مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الغين مع الميم

          الغينُ مع الميم
          1708- قوله: «إلَّا أن يتَغمَّدني الله برحمتِهِ» [خ¦5673]؛ أي: يسترُني بها ويُلْبِسنيها، ومنه: غِمدُ السَّيفِ، الذي يصونُه ويستُرُه.
          1709- قوله: «قد غَامَر» [خ¦3661] فسَّره المُسْتَملي عن البُخاريِّ؛ أي: سبقَ بالخيرِ، وقال الشَّيبانيُّ: المغامرةُ المعاجلةُ، ومعناه قريبٌ من هذا؛ أي: سارعَ وقد غاضبَ، وهو فاعلٌ من الغَمْرِ؛ وهو الحِقدُ، وقال الخَطَّابيُّ معناه: خاصمَ، فدخلَ في غمراتِ الخصومةِ، / ومنه في الحديثِ الآخرِ: «ولا ذِي غِمْرٍ على أخيه» وهو الحِقدُ والضِّغنُ.
          وقوله: «بَطَلٌ مُغَامِرٌ»؛ أي: يخوضُ غمراتِ الحروبِ؛ أي: شدائدَها، ومنه: {غَمَرَاتِ الْمَوْتِ}[الأنعام:93] شدائدُه، ومنه في الحديثِ: «لكانَ في غَمَرَاتٍ من النَّارِ»؛ أي: شيءٍ كثيرٍ واسعٍ يغمُرُه ويغطِّيه، وقوله: «كمثلِ نَهرٍ... غَمْرٍ»؛ أي: كثيرِ الماءِ متَّسعٍ.
          قوله: «اطلِقُوا لي غُمَرِي» هو القَدَحُ الصَّغيرُ.
          1710- قوله: «فإذا سَجَد غَمَزني» [خ¦382]؛ أي: طعنَ بإِصْبَعِه فيَّ لأقبضَ رِجْلَيَّ من قِبلتِه، ومثلُه: «فَغَمَز ذِراعي»، و«يَغمِزُني فأفتحُ عليه»، و«فالتفتُّ فَغَمَزني» قال ابنُ وضَّاحٍ: معناهُ أشارَ إليَّ، والأوَّلُ أولى؛ لأنَّه في روايةِ مُطرِّفٍ وجماعةٍ: «فوضعَ يَده في قَفَاي فغَمَزني»، ومنه: «يتعرَّضُ الجوارِيَ... يَغمِزُهُن» [خ¦755]؛ أي: يقرُصُهنُّ.
          وقوله: «لا تُعذِّبْنَ أولادَكنَّ بهذا الغَمزِ» [خ¦5696] وهو رفعُ اللَّهاتِ بالإِصْبَعِ.
          وقوله في حديثِ جابرٍ في الشَّجْبِ وهي القِربةُ: «فيَغمِزُه بيَده»؛ أي: يعصِرُه، قلت: وتحقيقُ هذا كلِّه أنَّه بمعنَى شدِّ اليدِ على الشَّيءِ.
          1711- قوله: «مَن... غَمِطَ النَّاسَ»؛ أي: من استحقرَهم كذا لهم، ورواهُ بعضُهم: «غَمِصَ النَّاسَ»، وهو بمعنى عابَهم، وكذا هو في كتابِ الخَطَّابيِّ.
          1712- وقوله: «فإن غُمَّ عليكُم» [خ¦1900]؛ أي: سترَه الغمامُ، وكذا في «الموطَّأ» من غيرِ خلافٍ، وفي مسلم: «فإن أُغمِيَ» في حديثِ يحيى بنِ يحيى.
          وفي روايةِ بعضِهم: «غُمِيَ»، وكذا في البخاريِّ [خ¦1900]، وقيل: معنى هذه الرِّوايةِ لُبِّسَ عليه وسُتِرَ عنه، من إغماءِ المريضِ، يقال: غُمِيَ عليه وأُغمِيَ والرُّباعيُّ أفصحُ، وقد يكون من المعنى الأوَّلِ.
          قال الهرويُّ: غامَتِ السَّماءُ وأغامَت وتغيَّمَت وغيَّمت وغِيمَت وغَمَّت وأَغمَّت وغَمَتِ وأَغمَت، فعلى هذا يصحُّ: غُمِيَ وأُغمِيَ من الغَيم، وأنكرَ أبو زيدٍ غامَتِ السَّماءُ، وأنكرَها غيرُه، وقد جاءَ في «السُّننِ»: «فإن حَالت دونَه غَمَامةٌ» فهذا تفسيرٌ لذلك الحديثِ نفسِه.
