مصباح القاري لجامع البخاري

باب قول الله : {فلا تجعلوا لله أندادًا}

          ░40▒ بابُ قولِ الله ╡: {فَلاَ تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} [البقرة:22]
          وقولِهِ: {وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ العَالَمِينَ} [فصلت:9].
          {إلَّا وهُمْ مُشْرِكونَ} [يوسف:106] يقرُّون أنه خالِقُهم ويعبدون غيره.
          قوله: (ومَا ذُكرَ) عطفٌ على الله مضافاً إلى الباب، والخلقُ لله والكسبُ للعباد، ومقصودُ الباب بيانُ كون أفعالِ العباد مخلوقةً لله تعالى، إذ لو كان يخلُقُهم لكانوا شركاءَ لله وأندادَ له في الخلقِ، وهذا عطفٌ وما ذكر عليه.
          وفيه الرَّدُّ على الجهميَّة حيث قالوا: لا قُدرَة للعبدِ أصلاً وهو مجبرٌ على أفعالهِ، وعلى المعتزلةِ حيث قالوا: لا دخلَ لقدرةِ الله تعالى، فالمذهبُ الحقُّ: أنَّه لا جبرَ ولا قدرةَ، وطريقُ أهلِ الحقِّ متوسِّطة في الأصولِ والفروعِ فلا تعطيلَ ولا تشبيهَ، ولا جبرَ ولا قُدرة، ولا الختام وعبد، ولا إرجاءَ ولا رفضَ، ولا خروج ولا إسراف، ولا تَقتير وكانَ بين ذلك قواماً وخيرُ الأمور أوساطها.
          {مَا نُنَزِّلُ} [الحجر:8] بالنون {الْمَلائِكَةَ} [الحجر:8] بالنصب، فهو استشهادٌ لكونِ نزول الملائكة بخلقِ الله تعالى، وبالتاء المفتوحة ورفع الملائكة، فهو لكون نُزُولهم بكسبهم {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9] عندنا، وهو القرآنُ.