الناظر الصحيح على الجامع الصحيح

باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد

          ░48▒ (وَيُتَّخَذُ مَكَانَهَا مَسَاجِدُ): بنصبِ (المكان)، ورفعِ (المَسَاجِد)، وهذا مبنيٌّ / على أنَّ الاتِّخاذَ متعدٍّ إلى مفعولٍ واحدٍ، و(المكان) ظرفٌ.
          فإنْ قلتَ: ما وجهُهُ لو عُدِّيَ الاتِّخاذُ إلى مفعولين، ويكون (المَكَانَ) مفعولًا به لا مفعولًا فيه؛ لأنَّ الواجبَ حينئذٍ أنْ يُجعَلَ (مَكَانُهَا) قائمًا مَقام الفاعلِ؛ لأنَّه المفعولُ الأوَّلُ لكونِه معرفةً، ولا يقع المفعولُ الثَّاني موقعَ الفاعلِ؛ لأنَّه مسندٌ، فلا يصيرُ مسندًا إليه؟
          قلتُ: جازَ في مفعولِ (أعطيتُ) جَعْلُ كلٍّ مِنَ المفعولينِ مفعولَ ما لم يُسَمَّ فاعلُه(1)، والاتِّخاذُ نقيضُ الإعطاءِ، فلا يَبعُدُ أنْ يكونَ حُكْمُه كحُكْمِه.
          وقال والدي ⌂: («يُتَّخَذُ»: مبنيٌّ أيضًا لِما لم يُسَمَّ فاعلُه، و«مَكَانهَا مَسَاجِد»: إنْ رفعتَ «مَكَانهَا» كان مُقامَ الفاعلِ، وإنْ نصبتَه كان مفعولًا ثانيًا، و«مَسَاجِد»: قائمٌ مَقامَ الفاعلِ إنْ رفعتَ، وإنْ نصبتَ كانَ مفعولًا ثانيًا).
          (ومَا يُكْرَهُ): عطفٌ على (هَلْ تُنْبَشُ)، وهذه جملةٌ خبريَّةٌ، وتلكَ طلبيَّةٌ.
          إنْ قال قائلٌ: كيفَ جاز العطفُ بينهما؟
          قلتُ: هو استفهامٌ تقريريٌّ، فهو أيضًا في حكمِ جملةٍ خبريَّةٍ ثبوتيَّةٍ مثلِها.
          (الْقَبْرَ الْقَبْرَ): منصوبٌ على التَّحذيرِ، يجبُ حذفُ عاملِه، وهو (اتَّقِ)، وفي بعضِها بهمزةِ استفهامِ الإنكارِ، أي: أتُصلِّي عندَ القبرِ؟! /


[1] (فاعله): ليست في (ب).