المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح

حديث: من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث

          2072- قال البخاريُّ: حدثنا(1) عياش بن الوليد: حدَّثنا عبد الأعلى: حدَّثنا سعيد الجُريري عن أبي عثمان. [خ¦6140]
          وحدثنا محمد بن المثنى: حدَّثنا ابن أبي عدي، عن سليمان، عن أبي عثمان. [خ¦6141]
          وحدثنا موسى بن إسماعيل [خ¦3581]، وأبو النعمان [خ¦602] قالا: حدَّثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أبي عثمان: أن عبد الرحمن بن أبي بكر حدثه: أن أصحاب الصفة كانوا ناسًا فقراء، وأن النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال مرة: «من كان عنده طعام اثنين؛ فليذهب بثالث، ومن كان عنده طعام أربعة؛ فليذهب بخامس بسادس(2)»، أو كما قال: وأن أبا بكر جاء بثلاثة، وانطلق النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بعشرة، وأبو بكر بثلاثة(3)، قال: فهو أنا وأبي وأمي، ولا أدري هل قال: امرأتي وخادمٌ بين بيتنا وبيت أبي بكر.
          قال الجُريري: فقال لعبد الرحمن: دونك أضيافك، فإني منطلق إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فافْرُغ من قِراهم قبل أن أجيءَ.
          قال معتمر: وإن أبا بكر تعشَّى عند النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ثم لبث حتى صلى العشاء، ثم رجع، فلبث حتى تعشى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.
          قال الجُريري: فانطلق عبد الرحمن / فأتاهم بما عنده، فقال: اطعموا، فقالوا: أين رب منزلنا؟ قال: اطعَمُوا، قالوا: ما نحن بآكلين حتى يجيء رب منزلنا، قال: اقبلوا عنا قِراكم، فإنه إن جاء ولم تطعموا لنلقَيَنَّ منه، فأبوا، فعرفت أنه يجد عليَّ.
          قال معتمر: فجاء بعد ما مضى من الليل ما شاء الله، فقالت امرأته: ما حبسك عن أضيافك؟ قال: أَوَمَا عشيتهم؟ قالت: أبوا حتى تجيء، قد عرضوا عليهم فأبوا، قال: فذهبت فاختبأت.
          قال الجُريري: فقال: يا عبد الرحمن؛ فسكت، ثم قال: يا عبد الرحمن؛ فسكت، فقال: يا غُنْثَرُ(4) ؛ زاد معتمر: فسبَّ وجَذَعَ. أقسمت عليك إن كنت تسمع صوتي؛ لما جئت، فخرجت فقلت: سل أضيافك، قالوا(5) : صدق، أتانا به قال: فإنما انتظرتموني.
          قال معتمر: قال: كلوا لا هنيئًا، والله لا أطعمه أبدًا.
          وقال ابن أبي عدي في حديثه: فحلفت المرأة ألا تَطْعَمْه حتى يطعَمَ، فحلف الأضياف أو الضيف ألا نطعمه حتى تطعموه.
          قال الجُريري: قال: لم أر في الشر كالليلة، ويلكم! ما أنتم؟ [لم](6) لا تقبلون عنا قراكم؟ هات طعامك، فجاء به(7) فوضع يده وقال: بسم الله، فأكل وأكلوا.
          قال معتمر: وقال: إنما كان ذلك من الشيطان _يعني: يمينه_ ثم أكل منها لُقمة، وايم الله؛ ما كنا نأخذ من لُقمة إلا رَبَا من أسفلها أكثر منها حتى شبعوا، وصارت أكثر مما كانت قبل، فنظر أبو بكر إليها؛ فإذا هي كما هي أو أكثر منها، فقال لامرأته: يا أخت بني فراس؛ ما هذا؟! قالت: لا وقُرَّةِ عيني؛ لهي الآن أكثر مما قبل ذلك بثلاث مرار، ثم حملها إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فأصبحت عنده، وكان بيننا وبين قومٍ عهدٌ فمضى الأجل فتفرقنا اثنا عشر رجلًا مع كل رجل منهم أُناسٌ، الله أعلم كم مَعَ كل رجل.
          وقال ابن أبي عدي: فبعث بها إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فذكر، أنه أكل منها.
          قال: فأكلوا منها أجمعون أو كما قال.
          وخرَّجه في باب ما يكره من الغضب والجزع عند الضيف، وفي باب قول الضيف لصاحبه: لا نأكل حتى تأكل، وفي باب السمر مع الضيف والأهل، في كتاب الصلاة؛ يعني: بعد العشاء. [خ¦6140] [خ¦6141] [خ¦602]


[1] زيد في الأصل (موسى بن)، والمثبت موافق لما في «الصحيح».
[2] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينية»: (أو سادس).
[3] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينية»: (وثلاثة).
[4] حاشية في الأصل: (يا غُنثَر؛ أي: يا لئيم ويا دنيء؛ تحقيرًا له وتشبيهًا بالذباب، والغنثر: ذباب أزرق. من «المشارق»).
[5] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينية»: (فقالوا).
[6] (لم): مثبت من «اليونينية»، وفي رواية أبي ذرٍّ: (ألا تقبلون).
[7] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينية»: (فجاءه).