إرشاد الساري إلى اختصار صحيح البخاري

حديث: عليك بالصعيد، فإنه يكفيك

          1184- حَدِيثُهُ: كُنَّا في سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ صلعم، وَإنَّا أَسْرَيْنَا حَتَّى إِذا كُنَّا في آخِرِ اللَّيْلِ وَقَعْنَا وَقْعَةً، ولا وَقْعَةَ عِنْدَ المسَافِر أَحْلَى مِنْهَا، فَمَا أيْقَظَنَا إِلَّا حَرُّ الشَّمْسِ، فَكَانَ(1) أوَّلَ مَنِ اسْتَيْقَظَ / فُلَانٌ، ثُمَّ فُلَانٌ يُسَمِّيهِمْ أَبُو رَجَاءٍ فَنَسِيَ عَوْفٌ، ثُمَّ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ الرَّابِعُ، وكانَ النَّبيُّ صلعم إذَا نامَ لَمْ نُوقِظْهُ(2) حَتَّى يَكُونَ هُوَ يَسْتَيْقِظُ؛ لأَنَّا لا نَدْرِيْ ما يَحْدُثُ لَهُ في نَوْمِهِ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ عُمَرُ، وَرَأى مَا أصَابَ النَّاسَ، وكانَ رَجُلًا جَلِيدًا، فَكَبَّرَ وَرَفَعَ صَوْتَهُ بالتَّكْبِيْرِ حَتَّى اسْتَيْقَظَ لصَوتِهِ(3) النَّبيُّ صلعم، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ شَكَوْا إلَيْهِ الَّذِي أصَابَهُمْ، قَالَ: «لا ضَيْرَ _أوْ: لا يَضِيرُ_ ارْتَحِلُوا» فارْتَحَلَ، فَسَارَ غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ نَزَلَ فَدَعَا بِالوَضُوءِ فَتَوَضَّأَ، وَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ فَصَلَّى بِالنَّاسِ، فَلَمَّا انْفَتَلَ مِنْ صَلَاتِهِ؛ إذَا هُوَ بِرَجُلٍ مُعْتَزِلٍ لَمْ يُصَلِّ مَعَ القَوْمِ، قَالَ: «ما مَنَعَكَ يا فُلَانُ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ القَوْمِ؟» قَالَ: أصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَلَا ماءَ، قالَ: «عَلَيْكَ بالصَّعِيدِ، فإِنَّهُ يَكْفِيْكَ» ثُمَّ سَارَ النَّبيُّ صلعم فاشْتَكَى إلَيْهِ النَّاسُ مِنَ العَطَشِ، فَنَزَلَ فَدَعَا فُلانًا كانَ يُسَمِّيهِ أبُو رَجَاءٍ نَسِيَهُ عَوْفٌ، وَدَعَا عَلِيًّا، فَقَالَ: «اذْهبَا فابْغِيَا الماءَ» فانْطَلَقَا، فَتَلَقَّيَا امْرَأةً بَيْنَ مَزَادَتَيْنِ أوْ سَطِيحَتَيْنِ مِنْ ماءٍ عَلَى بَعِيرٍ لَهَا، فقَالَا لَهَا: أيْنَ المَاءُ؟ قالَتْ: عَهْدِي بِالماءِ أمْسِ هَذِهِ السَّاعَةَ، وَنَفَرُنا خَلُوفٌ(4)، قالَا لَهَا: انْطَلِقِي إذًا، قالَتْ: إلَى أيْنَ؟ قالَا: إلَى رَسُولِ اللهِ صلعم، قَالَتْ: الَّذِي يُقالُ لَهُ: الصَّابِئ؟ قالَا: هُوَ الَّذي تَعْنِينَ، فانْطَلِقِي، فَجَاءا بِها إلَى النَّبيِّ صلعم، وَحَدَّثَاهُ الحَدِيثَ، قالَ: فاسْتَنْزَلُوهَا عَنْ بَعِيرِهَا، وَدَعَا النَّبيُّ صلعم بِإناءٍ، فَفَرَّغَ فِيهِ مِنْ أَفْوَاهِ المَزَادَتَيْنِ أوِ السَّطِيحَتَين(5)، وَأوْكَأَ أفْوَاهَهُمَا، وَأطْلقَ العَزَالِيَ(6)، وَنُودِيَ في النَّاسِ: اُسْقُوا وَاسْتَقُوا، فَسَقَى مَنْ شاءَ اللهُ، وَاسْتَقَى مَنْ شاءَ اللهُ، وكانَ آخِر ذلك أَنْ أعْطَى الَّذِي أصَابَتْهُ الجَنَابَةُ إناءً مِنْ ماءٍ قَالَ: اذْهَبْ فأفْرِغْهُ عَلَيْكَ، وَهْيَ قَائِمَةٌ تَنْظُرُ مَا يُفعَل بِمائهَا، وَايْمُ اللهِ لَقَدْ أُقْلِعَ عَنْهَا وَإنَّهُ لَيُخَيَّلُ إلَيْنَا أنَّها أشَدُّ مِلْأَةً مِنها حِينَ ابْتُدِئ فِيها، فقَالَ النَّبيُّ صلعم: «اجْمَعُوا لهَا» فَجَمَعُوا لَهَا بَيْن عَجْوَةٍ وَدقيْقَةٍ وسويِّقَةٍ، فجَمعُوا لَهَا طَعامًا في ثَوْبٍ، وَحَمَلُوهَا عَلَى بَعِيْرِها، وَوَضَعُوا الثَّوْبَ بَيْنَ يَدَيْها، قالَ لهَا: تَعْلَمِينَ ما رَزِئنا مِنْ مَائِكِ شَيْئًا، وَلَكِنَّ اللهَ هُوَ الَّذي أَسْقَانا، فأتَتْ أهْلَهَا وَقَدْ أُحْبِسَتْ عَنْهُمْ، قَالُوا: مَا حَبَسَكِ يا فُلَانَةُ؟ قَالَتِ: العَجَبُ، لَقِيَنِي رَجُلَانِ، فَذَهَبَا بِي إلَى هَذا الَّذِي / يُقالُ لَهُ: الصَّابِئُ، فَفَعَلَ كذَا وكذَا، فَوَاللهِ إنَّهُ لَأَسْحَرُ النَّاسِ مَا بَيْنَ هَذهِ وَهَذِهِ، وقالَتْ بِإصْبَعَيْهَا الوُسْطَى والسَّبَّابَةِ، فَرَفَعَتْهَا إلَى السَّماءِ؛ تَعْنِي: السَّماءَ وَالأَرْضَ، أوْ إنَّهُ لَرَسُولُ اللهِ حَقًّا، فَكَانَ المُسْلِمُونَ بَعْدُ(7) يُغِيرُون عَلَى مَنْ حَوْلَهَا مِنَ المُشْرِكِينَ، وَلا يُصِيبُونَ الصِّرْمَ الَّذِي هِيَ مِنهُ، فقالَتْ يَوْمًا لِقَوْمِهَا: مَا أُرَى أنَّ هَؤُلاءِ القَوْمَ قَد يَدَعُونَكُمْ عَمْدًا، فَهَلْ لَكُمْ في الإِسْلامِ؟ فَأطاعُوهَا، فَدَخَلُوا في الإِسْلامِ. [خ¦344]


[1] كذا في (ب)، وهي رواية أبي ذرٍّ والأصيليِّ، وفي «اليونينية»: (وكانَ).
[2] كذا في (ب)، وهي رواية أبي ذرٍّ والأصيليِّ وابن عساكر وأبي الوقت وعط، وفي «اليونينية»: (لم يُوْقَظْ).
[3] كذا في (ب)، وهي رواية أبي ذرٍّ والأصيليِّ وابن عساكر وأبي الوقت وعط، وفي «اليونينية»: (بِصَوْتِهِ).
[4] كذا في (ب)، وهي رواية عط والأصيليِّ، وفي «اليونينية»: (خلوفًا).
[5] كذا في (ب)، وهي رواية الأصيليِّ وابن عساكر، وفي «اليونينية»: (سَطِيحَتَيْنِ).
[6] العزالي جمع عزلى، وهي فم مصب الماء من وعاء الماء.
[7] كذا في (ب)، وهي رواية الأصيليِّ، وفي «اليونينية»: (بَعْدَ ذَلِكَ).