تعليقات القاري على ثلاثيات البخاري

مقدمة المصنف

          ♫
          ربِّ زدني عِلمًا يا كَريم
          الحمد لله فاطرِ السَّماوات وَالأرضِ، وَمُوجدها على غير مثالٍ سبق في عالم الإبداء وَالإبداع، {جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [فاطر:1] ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلام على مَنْ جَعَله الحقُّ في الخلْق وَاجبَ الاتِّباع، وَعلى آله الكرام وَأصحَابه الفِخام وَسائرِ الأشيَاعِ وَالأتباعِ.
          أمَّا بعدُ:
          فيقولُ _أحوجُ العبَاد إلى برِّ ربِّه البَاري_ عليُّ بنُ سُلطان محمَّد القاري: لا يخفى على ذوي الأفهام أنَّ كلُّ ما يقرِّبُ السَّند إلى سيِّدِ الأنام يكون أقربَ إلى العلم بمعرفة الأحكام، وَلهذا كان الأحاديث التي سمعَهَا الصَّحابة من النبيّ صلعم بغير الوَاسطة قطعيَّة الرِّوَاية في قضية الدِّرَاية، وَمن ثمَّ نفى الصدِّيق الوراثة الماليَّة النَّبويَّة بحديث حفظه من ما صَدَرَ من صَدْرِ المشكاة المصطفوية، وَهوَ قوله: «نَحْنُ مَعَاشِرَ الأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَاهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ».
          مع أنَّ آيات الإرث بطريقِ العُموم ثابتةٌ في الكلمات الإلهيَّة، إلَّا أنَّها صَارَتْ مَخصوصةً بحديث المبيِّن للنَّاس مَا نُزِّل إليهم كلَّما أشكل عليهم، وَأُغلقَ لديهم.
          ثم كان يوجد في سنن التابعين إسنادُ الأحاديث في مرتبة الآحاد كما في وَحدانيَّات إمامنا الأعظم وَهُمامنا الأقدم، وَفي سند أتباعهم _كالإمام مَالك وَنُظرائه_ الثُّنائيَّات مَرويَّةً عن الثِّقات، وَفي سَند من بعدهم حصل الرُّباعيات وَالخُماسيات، وَغير ذلك من الزِّيادات بِحسَبِ بُعْدِ الرُّوَاةِ في الرِّوَايات، كما وَقع في أسَانيد الصَّحيحين وَسَائر السنن وَالمسْندات.
          ولمَّا وُجِدَ في بعض طُرق إمام المحدِّثين المتأخِّرين، وَهُمام المحقِّقين المعتبرين محمَّد بن إسمَاعيل البخاري الثلاثيَّات، اعتنى بجمعهَا بعض العلماء من أهل الثَّبات، بناءً على أنَّ علوَّ الإسناد يفيد الاعتماد وَالاعتبار، فسنحَ لي أنْ أشرح مغلقات بعض الكلمات، وَأوضِّح معَاني بعض اللُّغات، وَأُسميِّهِ: «تعليقات القاري على ثُلاثيَّات البخاري».
          فها أنا المُعتصم بكرمه العَميمِ، وَلُطْفهِ القديمِ أقولُ: