مطالع الأنوار على صحاح الآثار

التاء مع الراء

          التَّاء مع الرَّاء
          232- قوله: «فَرَجُل تَرِبٌ»؛ أي: فَقِير، يعني معاويَةَ، كما قال فيه: «صُعلُوك» .
          وقوله صلعم: «ترِبَت يَدَاك» [خ¦5090] قال مالكٌ: خسِرَت يداك، وقال ابنُ بُكيرٍ وغيرُه: استَغْنَت، وأنكَره أهلُ اللُّغةِ؛ إذ لا يقال في الغِنَى إلَّا أترَب، وقال الدَّاوديُّ: إنَّما هو «ثربت»؛ أي: استَغنَت، وهي لُغَة للقبط جرت على ألسنة العَربِ، وهذا ترُدُّه الرِّوايةُ الصَّحِيحةُ، ومَعرُوفُ كلامِ العَربِ، وقيل: معناه ضعُف عقلُكِ أتجهَلِين هذا ؟!(1) وقيل: افتقَرت يداك من العِلْم، وقيل: هو حضٌّ على تعلُّم مثل هذا، وقيل: معناه لله درُّك، وقيل: امتَلَأت تُراباً، وقيل: / تربت أصابها التُّراب، ومنه: «ترِبَ جَبِينك»، وأصلُه القَتِيل يُقتَل فيَقعُ على جَبينِه فيتترَّب، ثمَّ استُعمِل استعمال هذه الألفاظ.
          والأصحُّ فيه وفي مِثلِه من هذه الألفاظِ أنَّه دعاء يُدعَمُ به الكلامُ ويُوصَل تهويلاً للخَبرِ، مثل: «انجُ لا أبا لك»، و«ثكِلَته أمه»، و«هوَت أُمُّه»، و«ويل أمِّه»، و«حَلْقى عَقْرى»، و«أُلَّ وغُلَّ»، لا يراد وقوع شيء من ذلك وإن كان أصلُه الدُّعاء، لكنَّهم قد أخرَجُوه عن أصلِه إلى التَّأكيد تارَةً، وإلى التَّعجُّب والاستحسان تارَة، وإلى الإنكارِ والتَّعظيمِ.
          قوله: «خلَق الله التُّربَةَ يَوْم السَّبْتِ» يعني الأرضَ، وكذلك جاء مُفسَّراً في غير كتابِ مُسلمٍ.
          233- وقوله: «فدَعا بتَرجُمانِهِ» [خ¦7] بفَتحِ التَّاء وضمِّ الجيمِ، وضبَطه الأصيليُّ بضَمِّهما، وحُكِي عن أبي عليٍّ فيه الوَجهان، وهو المُفسِّر لُغَة بلُغَةٍ، ومنه «لا بُدَّ للحاكمِ من مُترجِمِينَ» [خ¦7195]؛ أي: لا بد له ممن يترجم له عَمَّنْ يتكلم بغيرِ لِسَانه، وذلك يتكرَّر فيتكرَّر المُترجِمُون.
          وعند القابِسيِّ: «من مُترجِمَينِ» بالتَّثنِية؛ يعني لا بُدَّ من اثنين يترجمان له عن كَلامِ من لا يفهم كلامه، واختلَف العُلماءُ هل هو من باب الخبَر فيقتَصِر على واحدٍ، أو من باب الشَّهادةِ، فلا بدَّ من اثنَين؟.
          234- و«التُّرَّهات» [خ¦4626] الأباطيلُ، واحدُها تُرَّهَة بضَمِّ التَّاء وفتح الرَّاء، وأصلُه من التُّرَّهات التي هي بُنَيَّاتِ الطرُّق المُتشعِّبة منها، وقيل: بل هي من الوَرَهِ؛ وهو الحُمقُ، التَّاء مُبدلَة من واوٍ.
          235- «التَّرقُوة» بفَتحِ التَّاء وضمِّ القافِ كلُّ واحدٍ من العظمين اللَّذين بين ثغرة النَّحر والعاتق، ومنه «ولا يجاوِزُ تَراقِيهم» [خ¦3610]، و«إلى ترَاقِيهما». [خ¦1443]
          و«التِّرياق»، ويقال: دِرياق وطِرياق ودِرَّاق وطِرَّاق حكاهما أبو حَنِيفةَ، وهو مأخُوذ من اسمِ الحَيوانِ اللَّادغِ والنَّاهشِ واللَّاسعِ، واسمُه في لُغَة اليُونانيِّين: تريوق ودريوق.
          236- قوله: «سَحابةٌ مِثلُ التُّرس» [خ¦1013] ظاهرُه أنَّها كانت بقَدر التُّرسِ، وقال ثابتٌ: ليس كذلك، إنَّما أراد أنَّها / مُستَديرة وهي أحمدُ السِّحابِ.


[1] في البخاري: «تربت يداكَ» على خطاب المذكر، و«تربت يمينكِ» على خطاب المؤنث.