المتواري على أبواب البخاري

باب كسوة الكعبة

          ░48▒ باب كسوة الكعبة
          122- فيه عمر: «أنه جلس على الكرسي في الكعبة وقال: لقد هممت ألا أدعَ فيها صفراء ولا بيضاء إلا قَسَمته، قلت: إن صاحِبَيك لم يفعلا، قال: هما المرءان أقتدي بهما». [خ¦1594].
          [قلتَ رضي الله عنك:] يحتمل أن يكون مقصوده بالترجمة التنبيه على أن كسوة الكعبة مشروع ومأثور، فيحتج لذلك بأنها لم تزل تقصد بالمال يوضع فيها على معنى الزينة والجمال إعظاماً لحرمتها في الجاهلية والإسلام، فالكسوة من هذا القبيل.
          ويحتمل أن يريد التنبيه على حكم الكسوة، وهل يجوز التصرف فيما عتق من الكسوة بالقسمة كما يصنعونه، أم لا؟ فنبَّه على أنه موضع اجتهاد، وأن مُقتضى رأي عمر ☺ أن يُقسم في المصالح، ويعارض رأيه ترك النبيِّ(1) صلعم وأبي بكر ☺ لقسمتها، فذلك في محل الاجتهاد وتعارض الأمارات(2).
          والظاهر جواز قسمة الكسوة العتيقة، إذ بقاؤها تعريض لإتلافها، بخلاف النقدين، وإذ(3) لا جمال في كسوة مطوية عتيقة.
          ويؤخذ من قول عمر ☺ أن صرف المال في المصالح كالفقراء والمساكين آكد من(4) صرفه في كسوة الكعبة، لكن الكسوة في هذه الأزمنة أهم، إذ الأمور المتقادمة تتأكد حرمتها في النفوس، وقد صار ترك الكسوة في العرف غضاً من الإسلام وإضعافاً لقلوب المسلمين، فترجحت على الصدقة بمثل قيمتها، والله أعلم.


[1] في (ز): «ويعارض تركه رأي النبي...».
[2] في (ع): «الأمانات».
[3] في (ت): «إذ»، وفي (ع): «و».
[4] في (ز): «في».