          وكان في روايةِ الصَّدفيِّ من شيوخِنا، والخُشنيِّ عن الطَّبريِّ في كتابِ مسلمٍ في حديثِ ابنِ معاذٍ: «عَمِيَ» بعينٍ مهملةٍ؛ أي: التَبَسَ، وذكرَه البُخاريُّ في حديثِ أبي هريرةَ / في «بابِ إذا رأيتمُ الهلالَ فصومُوا»: «غُبِّيَ» [خ¦1909] بضمِّ الغينِ، كذا للأصيليِّ والقابسيِّ، ولأبي ذرٍّ: «غَبِيَ» بفتحِها؛ أي: خَفِيَ.
          وقوله:
«وأبيض يُستسقى الغَمَام بوجهه                     ...............» [خ¦1008]
          قال نفطويه: وهو الغيمُ الأبيضُ، سُمِّي بذلك؛ لأنَّه يُغِمُّ السَّماءَ ويَستُرها، وقيل: بل سُمِّي بذلك لأجلِ إلقاحِه بالماءِ؛ لأنَّه يَغَمُّه في جوفِه، قال شِمْرٌ: ويجوزُ سُمِّي بذلك من أجلِ غَمْغَمَتِه وهو صوتُه، والغمامُ يكونُ واحداً ويكونُ جمعاً.
          وقوله في حديث أنسٍ: «فجعلتُ أغْتَمُّ لذلك» [خ¦5163]؛ أي: أصابنيَ الغَمُّ؛ لتأذِّي النَّبيِّ صلعم بذلك، وضبطَه بعضُهم: «أَعتِمُ» وفسَّرَه بمعنى: أبطأَ، ولا معنى له ولا صحَّت به روايةٌ! وإنَّما ظنَّه ظنَّاً لمَّا أشكلَ عليه، وإنَّما أرادَ به أغتمَّ لغمِّ النَّبيِّ صلعم حينَ أطالوا الحديثَ عندَه، والمغمومُ المهمومُ الذي غَمَّ قلبَه الهمُّ؛ أي: سترَه واشتملَ عليه.
          وقوله: «كأنَّما غَمامَتانِ»، يعني: سحابتينِ بيضاوينِ، و«الغَيايةُ» مثله.
          1713- وقوله: «أغمِصُه عليها» [خ¦2661]؛ أي: أعيبُها به، والغمصُ العيبُ والطَّعنُ على النَّاسِ.
          و«مَغمُوصاً عليه» [خ¦4418]؛ أي: مطعوناً عليه.
          والغُميصاءُ من النِّساءِ هي التي في عينِها غَمَصٌ؛ أي: رمصٌ؛ وهو القذَى تقذِفُه العينُ، وقيل: هو انكسارٌ في الجَفْنِ، وقد كانَت أمُّ أنسٍ تُعرَف بـــ«الرُّمَيصَاءِ»و«الغُمَيصَاءِ»، وجاءَ اللَّفظان في مسلمٍ بالغينِ مصغرٌ، وفي البُخاريِّ: [خ¦3679] بالراءِ مُصَغرٌ، وفي غيرِهما: (الرَّمصاءُ) بالراءِ مكبرٌ(1).
          1714- وقوله: «فأغْمَضَه»؛ أي: أطبقَ أجفانَه بعضُها على بعضٍ، يقال: أغمضَ الرَّجلُ إذا نامَ، وأغمضتُ الميِّتَ.
          1715- وقوله: «وكان غَمَسَ حِلفاً» [خ¦3905]، أو«يمينَ حِلْفٍ» [خ¦2263]؛ أي: حالفَهم، وكانت عادتُهم أن يُحضِروا طيباً في جَفْنَةٍ، أو دماً أو رماداً فيُدخِلون فيه أيديَهم ليُتِمُّوا عقدَ تحالُفِهم بذلك، وبه سُمِّي بعضُهم المُطيَّبين، وبعضُهم لَعَقةَ الدَّم، ووقعَ هذا الحرفُ في كتابِ عُبدوسٍ: «عَمَسَ» بعينٍ مهملةٍ وهو تصحيفٌ.
          و«اليَمِينُ الغَمُوس» [خ¦6657] هي التي يُقطَع بها الحقُّ، وقال الخليلُ: هي التي لا استثناءَ فيها، قيل: سُمِّيت بذلك لغَمسِها صاحبَها في المأثم، وقيل: في النَّارِ.
          1716- قوله: «فلمَّا أُغمِي عَليه» [خ¦687]؛ أي: غُشي عليه، قال صاحبُ «الأفعالِ»: يقال: غُمِيَ عليه، وأُغمِيَ عليه إذا غُشِيَ عليه(2).


[1] في (ن): (وجاء اللفظان في مسلم، قال بعضهم: المشهور فيها الرُّميصاء، وفي أختها الغميصاء، وفي مسلم: بالغين مصغَّر، وفي البخاريِّ: بالرَّاء مصغَّر).
[2] زاد في «المطالع»: (وقال غيره: والرباعي أفصح).