مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الغين مع النون

          الغينُ مع النُّون
          1717- «غُنْثر» [خ¦602] بفتحِ الثَّاءِ وضمِّها / عن أبي الحسينِ وغيرِه، وذكرَ الخَطَّابيُّ فيه عن النَّسفيِّ فتحَ العينِ المهملةِ وتاءً منقوطةً باثنتينِ من فوقِها، وفسَّره بالذُّبابِ الأزرقِ، والصَّحيحُ الأوَّلُ، ومعناه يا لئيمُ يا دنيءُ؛ تحقيراً له، تشبيهاً بالذُّبابِ، والغُنثَرُ: ذبابٌ.
          وقيل: مأخوذٌ من الغَثْرِ وهو السُّقوطُ، وقيل: هو بمعنى: يا جاهل، ومنه قول عثمانَ: «هؤلاءِ رَعاعٌ غثَرَة»(1)؛ أي: جهلةٌ، والأغثرُ: الجاهلُ، ومثلُه الغاثرُ، وغَـــثْرٌ معدولٌ عنه، ثمَّ زيدَت فيه النُّونُ، قال الخَطَّابيُّ: وأحسبُه الثَّقيل الوخيم.
          1718- قوله في العَرِبةِ: «هي الغَنِجَة» [خ¦59/8-5029] هو شكلٌ في الجاريةِ وتكسُّرٌ وتدلُّلٌ.
          1719- قول عمرَ: «ربَّ الغُنَيمة» [خ¦3059] صغَّرها؛ لأنَّه أرادَ جماعةَ الغنَم أو قطعةً منها.
          وكذلك: «وجدَني في... غُنَيمَة» [خ¦5189]، و«السَّكِينَة في أهلِ الغَنَم» [خ¦3301] أرادَ بذلك أهلَ اليمنِ، وأكثرُهم أهلُ غَنَمٍ، بخلافِ مُضَرَ وربيعةَ؛ لأنَّهم أصحابُ إبلٍ.
          1720- والغنَى الكفايةُ والجرأةُ، والغِنَى ضِدُّ الفقرِ، ومنه: «خَيرُ الصَّدقةِ ما كان عن ظَهرِ غِنىً» [خ¦1426]؛ أي: «ما أبقَت غنىً»، قيل معناه: الصَّدقةُ بالفضلِ عن قوتِ عيالهم وحاجتِهم.
          كقوله: «وابدأ بمن تَعُولُ» [خ¦1426]؛ كقوله: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} [البقرة:219]، قيل: الفضلُ عن أهلِك، وقيل في قوله: «ما أبقَت غنىً» ما أغنيتَ به عن المسألةِ مَن أعطيتَه.
          وقوله: «تَغنِّياً وتَعَفُّفاً» [خ¦2371]؛ أي: ليكتسبَ بها ويستغني عن الحاجةِ إلى النَّاسِ، وقوله: «لا تَحِلُّ الصَّدقةُ لغَنيٍّ» هو من هذا، وقال أبو الدَّرداءِ: هي صحَّةُ الجسدِ.
          والغِنَاءُ الصَّوتُ، ومنه: «لَيسَ منَّا من لم يتغنَّ بالقرآنِ» [خ¦7527] فقال سفيانُ: يستغنِي به، ويقال: تغنَّيتُ وتغانيتُ بمعنَى استغنيتُ.
          وقوله: «ما أذِنَ الله لشيءٍ كأَذَنِه لنبيٍّ يتغنَّى بالقرآنِ» [خ¦5023]؛ أي: يجهرُ به، وقيل: يحسِّنُ به صوتَه كما قد جاءَ: «زيِّنُوا القُرآن بأَصواتِكم» [خ¦97/52-11115] وقيل: معناه تحزينُ القراءَةِ وترجيعُ الصَّوتِ بها، وقيل معنى يتغنَّى به يجعلُه هِجِّيراه وتسليةَ نفسِه وذِكرَ لسانِه في كلِّ حالاتِه كما كانت العربُ تفعلُ ذلك بالشِّعرِ والحُداءِ والرَّجزِ في قطعِ مسافاتِها وأسفارِها وحروبِها.
          قول عثمانَ: «أغنِها عنَّا» [خ¦3111] بقطعِ الألفِ؛ أي: اصرِفها وسِرْ بها عنَّا، وقيل: كفَّها عنِّي، يقال: أغنِ عنِّي شرَّك؛ / أي: كفَّه، ومنه: {لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس:37] و {لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ} [آل عمران:10] و {لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللهِ شَيئًا} [الجاثية:19]؛ أي: يصرفُ ويمنع.
          وقوله: «وعندنا جاريتان تُغنِّيان بما تَقاوَلت الأنصارُ... قالت: وليسَتا بمُغنِّيتَين» [خ¦952] الغِناءُ الأوَّلُ من الإنشادِ، والثَّاني من الصِّفةِ اللَّازمةِ؛ أي: ليستا ممن اتَّصفَ بهذا واتَّخذَه صنعةً، إلَّا كما يُنشِد الجوارِي وغيرُهم من الرِّجالِ في خلواتِهم ويترنَّمون به في شؤونِهم، وقيل: «ليسَتا بمغنِّيتَين» الغِناءَ المصنوعَ العجميَّ الخارجَ عن أساليبِ العربِ.


[1] انظر «غريب الحديث» لابن قتيبة: 2/78.