مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الضاد مع الياء

          الضَّاد مع الياء
          1533- «ضافَ رسُولَ الله صلعم ضيفٌ» نزلَ به وطلبَ ضيافتَه، و«تَضيَّف أبو بكرٍ رهطاً» [خ¦6140]؛ أي: أتخذَّهم أضيافاً، يقال: ضِفتُ الرَّجل طلبتُ ضيافتَه ونزلتُ به، وأضفتُه أنزلتُه للضِّيافَةِ، وضيَّفتُه أيضاً بمعنى، وقيل: ضيَّفتُه أنزلتُه منزلةَ الأضيافِ.
          وقولُه: «{هَؤُلاء ضَيْفِي} [الحجر:68]» يقعُ للواحدِ فما زادَ وللذِّكرِ والأنثى، وقد يُثنَّى ويُجمعُ، فيقال: ضيوفٌ وأضيافٌ وضِيفانٌ.
          وقوله: «مُضيفٌ ظهرَه إلى القُبَّة(1)» [خ¦6642]؛ أي: مسندٌ.
          قولُه: «حتَّى تَضيَّفُ الشَّمسُ»؛ أي: تَميلُ.
          1534- وقولُه: «ومن ضيَّعها فهو لما سِواها أضيعُ» يفسِّره حديثُ: «أوَّل ما يُنظرُ من عَملِ العبدِ الصَّلاةُ» فمن ضيَّع الصَّلاةَ فقد ضاع جميعُ عملِه، وقيل: إنَّه إذا ضيَّعها مع عِظَمِها في الدِّين ومكانِها من الشَّرعِ، كان لما دونَها من الأعمالِ أشدَّ تضييعاً، وقيل: من ضيَّعها مع شُهرَتِها دلَّ على أنَّه لما يَخفَى من عَمَلِه أشدُّ تَضييعاً، والُّلغةُ المشهورةُ أن يُفاضَلَ في مثلِ هذا بأشدَّ أو أكثرَ ونحوِه، ولكن حكى السِّيرافِيُّ وغيرُه عن سيبويه إجازَة ذلك، وهذا الحديثُ حُجَّةٌ في ذلك، حتَّى لا شيءَ أصحُّ منه نقلاً ولا حجَّةَ أفلجَ في الُّلغةِ من قولِ عمرَ، وقد قال ذو الرُّمَّة(2) :
بأضيعَ من عَينيكَ للدَّمعِ                     ................ /
          قوله: «وإضَاعَة المالِ» [خ¦1477] قيل: هو إنفاقُه فيما حرَّم الله وفي الباطلِ والسَّرفِ، وقيل: تركُ القيام عليه وإهمالُه، وقيل: المرادُ بالمالِ هنا الحيوانُ كلُّه لا يُضيَّعون فيَهلكُونَ، وقيل: هو دفعُ مالِ السَّفيهِ إليه.
          وقولُه صلعم: «من تَرَك... ضَياعاً» [خ¦2399] بفتحِ الضَّادِ هم العِيالُ سمُّوا باسم الفعلِ، ضاعَ الشَّيءُ ضَياعاً؛ أي: من تَرَكَ عِيالاً عالةً وأطفالاً يضيعونَ بعدَه، وأمَّا بكسرِ الضَّادِ فجمعُ ضائعٍ، والرِّوايةُ عندنا بالفتحِ، وقد روي: «من ترك...ضَيعَةًَ»؛ أي: ذو ضَيعةٍ؛ أي: قد تُرِكوا وضُيِّعوا، وهو أيضاً مصدرُ ضاعَ العِيالُ ضَيعةً وضَياعاً، وأضعتُهم تركتُهم.
          وقوله: «بدارِ هَوانٍ ولا مَضْيَعةٍ» [خ¦4418]؛ أي: حالةِ ضياعٍ لك وتركٍ، يقال: مَضِيْعة ومَضْيَعة.
          وقوله: «وعافَسنا الأزواجَ والأولادَ والضَّيعات»؛ أي: حاوَلنا ذلك ومارَسناه واشتغلنا به، والضَّيعةُ كلُّ ما يكونُ منه معاشُ الرَّجلِ من مالِ وضَيعةٍ.
          وقولُه: «لا يَنبغِي لمن عندَه علمٌ أن يضيِّعَ نفسَه» [خ¦3/21-146]؛ أي: يهينُها؛ أي: لا يأتِي بعلمِه أهلَ الدُّنيا ويتواضعُ لهم، ويحتمل أن يريدَ إهمالَ نفسِه وتركَ توقِيرها، وتضييعَ ما عندَه من علمٍ حتَّى لا يُنتفَع به فيه.


[1] في (ن): (القبلة)، وكذا في «المشارق»، وما أثبتناه من (س) موافق لما في «صحيح البخاري».
[2] هو بتمامه كما في «أمالي القالي» ░1/208▒ ولم أجده في ديوان ذي الرِّمة:
~بأَضيعَ من عينيكَ للدمعِ كلَّما                      تذكَّرتَ رَبْعاً أو توهَّمتَ منزلًا