المتواري على أبواب البخاري

باب ما ذكر النبي صلعم وحض على اتفاق أهل العلم

          ░16▒ باب ما ذكر النبيُّ صلعم ، وحضَّ عليه من اتِّفاق أهل العلم، وما اجتمع عليه الحَرَمان مكَّة والمدينة، وما كان بها(1) من مشاهد النبي صلعم / والمهاجرين والأنصار، ومصلَّى النبيِّ صلعم والمنبر والقبر
          600- فيه جابر: «أنَّ أعرابيّاً بايع النبيَّ صلعم على الإسلام... الحديث، فقال: أقِلني بيعتي... الحديث، فقال (النبيُّ صلعم )(2): إنَّما المدينة كالكير، تنفي خَبَثها وينصع(3) طِيبها». [خ¦7322].
          601- وفيه ابن عبَّاسٍ: «كنت أُقرِئ ابن عوف، فلمَّا كان آخر حجَّةٍ حجَّها عمر قال عبد الرحمن بمِنىً: لو شَهِدتَ أمير المؤمنين أتاه رجلٌ فقال: إنَّ فلاناً يقول: لو مات أمير المؤمنين لبايعْنا(4) فلاناً، فقال عمر: لأقومنَّ العشيَّة فأحذِّر هؤلاء الرهط(5) الذين يريدون يغصبونهم، قلت: لا تفعل، فإنَّ الموسم يجمع رَعاع الناس ويغلبون على مجلسك، فأخاف أن لا يُنزِلوها(6) على وجهها ويطيروا به كلُّ مُطِيرٍ، فأمْهِل حتَّى تَقدَم المدينة دار الهجرة ودار السُّنَّة، فتخْلُص بأصحاب النبيِّ صلعم من المهاجرين والأنصار، ويحفظوا(7) مقالتك وينزِلوها على وجهها...» الحديث. [خ¦7323].
          602- وفيه محمَّد: «كنَّا عند أبي هريرة، وعليه ثوبان ممشَّقان من كَتَّان، فتمخَّط فقال: بخ بخِ، أبو هريرة (يتمخَّط في الكتَّان!)(8) لقد رأيتني وإنِّي لأخرُّ فيما بين منبر النبيِّ صلعم إلى حجرة عائشة مغشيّاً عليَّ، فيجيء الجائي، فيضع رجله على عنقي ويُرى أنِّي مجنونٌ، وما بي (من) جنونٍ، ما بي إلَّا الجوع». [خ¦7324].
          603- وفيه ابن عبَّاسٍ: «قيل له: أشَهِدت العيد مع النبيِّ صلعم ؟ فقال: نعم، ولولا منزلتي(9) منه من الصِّغر ما شهدته، أتى العَلَم الذي عند دار كثير بن الصَّلت، فصلَّى، ثمَّ خطب...» الحديث. [خ¦7325].
          604- وفيه ابن عمر: «أنَّ النبيَّ صلعم كان يأتي قُباء راكباً وماشياً». [خ¦7326].
          605- وفيه عائشة: «قلت لعبد الله بن الزبير: ادفنِّي مع صواحبي، ولا تدفنِّي مع النبيِّ صلعم في البيت، فإنِّي أكره أن أُزَكَّى». [خ¦7327].
          606- وفيه أنَّ عمر: «أرسل(10) إلى عائشة: ائذني لي أن أُدفن مع صاحبيَّ، فقالت: إي والله، (قال:) وكان الرجل إذا أرسل إليها(11) من الصحابة قالت: لا والله، لا أُوثِرهم بأحدٍ أبداً». [خ¦7328].
          607- وفيه أنس: «أنَّ النبيَّ صلعم كان يصلي العصر، فيأتي(12) العوالي والشمس مرتفعةٌ، قال يونس: وبُعْدُ العوالي أربعة / أميالٍ أو ثلاثةٌ». [خ¦7329].
          608- وفيه السائب: «كان الصَّاع على عهد رسول الله صلعم مُدًّا وثلثاً(13) بمدِّكم اليوم، وقد زَيْدَ فيه». [خ¦7330].
          609- وفيه أنس: أنَّ النبيَّ صلعم قال: «اللهم بارك في مكيالهم وبارك (لهم) في صاعهم ومُدِّهم». يعني أهل المدينة. [خ¦7331].
          610- وفيه ابن عمر: «أنَّ اليهود جاءوا إلى النبيِّ صلعم برجلٍ وامرأةٍ زنيا، فأمر بهما فرجما قريباً من حيث موضع الجنائز عند المسجد». [خ¦7332].
          611- وفيه «أنَّ النبيَّ صلعم طَلَع له(14) أُحدٌ فقال: هذا جبلٌ يحبُّنا ونحبُّه، اللهم إنَّ إبراهيم حرَّم مكَّة، وإنِّي أُحرِّم ما بين لابتيها». [خ¦7333].
          612- وفيه سهل: «أنَّه كان بين جدار المسجد ممَّا يلي القبلة وبين المنبر ممرُّ الشَّاة». [خ¦7334].
          613- وفيه أبو هريرة: (قال النبيُّ صلعم )(15): «ما بين بيتي ومنبري روضةٌ من رياض الجنَّة، ومنبري على حوضي». [خ¦7335].
          614- وفيه ابن عمر: «سابق النبيُّ صلعم بين الخيل، فأُرْسِلت التي أُضمِرَت منها، وأَمَدُها الحفْياءُ إلى ثنيَّة الوداع، (والتي لم تُضمَّر أمدها ثنيَّة الوادع) إلى مسجد بني زريق». [خ¦7336].
