تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم

حديث: أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً

          2928- في تسميةِ المُنَافِقِ مُنَافقاً ثلاثةُ أقوالٍ: منها أنه يسترُ كُفْرَهُ ونَفْسَهُ، فَشُبِّهَ بالذي يدخلُ النَّفَقَ _وهو السَّرب_ يستترُ فيهِ. والثاني: أنه نَافَقَ كاليربوعِ، وذلكَ أن اليربوعَ له جُحْرٌ يُقالُ له النَّافِقَاءُ، وآخر يُقالُ له: القَاصِعَاءُ فإذا طُلِبَ من النَّافِقاءِ قَصَعَ فخرجَ من القاصِعَاءِ، فشُبِّهَ المنافقُ باليربوعِ؛ لأنَّه يخرجُ من الإيمانِ من غيرِ الوجهِ الذي يدخلُ فيه. والثالثُ: سُمِّيَ مُنافقاً؛ لاظهارهِ غيرَ ما يُضْمِرُ تشبيهاً باليَرْبُوْعِ، وذلكَ أنه يخرقُ الأرضَ حتى إذا كادَ يبلغُ ظاهرَ الأرضِ أرقَّ الترابَ، فإذا رابهُ ذئبٌ رفعَ ذلكَ / الترابَ برأسهِ فخرَجَ، فظاهرُ جُحْرِهِ تُرَابٌ كالأرضِ وباطنهُ حَفْرٌ، وكذلكَ المنافقُ ظاهرهُ إيمانٌ وباطنُهُ كُفْرٌ.
          (التَّخَوُّنُ) التَّنقُّصُ، ويُقالُ: خانَ يخونُ خِيانةً وخَوْناً، ويُقالُ: فلانٌ يَتَخَوَّنُنِى حَقِّي إذا تَنَقَّصَهُ، وقيلَ لثعلبٍ: أَوَ يجوزُ أن يُقالَ: إنَّما سُمِّيَ الخوَّانُ خَوَّاناً لأنَّه يَتَخَوَّنُ ما عليهِ، أي يَنْقُصُ؟ فقالَ: ما يَبْعُدُ ذلكَ.
          والعربُ تُسَمِّي الخِوَانَ إِخْوَاناً أيضاً وجمعهُ أَخَاوُّنَ، وجمعُ خائنٍ: خَوَنَةٌ، ورجلٌ خائنَةٌ إذا بُولِغَ في صفتِه بالخيانَةِ. وأصلُ الخِيَانَةِ: أن تنقصَ المؤتَمِنَ لكَ الذي قد أمَّنَكَ على ما دفعهُ إليكَ.
          (العَهْدُ) العقدُ، يُقالُ: عاهدَ أي عَقَدَ عَقْداً أوجبَ على نفسهِ القيامَ بهِ.
          الغدرُ: نقضُ العهدِ وتركُهُ والفجورُ عن الحقِّ والانبعاثُ في الباطلِ.
          (وَعَدَ فَأَخْلَفَ) أي ترَك الوفاءَ بما قالَ وخالفَهُ، ويُقالُ: وعدنِي فأخلَفتُهُ، أي وَجَدْتُهُ مخالفاً مخْلِفاً.