) و(ف): (المَعرِّي)، وفي (ن): (المبرد)، وقوَّمناه من أصول «المشارق»، وكذا في «الإكمال»، وهو أبو العلاء المقرئ.