مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الغين مع اللام

          الغينُ مع اللَّام
          1699- قوله: «ليسَ بالأغاليطِ» [خ¦525] جمعُ: أُغْلُوطةٍ، وهو ما يُخلَطُ فيه ويُخطَأ؛ أي: ليسَ فيه كذبٌ ولا وهمٌ، ومنه: «النَّهي عن الأغلوطاتِ»، جمعُ أُغلوطةٍ أيضاً، وهي صِعابُ المسائلِ، ودقاقُ النَّوازلِ التي يُغلَطُ فيها، وقال الدَّاوديُّ: «ليسَ بالأغاليطِ»؛ أي: ليسَ بالصَّغيرِ الأمرِ، واليسيرِ الرَّزيةِ.
          1700- قوله: «إنَّ رَحمَتي تَغلِبُ غَضَبِي» [خ¦7404] هذه إشارةٌ لسعةِ الرَّحمةِ وشمولِها على الخلقِ، فكأنَّها الغالبُ، ولذلك يقال: غَلَبَ على فلانٍ حبُّ المالِ أو الكَرَمِ أو العَقلِ؛ أي: أكثرُ خصالِه أو أفعالِه، وإلَّا فغضبُ الله ورحمتُه صفتانِ من صفاتِه، راجعةٌ إلى إرادتِه للثَّوابِ والعِقابِ، وصفاتُه لا توصفُ بغلبةِ إحداها الأخرَى، ولا سبقِها لها، لكنَّه استعارةٌ على مجازِ كلام العربِ في المبالغةِ.
          وقوله في سقايةِ الحاجِّ: «لولا أن تُغلبوا لَنزَلتُ حتَّى أضَعَ الحَبْلَ على هذه» [خ¦1635] يريدُ يقتدِي بيَ النَّاسُ في الاستقاءِ، فيغلبوكم على سقايتكُم و يمنعوكُم من ذلك.
          قوله: «لن يُشَادَّ الدِّين... إلَّا غلبَه» [خ¦39] يُرْوَى برفعِ «الدِّينِ» وفتحِها، ومعناه التَّعمُّقُ والغلوُّ في الدِّينِ، وقوله: / «إلا غَلَبه»؛ أي: أعياه غلوُّه، وأضعفَ قوَّتَه، وملَّه وتركَه، ويفسِّرُه قوله: «اكلَفُوا من العَملِ ما تُطيقونَ» [خ¦1966]، و«شرُّ السَّيرِ الحَقْحَقَةُ».
          1701- وقوله: «أنتَ أغلَظُ وأفظُّ» الغِلظَةُ: الشِّدَّةُ في القولِ، ومنه: {وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً} [التوبة:123].
          1702- و«نَهى عن الغُلول» هي الخِيانةُ، وكلُّ خيانةٍ غُلولٌ، لكنَّه صارَ في حكم الشَّرعِ خيانةَ المغانم خاصَّةً، يقال: غَلَّ وأغلَّ، ومن قال فيه: يُغِلُّ بضمِّ الياءِ، جعلَه من الإغلالِ؛ وهي الخيانةُ، وذُكِر عن حمَّادِ بنِ أسامةَ أنَّه كان يرويه: «يَغِلُّ» بتخفيفِ اللَّام، من: وَغَل، يَغِل وُغولاً.
          وقوله: «لا يَغلُّ عليهنَّ قلبُ مسلمٍ» بفتحِ أوَّله وتشديدِ اللَّام؛ أي: لا يحقِدُ، والغِلُّ بالكسرِ الحقدُ.
          وقوله: «وأكره الغُلَّ» بالضَّمِّ هي جامعةٌ من حديدٍ أو شبههِ يُجعَل في العُنقِ.
          1703- قوله: «فصادَفْنا البحرَ حينَ اغتَلَم»؛ أي: هاجَ وارتفعَ موجُه، ومنه: اغتلامُ الشَّبابِ والفُحولةِ؛ وهو هيجانُهم للضِّرابِ.
