إرشاد الساري إلى اختصار صحيح البخاري

حديث: هل رأى أحد منكم من رؤيا؟

          1350- حَدِيثُهُ(1) عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلعم مِمَّا يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ لِأَصْحَابِهِ: «هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رُؤْيَا؟» قَالَ: فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللهُ أَنْ يَقُصَّ، وَإِنَّهُ قَالَ لَنَا ذَاتَ غَدَاةٍ: «إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ(2)، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي، وَإِنَّهُمَا قَالَا لِي / : انْطَلِقْ، وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا، وَإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ بِرَأْسِهِ(3)، فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ، فَيَتَدَهْدَهُ(4) الحَجَرُ هَهُنَا، فَيَتْبَعُ الحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ، فَلَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِهِ(5) مَرَّةَ الأُولَى(6)، قَالَ: قُلْتُ: سُبْحَانَ اللهِ! مَا هَذَانِ؟ قَالَ: قَالَا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَينَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَإِذَا هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ، فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخَرَاهُ(7) إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ _قَالَ: وَرُبَّمَا قَالَ أَبُو رَجَاءٍ: فَيَشُقُّ_(8) قَالَ: ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الجَانِبِ الآخَرِ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالجَانِبِ الأَوَّلِ، فَمَا يَفْرُغُ(9) مِنْ ذَلِكَ الجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الجَانِبُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ المَرَّةَ الأُولَى، قَالَ: قُلْتُ: سُبْحَانَ اللهِ! مَا هَذَانِ(10)؟ قَالَ: قَالَا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ _قَالَ: فَأَحْسِبُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ_ قَالَ: فَاطَّلَعْنَا فِيهِ، فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللهَبُ؛ ضَوْضَوْا(11)، قَالَ: قُلْتُ لَهُمْ(12): مَا هَؤُلَاءِ؟ قَالَا لِي: انْطَلِق انْطَلِقْ، قَالَ(13): فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ _حَسِبْتُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ_ وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ سَابِحٌ يَسْبَحُ، وَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثِيرَةً، وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا سَبِحَ(14)، ثُمَّ يَأْتِي ذَلِكَ الَّذِي قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الحِجَارَةَ، فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ، فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا، فَيَنْطَلِقُ، فَيَسْبَحُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ، كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ؛ فَغَرَ لَهُ فَاهُ، فَأَلْقَمَهُ حَجَرًا، قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَانِ؟ قَالَ: قَالَا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا(15)، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ كَرِيهِ المَرْآةِ(16)؛ كَأَكْرَهِ مَا أَنْتَ رَاءٍ رَجُلًا مَرْآةً، قَالَ: وَإِذَا عِنْدَهُ نَارٌ لَهُ يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَولَهَا، قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَا؟ قَالَ: قَالَا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى رَوضَةٍ مُعْتَمَّةٍ، فِيهَا مِنْ كُلِّ نَوْرِ الرَّبِيعِ، وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَيِ الرَّوضَةِ رَجُلٌ طَوِيلٌ، لَا أَكَادُ أَرَى رَأْسَهُ طُولًا فِي السَّمَاءِ، وَإِذَا حَوْلَ الرَّجُلِ مِنْ أَكْثَرِ وِلْدَانٍ رَأَيْتُهُمْ قَطُّ، قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَا؟(17) / مَا هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: قَالَا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا، قَالَ: فَانْتَهَيْنَا إِلَى رَوضَةٍ عَظِيمَةٍ، لَمْ أَرَ رَوضَةً قَطُّ أَعْظَمَ مِنْهَا، وَلَا أَحْسَنَ، قَالَ: قَالَا لِي: اِرْقَ فِيهَا، قَالَ: فَارْتَقَيْنَا فِيهَا، فَانْتَهَيْنَا إِلَى(18) مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنِ ذَهَبٍ وَلَبِنِ فِضَّةٍ، فَأَتَيْنَا بَابَ المَدِينَةِ، فَاسْتفْتَحْنَا، فَفُتِحَ لَنَا، فَدَخَلْنَاهَا، فَتَلَقَّانَا فِيهَا رِجَالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَائِي(19)، وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَائِي، قَالَ: قَالَا لَهُمْ: اِذْهَبُوا؛ فَقَعُوا فِي ذَلِكَ النَّهَرِ، قَالَ(20): وَإِذَا نَهَرٌ مُعْتَرِضٌ يَجْرِي كَأَنَّ مَاءَهُ المَحْضُ فِي البَيَاضِ، فَذَهَبُوا، فَوَقَعُوا فِيهِ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْنَا، فَذَهَبَ(21) ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ، فَصَارُوا(22) فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، قَالَ: قَالَا لِي: هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ، وَهَذَاكَ(23) مَنْزِلُكَ، قَالَ: فَسَمَا بَصَرِي صُعُدًا(24)، وَإِذَا(25) قَصْرٌ مِثْلُ الرَّبَابَةِ البَيْضَاءِ، قَالَ: قَالا: هَذَاكَ مَنْزِلُكَ، قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: بَارَكَ اللهُ فِيكُمَا، ذَرَانِي فَأَدْخُلَهُ(26)، قَالَا: أَمَّا الآنَ؛ فَلَا، وَأَنْتَ دَاخِلُهُ، قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: فَإِنِّي قَدْ(27) رَأَيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا، فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْتُ؟ قَالَ: قَالَا لِي: أَمَّا(28) إِنَّا سَنُخْبِرُكَ، أَمَّا الرَّجُلُ الأَوَّلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالحَجَرِ؛ فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ القُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ(29)، وَيَنَامُ عَنِ الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ، وَأَمَّا الرَّجُلُ(30) الَّذِي أَتَيتَ عَلَيْهِ يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ(31)؛ فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ، فَيَكْذِبُ الكَذْبَةَ تَبْلُغُ(32) الآفَاقَ [وَفِي لَفْظٍ: الَّذِي رَأَيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ؛ فَكَذَّابٌ يَكْذِبُ بِالكَذْبَةِ تُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الآفَاقَ، (فَيُصْنَعُ) بِهِ إِلَى يَومِ القِيَامَةِ](33)، وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ العُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ؛ فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي، وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتيتَ عَلَيْهِ يَسْبَحُ فِي النَّهَرِ وَيُلْقَمُ الحِجَارَةَ(34)؛ فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا، وَأَمَّا الرَّجُلُ الكَرِيهُ المَرْآةِ الَّذِي عِنْدَ النَّارِ(35) يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَولَها؛ فَإِنَّهُ مَالِكٌ خَازِنُ جَهَنَّمَ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ الَّذِي فِي الرَّوضَةِ؛ فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيمُ صلعم، وَأمَّا الوِلْدَانُ الَّذِينَ(36) حَولَهُ؛ فَكُلُّ مَولُودٍ مَاتَ عَلَى الفِطْرَةِ»، فَقَالَ بَعْضُ المُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ وَأَولَادُ المُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم: «وَأَولَادُ المُشْرِكِينَ، وَأَمَّا القَومُ الَّذِينَ كَانُوا شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنٌ(37)، وَشَطْرٌ مِنْهُمْ قَبِيحٌ(38)؛ فَإِنَّهُمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا، تَجَاوَزَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ(39) عَنْهُمْ». [خ¦6096] [خ¦7047]


