الناظر الصحيح على الجامع الصحيح

حديث: قوموا فلأصل لكم

          380- (فَلِأُصَلِّ لَكُمْ): قال ابنُ مالكٍ: (رُويَ بحذفِ الياءِ، وبثبوتِها مفتوحةً وساكنةً، ووجهُه: أنَّ اللَّامَ عندَ ثبوتِ الياءِ مفتوحةً لامُ «كي»، والفعلُ بعدَها منصوبٌ بـــ«أَنْ» مضمرةً، و«أنْ» والفعلُ في تأويلِ مصدرٍ مجرورٍ، واللَّامُ ومصحوبُها خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ؛ والتَّقديرُ: قوموا فقيامُكم لِأُصَلِّيَ لكم.
          ويجوزُ على مذهبِ الأخفشِ أنْ تكونَ الفاءُ زائدةً، واللَّامُ متعلِّقةً بـــ«قُومُوا».
          واللَّامُ عندَ حذفِ الياءِ لامُ أمرٍ، ويجوزُ فتحُها على لغةِ سليمٍ، وتسكينُها بعدَ الواوِ والفاءِ و«ثُمَّ» على لغةِ قريشٍ، وأمرُ المتكلِّمِ نفسَه بفعلٍ مقرونٍ باللَّامِ فصيحٌ قليلٌ في الاستعمالِ، ومنهُ قولُه تعالى:[22ب] {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} [العنكبوت:12].
          وأمَّا في روايةِ مَنْ أثبتَ الياءَ ساكنةً فيَحتملُ أنْ تكونَ لامَ «كي» وسُكِّنتِ الياءُ تخفيفًا، وهي لغةٌ مشهورةٌ؛ أعني: تسكينَ الياءِ المفتوحةِ، وأنْ تكونَ لامَ أمرٍ، وثبتتِ الياءُ في الجَزْمِ إجراءً للمُعتلِّ مُجرى الصَّحيحِ؛ كقراءةِ / قُنْبُلٍ: {مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ} [يوسف:90]).
          أقولُ: (جاءَ فتحُ اللَّامِ أيضًا في بعضِ الرِّواياتِ، وتوجيهُه: إمَّا أنَّه لامُ الأمرِ فُتحتْ على مَن جوَّزَ فتحَها، وإمَّا أنَّه لامُ الابتداءِ، وإمَّا أنَّه جوابُ قَسَمٍ محذوفٍ، والفاء جوابُ شرطٍ محذوفٍ، أي: إنْ قُمتُمْ فواللهِ لَأُصَلِّيْ لكم، على مذهبِ بعضِ النُّحاةِ) انتهى كلامُ الكِرمانيِّ.
          وقال الحافظُ الدِّمياطيُّ: (قال ابنُ السِّيْدِ: يَرويهِ كثيرٌ مِنَ النَّاسِ بالياءِ، ومنهم مَن يفتحُ اللَّامَ ويسكِّنُ الياءَ ويتوهَّمُه قَسَمًا، وذلك غلطٌ؛ لأنَّه لا وجهَ للقَسَمِ هنا، ولو كان قَسَمًا لَقال: فلَأُصَلِّيَنَّ، وإنَّما الرِّوايةُ الصَّحيحةُ: «فَلِأُصَلِّ» على معنى الأمرِ، والأمرُ إذا كانَ للمتكلِّمِ والغائبِ كانَ باللَّامِ أبدًا، وإذا كانَ للمخاطَبِ كانَ باللَّامِ وغيرِ اللَّامِ) انتهى. /
          وقال الحَمْزِيُّ: («فَلِأُصَلِّ لَكُمْ» على الأمرِ لِأكثرِ رواةِ يحيى، وكذا لابنِ بُكَيرٍ، والأصيليِّ في «الصحيحين» ولعامَّةِ رواتِهما، كأنَّه أمرَ نفسَه على جهةِ العَزْمِ على فعلِ ذلك، كما قال تعالى: {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} [العنكبوت:12]، وعندَ ابنِ وضَّاحٍ: «فَلَأُصَلِّيْ لَكُمْ»، وكذا للقَعْنَبِيِّ في روايةِ الجوهريِّ، [وفي روايةِ / غيرِه]: «فلِنُصَلِّ» بالنونِ وكسرِ اللَّامِ الأولى والجَزْمِ؛ كأنَّه أمرَ الجميعَ، ولبعضِ شيوخِنا: «فَلِأُصَلِّي» لامُ «كي»، قال: وهي روايةٌ ليحيى، وكذا لابنِ(1) السَّكَنِ، والقابِسيِّ في «البخاري») انتهى.
          (وَالْيَتِيمَ): قالَ الكِرمانيُّ: (بالنَّصبِ، ولو صحَّتْ روايةُ الرَّفعِ، فهوَ مبتدأٌ، و«وَرَاءَهُ»: خبرٌ، والجملةُ حالٌ).
          وقال ابنُ الملقِّنِ: («وَالْيَتِيمَ»: منصوبٌ، أي: معَ اليتيم، وجاء في روايةٍ أُخرى: «صَفَفْتُ وَالْيَتِيمُ»، قال ابنُ التِّينِ: والأوَّلُ أحسنُ في لغةِ العربِ؛ لأنَّ الضَّميرَ المعطوفَ لا يُعطَفُ عليه إلَّا بعدَ أنْ يؤكَّدَ كقولِه تعالى: {اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة:35]).
          (مِنْ وَرَائِنَا): قال البِرْماويُّ: (بالكسرِ على المشهورِ، وجُوِّزَ الفتحُ على أنَّ «مِنْ» موصولةٌ).


[1] في (ب): (ابن).