          وقوله: «نامَ الغُلَيِّم» [خ¦117] يقال للصَّبيِّ من حينِ يولدُ إلى أن يبلغَ: غلامٌ، وتصغيرُه غُليمٌ، وجمعُه غِلمانٌ، وأُغيلِمةٌ تصغيرٌ، ويقالُ أيضاً للرَّجلِ المستحكم القوَّةِ: غُلامٌ.
          1704- وقوله: «غَلَّفَها بالحنَّاءِ والكَتَم» [خ¦3919] الرِّوايةُ بشدِّ اللَّام، قال ابنُ قتيبةَ: غَلَفَ لحيتَه خفيفٌ ولا يقالُ بالتَّشديدِ.
          وفي «العين»: غَلَف لحيته، قال ابنُ الأنباريِّ: وقولُ العامَّةِ غَلَّفَ لحيتَه بالغاليةِ خطأٌ، والصَّوابُ غَلَيتها بالغاليةِ، وقال الحربيُّ في الحديثِ: «كنتُ أغلِّلُ لحيةَ رسولِ الله صلعم بالغاليةِ»، قال الأصمعيُّ: يقال تَغَلَّى بالغاليةِ، وتغلَّل إذا أدخلَها في لحيتِه وشاربِه، وقال الفرَّاءُ: لا يقال: تَغَلَّى.
          قوله: «وقُلُوباً غُلْفَاً» [خ¦2125] وهو مثلُ قولِه تعالى: {وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ} [البقرة:88] معناه: كأنَّه من قلَّةِ فطنَتِه وانشراحِه لا يصلُ إليه شيءٌ ممَّا يُسمَع، فكأنَّه في غلافٍ، وهو صِوانُ الشَّيءِ وغطاؤُه وهي الأكنَّةُ، وقوله: {فِي آذَانِنَا وَقْرٌ} [فصلت:5].
          و«في ذبيحةِ الأغلَفِ» كذا رواه ابنُ السَّكنِ، ولغيرِه: «الأقلَفِ» [خ¦72/22-8200] / وهما بمعنًى، هو الذي لم يُختَن.
          1705- قوله: «لا طلاقَ في الإِغلَاقِ» [خ¦68/11-7835] هو الإكراهُ، وهو مِنْ أغلَقتَ البابَ، وإلى هذا ذهبَ مالكٌ، وقيل: الإغلاقُ هنا الغضبُ، وإليه ذهبَ أهلُ العراقِ، وقيل معناه: النَّهيُ عن إيقاعِ الطَّلاقِ الثَّلاثِ كلِّه بمرَّةٍ، وهو نهيٌ عن فعلِه، وليسَ بنفيٍ لحكمِه إذا وقعَ، لكن ليُطلِّقْ للسُّنَّةِ كما أمره.
          وقوله: «غلَّقتِ الأغاليق» [خ¦4039]؛ أي: المفاتيح.
          و«غلَقُ الرَّهنِ» أخذُه بما عليه، إذا مرَّ الأجلُ بشرطٍ يتقدَّمُ فيه، وقيل: معناه لا يذهبُ الدَّينُ بضياعِ الرَّهنِ، وإنَّه إن ضاعَ الرَّهنُ عندَ المُرتهنِ رجعَ صاحبُ الدَّينِ بدَيْنِه، وأنكرَ هذا أبو عبيدٍ من جهةِ اللُّغةِ.
          1706- و«الغَلَسُ» [خ¦867] آخرُ اللَّيلِ حينَ يشتدُّ سوادُه، قاله أبو زيدٍ، ومنه: «غَلَّسنا» [خ¦1679]؛ أي: فعلنَا ذلك، وآتيناه ذلكَ الوقتَ.
          1707- «والغَلوَة» [خ¦489] طَلَقُ الفرس، وهو أمَدُ جريِه، وهو الغِلاءُ مكسورٌ ممدودٌ، وأصلُه في السَّهم، وهو أن يرميَ به حيثُ بلغَ، وأصلُه الارتفاعُ ومجاوزةُ الحدِّ، ومنه غَلاءُ الطَّعام وغيرِه، والاسمُ من الرَّميِ والجري غِلاءٌ.
          و«الغُلوُّ في الدِّينِ» [خ¦96/5-10805] من هذا، وهو الخروجُ عن الحدِّ ومجاوزتُه، ومنه قوله تعالى: {لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ}[النساء:171].