[1] في هامش (ب): (في رؤيا النبي صلى الله تعالى عليه وسلم).
[2] في (ب): (اثنان).
[3] كذا في (أ)، وفي (ب) ورواية «اليونينية»: (لرأسه).
[4] كذا في النُّسخَتَين، وهي رواية أبي ذر عن الحمُّوي، ورواية «اليونينية»: (فيتهدهد).
[5] (به): ليس في (ب) و«اليونينية».
[6] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذر، وفي (ب): (بالمرة الأولى)، ورواية «اليونينية»: (المرَّة الأولى).
[7] كذا في النُّسخَتَين، ورواية «اليونينية»: (ومِنخره).
[8] زيد في (ب): (ثم).
[9] في (ب): (يَفْرَغ).
[10] في (ب): (هذا).
[11] في (ب): (ضوضؤ)، وفي هامشها: (كذا).
[12] كذا في النُّسخَتَين، وهي رواية أبي ذر، ورواية «اليونينية»: (لهما).
[13] (قال): ليس في (ب).
[14] كذا في النُّسخَتَين، ورواية «اليونينية»: (يسبح).
[15] (فانطلقنا): ليس في (ب).
[16] في (ب): (المرأة)، وكذا في الموضع اللاحق.
[17] في هامش (ب): (كذا، كذا).
[18] (إلى): سقط من (ب).
[19] كذا في النسختين في الموضعين، وهي رواية أبي ذر، ورواية «اليونينية»: (راءٍ).
[20] (قال): ليس في (ب).
[21] كذا في النُّسخَتَين، ورواية «اليونينية»: (قد ذهب).
[22] في (ب): (فصارا).
[23] في (ب): (هذالك)، وكذا في الموضع اللاحق.
[24] في (ب): (صَعدًا).
[25] كذا في (أ)، وفي (ب) ورواية «اليونينية»: (فإذا).
[26] في (ب): (فأدخلُه).
[27] (قد): ليس في (ب).
[28] كذا في النُّسخَتَين، ورواية «اليونينية»: (أمَا).
[29] في (ب): (فيقرضُهُ).
[30] (الرجل): ليس في (ب).
[31] (وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ): ليس في (ب).
[32] في النسختين: (يبلغ)، والمثبت من «اليونينية».
[33] ما بين معقوفين مثبت من هامش (أ)، وليس في (ب)، وما بين هلالين فيهما من الصحيح.
[34] كذا في النُّسخَتَين، وهي رواية أبي ذر وابن عساكر، ورواية «اليونينية»: (الحجر).
[35] في (ب): (عندَهُ النارُ).
[36] في (ب): (اللذين).
[37] كذا في النُّسخَتَين، وهي رواية أبي ذر والأصيلي وابن عساكر، ورواية «اليونينية»: (حسنًا).
[38] كذا في النُّسخَتَين، وهي رواية أبي ذر وابن عساكر، ورواية «اليونينية»: (قبيحًا).
[39] (جلَّ وعزَّ): ليس في (ب) و«اليونينية».