انتقاض الاعتراض

باب من تمطر في المطر حتى يتحادر على لحيته

          ░24▒ [مِن(1) (باب: مَن تمطَّر في المطر حتى يتحادر على لحيته صلعم)
          قوله: «تمطَّر».
          قال (ح): أليق المعاني هنا أنَّهُ بمعنى مواصلة العمل في مهلة نحو تفكر، ولعلَّه أشار إلى ما أخرجه مسلم قال: «حَسَرَ رسولَ الله صلعم ثوبه حتى أصابه المطر»، وقال: «لأنَّهُ حَديِثُ عَهْدٍ بِربِّهِ» وكأنَّهُ أراد أن يبين أن تحادر المطر(2) على لحيته لم يكن اتفاقًا وإنَّمَا كان قصدًا، فلذلك ترجم بقوله: من تمطر، أي: قصد نزول المطر عليه؛ لأنَّهُ لو لم يكن باختياره لنزل أوَّل ما وَكَفَ السَّقف لكنَّه تمادى في خطبته حتَّى كان نزوله بحيث تحادر على لحيته.
          قال (ع): قوله: أشار...إلى آخره، ليس في حديث مسلم ما يدلُّ على مواصلة العمل في مهلة، وإنَّمَا نبه أنَّهُ كشف ثوبه ليصيبه المطر، وهذا لا يدلُّ على أنَّهُ واصل وتمادى، وقصدُ هذا المعنى مِن الحديث غير صحيح، ولا وضع البُخاريُّ الترجمة لهذا.
          وقوله: لم يكن اتفاقًا، غير مسلَّم مِن وجهين: أحدهما: أنَّ الذي تحادر إنَّمَا كان مِن الماء الَّذي نزل مِن وكْفِ السَّقف، وإن كان هو مِن المطر في الأصل، ولم يكن مِن المطر الَّذي أصاب ثوبه في حديث أنسٍ حاجز بينه وبين الموضع الذي وصل إليه.
          والآخر: أنَّهُ قوله: إنَّمَا كان عن قصد، دعوى بلا برهان، وليس في الحديث ما يدلُّ على ذلك، واستدلاله على ما ادَّعاه بقوله: لأنَّهُ لو لم يكن باختياره لنزل، لا يساعده؛ لأنَّهُ قد يكون لئلَّا تنقطع الخطبة.]



[1] قوله «من» في (د): مطموسة بالحبر
[2] قوله: ((وقال: «لأنَّهُ حَديِثُ عَهْدٍ بِربِّهِ» وكأنَّهُ أراد أن يبين أن تحادر المطر)) زيادة من (د).