الناظر الصحيح على الجامع الصحيح

باب قول الله تعالى: {وَاتَّخذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}

          ░30▒ ({وَاتَّخذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}) [البقرة:125] : قَرَأَ نافعٌ وابنُ عامرٍ فعلًا ماضيًا على لفظِ الخبرِ، والباقونَ على لفظِ الأمرِ، وقراءةُ الخبرِ فيها ثلاثةُ أوجهٍ:
          أحدُها: أنَّه معطوفٌ على {جَعَلْنَا} المخفوضِ بـــ{إِذْ} تقديرًا، فيكونُ الكلامُ جملةً واحدةً.
          الثَّاني: أنَّه معطوفٌ على مجموعِ قولِه: {وَإِذْ جَعَلْنَا}، فيحتاجُ إلى تقدير (إِذْ)، أي: وإذِ اتَّخَذُوا، ويكونُ الكلامُ[23أ] جملتين.
          الثَّالث: ذكرَه أبو البقاءِ: أنْ يكونَ معطوفًا على محذوفٍ، تقديرُه: فثابوا واتَّخذوا.
          وقراءَةُ الأمرِ فيها أربعةُ أوجهٍ:
          أحدُها: أنَّه عطفٌ على {اذْكُرُواْ} [البقرة:122]، إذا قيل: بأنَّ الخطابَ هنا لبني / إسرائيلَ، أي: اذكروا نعمتي واتَّخِذوا.
          الثَّاني: أنَّها عطفٌ على الأمرِ الذي تضمَّنَه قولُه: {مَثَابَةً} كأنَّه قال: ثوبوا مثابةً واتَّخِذوا، قالهما المهدويُّ.
          الثَّالثُ: أنَّه معمولٌ لقولٍ محذوفٍ، أي: وقلنا: اتَّخِذوا، إن قيل: بأنَّ الخطابَ لإبراهيمَ وذُرِّيَّتِه، أو لمحمَّدٍ [وأُمَّتِه] صلَّى الله عليهما وسلَّم.
          الرَّابع: أن يكون مستأنفًا، قاله أبو البقاء.
          و{مِن}: تبعيضيَّةٌ، وهو الظَّاهرُ، أو بمعنى: (في)، أو زائدةٌ على قولِ الأخفشِ، وليسا بشيءٍ، و(المَقَامُ) هنا: مكانُ القِيامِ، وهو يصلُح للزَّمانِ والمصدرِ أيضًا. /