مصباح القاري لجامع البخاري

باب كيف بدء الوحي

          قالَ أبُو عَبدِ اللَّه البُخارِيُّ: (بِسمِ اللَّه الرَّحمنِ الرَّحيمِ) بدأ بالبسملة للتبرك، ولأنها أول آية في المصحف أجمع الصحابة على كتابتها، وحافظ عليها البخاري في كتب الجامع كلها، ذكره ابن حجر في ((شرحه)).
          ثم قال البخاري:
          ░░1▒▒ (بابُ كَيفَ بَدءُ الوَحيِ)
          يجوز فيه وفي نظائره رفعه مع التنوين، ورفعه بلا تنوين على الإضافة، أو على التقديرين هو خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هذا باب، ويجوز إعرابه بالوقف، وفي بعض النسخ: ((باب كيف كان بدء الوحي)).
          قوله: (وقَولُ اللَّهِ) هو مجرور عطفًا على محلِّ الجملة التي هي: كيف كان بدء الوحي، وقيل: لا يجوز جرُّه؛ لأن كلام الله لا يكيَّف، بل هو مرفوعٌ عطفًا على لفظ البدء.
          وقوله: (بَدْء) على وزن فَعْل، فيجوز همزه على مَعنى الابتداء، وتخفيفه على أنه بمعنى الظهور، ولما كان الكتاب معقودًا لأخبار النبي صلعم صدره بأول شأن الوحي والرسالة، ولم يقدم عليه خطبة، وأورد حديث الأعمال بالنيات منزلًا له منزلة الخطبة، فكأنه قال: صدرت هذا الكتاب بكيفيَّة بدء الوحي وقصدت التقرب إلى الله؛ لأن الأعمال بالنيات، والمراد من بدء الوحي: حاله مع كلِّ ما يتعلَّق بشأنه أيَّ تعلُّق كان، كالحديث الهرقلي.
          وقد روي في ((الصحيح)): ((إنما الأعمال بالنيات)) و((إنما الأعمال بالنية)) و((العمل بالنية)) وسيأتي تفسير الوحي وبيان أقسامه قريبًا إن شاء الله.
          وأول شيخ روى عنه البخاري في ((صحيحه)): (الحُمَيْدي) وهو بضم المهملة على التصغير وياء النسبة، هو: أبو بكر بن عبد الله بن الزبير بن عيسى بن عبيد الله بن الزبير بن عبيد الله بن حميد القرشي، الأسدي رئيس أصحاب سُفيان بن عُيينة، توفي بمكة سنة تسع عشرة ومائتين.