الناظر الصحيح على الجامع الصحيح

حديث: أن رجلًا من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين آية في كتابكم

          45- (آيَةٌ): مبتدأٌ وإنْ كان نكرةً؛ لوصفه بما بعدَه، و(فِي كِتَابِكُمْ): صفتُه، و(تَقْرَؤُونَهَا): صفةٌ أخرى، و(لَوْ عَلَيْنَا):[9أ] تقديرُه: لو نزلَتْ علينا؛ لأنَّ (لو) لا تدخُلُ إلَّا على الفعل، و(نَزَلَتْ) المذكورُ مُفَسِّرٌ لـــ(نَزَلَتْ) المقدَّر، نحو: {لَّوْ(1)أَنتُمْ تَمْلِكُونَ} [الإسراء:100]، والجملةُ الشَّرطيَّةُ خبرُ المبتدأِ.
          أو أَنَّهُ مبتدأٌ بتقديرِ: آيةٌ عظيمةٌ، و(فِي كِتَابِكُمْ) خبرُه، وكذا (تَقْرَؤُونَهَا)، ويَحتمل أَنْ يكونَ خبرُه محذوفًا، وهو (فِي كِتَابِكُمْ) مقدَّمًا عليه، و(فِي كِتَابِكُمْ) المُؤَخَّرُ مُفَسِّرٌ له.
          (مَعْشَرَ): منصوبٌ على الاختصاصِ.
          (لَاتَّخَذْنَا): اللَّامُ جوابُ (لو)، وقيل: جوابُ قَسَمٍ مقدَّرٍ، قاله الزَّركشيُّ.
          (عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ): بنصب (الْيَوْمَ) صفةً أو عطفَ بيانٍ، و(الْمَكَانَ) منصوبٌ / بالعطفِ عليه.
          (بِعَرَفَةَ): متعلِّقٌ بـــ(قَائِمٌ) أو (نَزَلَتْ).
          وقال الكِرمانيُّ: (وصُرِفتِ الـــ«جُمُعَة»؛ لأنَّها صفةٌ، ولو جُعِلَ عَلَمًا لامتنعَ الصَّرْفُ، بخلاف «عَرَفَة» ففيه العَلَميَّةُ والتَّأنيثُ)(2).
          وقال الجوهريُّ: (وهي مصروفةٌ، قال ╡: {فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ} [البقرة:198]، قال الأخفشُ: إنَّما صُرفتْ لأنَّ «التَّاء» بمنزلة «الياء» و«الواو» في «مسلمين» و«مسلمون»؛ لأنَّهُ تذكيرُه، وصارَ التَّنوينُ بمنزلةِ النُّونِ، فلمَّا سُمِّيَ به تُرِك على حالِهِ، كما يُترَكُ «مسلمون» إذا(3) سُمِّيَ بهِ على حالِهِ، وكذلِكَ القولُ في: «أَذْرِعاتٍ» و«عَانَاتٍ» و«عُرَيتِناتٍ») انتهى. /
          واعلم أنَّ التَّنوين في (عَرَفاتٍ) وبابِه فيه ثلاثةُ أقوالٍ:
          أظهرُها: أنَّه تنوينُ مقابلةٍ؛ يعنونُ بذلك: أنَّ تنوينَ هذا الجَمْعِ مقابلٌ لنونِ جَمْعِ المذكر، فتنوينُ (مسلماتٍ) مقابلٌ لنونِ (مسلمينَ)، ثمَّ جُعِلَ كلُّ تنوينٍ في جَمْعِ الإناثِ _وإِنْ لم يكُنْ لهنَّ جَمْع مُذَكَّر_ كذلكَ؛ طَرْدًا للباب.
          الثَّاني: أنَّه تنوينُ صَرْفٍ، وهو ظاهرُ قولِ الزَّمخشريِّ.
          الثَّالث: أنَّ جمعَ المؤنَّثِ إِنْ كان له جَمْعٌ مذكَّرٌ كـــ(مسلماتٍ ومسلمينَ) فالتَّنوينُ للمقابلةِ، وإلَّا فللصَّرْفِ؛ كـــ(عَرَفاتٍ).
          والمشهورُ _حالَ التَّسميةِ_ أَنْ يُنَوَّنَ ويُعرب بالحركتينِ؛ الضَّمةِ والكسرةِ، كما لو كانَ جَمْعًا، وفيه لغةٌ ثانيةٌ: وهو حَذْفُ التَّنوينِ تخفيفًا، وإعرابُه بالكسرةِ نصبًا، والثَّالثة: إعرابُه غيرَ منصرفٍ بالفتحةِ جرًّا، وحكاها الكوفيونَ والأخفشُ.
          قال النَّوويُّ: (وقرأَ أشهبُ العُقيليُّ: ▬مِنْ عَرَفَاتَ↨ [البقرة:198] بفتحِ التَّاءِ).
          فإنْ قيلَ: (عرفةُ) غيرُ منصرفٍ للعَلَميَّةِ والتَّأنيثِ، فلمَ لا كانت (جُمُعَةٍ) / كذلك؟ قيل: لأنَّ (جُمُعَة) ليس عَلَمًا، بل صفة.


[1] {لَوْ}: ليست في النسختين، والمثبت من «الكواكب الدراري»، و«اللامع الصبيح».
[2] «الكواكب الدراري» (1/178)، وقول الكرماني مستدركٌ في هامش (أ)، ومحله بياض.
[3] في النسختين: (وإذا)، والمثبت من مصدره.