          615- وفيه ابن عمر: «سمعتُ عمر على منبر النبي صلعم ». [خ¦7337].
          616- (وأنَّ السائب سمع عثمان خطيباً على منبر النبيَّ صلعم )(16). [خ¦7338].
          617- وفيه عائشة: «كان يوضع لي ولرسول الله صلعم هذا المِرْكَن فنشرع فيه جميعاً». [خ¦7339].
          618- وفيه أنس: «حالف النبيُّ صلعم بين الأنصار وقريشٍ في داري التي بالمدينة، وقَنَت شهراً يدعو على أحياءٍ من بني سُليمٍ». [خ¦7340].
          619- وفيه أبو بردة: «قدمت المدينة، فلقيني عبد الله بن سلامٍ، فقال لي: انطلق إلى المنزل فأسقيك في قدحٍ شَرِب فيه النبيُّ صلعم ، وتصلِّي في مسجدٍ صلَّى فيه (النبيُّ صلعم ،)(17) فانطلقت معه فَسَقَاني سويقاً، وأطعمني تمراً، وصلَّيت في مسجده». [خ¦7342].
          620- وفيه عمر: «أنَّ النبيَّ صلعم قال: أتاني الليلة آتٍ من ربِّي وهو بالعقيق: أنْ صَلِّ في هذا الوادي المبارك، وقُلْ: عمرةٌ وحَجَّةٌ». (وروي: «عمرةٌ في حَجَّةٍ»). [خ¦7343].
          621- وفيه ابن عمر: «أنَّ النبيَّ صلعم أُرِيَ وهو في مُعرَّسه بذي الحُلَيفة، / فقيل له: إنَّك ببطحاء مباركةٍ». [خ¦7345].
          622- وفيه (ابن) عمر: «وقَّت النبيُّ صلعم قَرْناً لأهل نجدٍ، والجُحْفة لأهل الشام، وذا الحليفة لأهل المدينة، وبلغني أنَّ النبي صلعم قال: ولأهل اليمن يَلَمْلَم، وذُكِر له العراق فقال: لم يكن(18) عراقٌ يومئذٍ». [خ¦7344].
          وذكر(19) هذه الترجمة في (كتاب الاعتصام)، فساق فيها الأحاديث والآثار التي تضمَّنت ذكر ما يستحقُّ أن يعتصم به ويتيمَّن من بقعةٍ تختار للسكنى وتُقْصد للبركة ويعتمد على أهلها في أحكام الملَّة ونوازل الدين كالمدينة.
          وحديث ابن عوفٍ أقعد بهذا المعنى، فإنَّ المدينة عادت عليها وعلى أهلها بركةُ النبيِّ صلعم حيّاً وميِّتاً، حتَّى (كانت)(20) حركاته الجِبليَّة _فضلاً عن الشرعيَّة_ تفيدها خصوصيَّةً وتزيدها مزيَّة، مثل خروجه للعوالي(21) على الوجه الذي(22) صارت مسافتها معلماً من معالم الصلاة، وكذكر(23) دار فلان الذي اشتهرت مبانيها في هذا الحديث فصارت مشهداً للصلاة، وعلى الجملة فإذا كانت مواطنها ومساكنها مفضَّلةً مقتدًى بها في الأحكام مواقيت ومشاهد، فكيف ساكنها وعالِمُها؟ وإذا [كان](24) جبلها قد تميَّز على الجبال، فكيف لا يتميَّز عالِمُها على العلماء في مزيَّة الكمال؟ وإذا عادت بركة كون النبيِّ صلعم (فيها) على الجمادات بالسعادات، فكيف لا تعود بركته على أهل الديانات بالمزايا والزيادات؟
          فرحمة الله على مالكٍ، لقد أنزلها منزلها، وعفا الله عمَّن كثَّر عليه في الاحتجاج بإجماعها، لقد تزيَّن(25) بالشبهة، وقنع بسماعها وإسماعها.
          وظهر لي من ترجمة البخاريِّ أنَّ الله شرح صدره لِمَا شرح له صدر مالكٍ من تفضيلها، ومن قاعدته في الاعتبار بإجماعها على جملتها وتفضيلها، والله أعلم.


[1] في (ع): «بهما».
[2] ليست في (ع).
[3] في (ع): «وتنصع».
[4] في (ت) و(ع): «فبايعنا».
[5] في الأصل: « فأجلدها ولا الرهط».
[6] في (ت): «لا ينزلونها».
[7] في (ت): «وتحفظوا».
[8] ليست في (ع).
[9] في الأصل: «منزلي».
[10] في (ع): «وفيه: هشام عن أبيه، أن عمر أرسل».
[11] في (ت) و(ع): «عليها».
[12] في (ت): «فنأتي».
[13] في الأصل: «مد وثلث».
[14] في (ت) و(ع): «عليه».
[15] ليست في (ع).
[16] ليست في (ع).
[17] ليست في (ت).
[18] في الأصل: «تكن».
[19] في (ت) و(ع): «قلتَ رضي الله عنك: ذكر».
[20] ليست في (ع).
[21] في (ع): «إلى العوالي».
[22] في (ت): «التي».
[23] في (ع): «ولذكر».
[24] استدركت من (ت)، وفي (ع): «فإذا كان».
[25] في (ع): «ولقد تريب».