مطلع النيرين المختصر من الصحيحين

مالك بن صعصعة الأنصاري المازني

          مالكُ بنُ صَعْصعةَ الأنصاريُّ المازِنيُّ
          المتَّفَقُ عليه من حديثِه.
          عن أنسِ بن مالكٍ عن مالكِ بن صعصَعَةَ: أن نبيَّ الله صلعم حدَّثَهُم عن ليلَة أُسرِيَ به قالَ: ((بينَمَا أنا في الحَطِيم _وربَّما قالَ: في الحِجر_ مضطجِعٌ _ومنهم من قالَ: بينَ النَّائمِ واليقظانِ_ إذ أتانِي آتٍ)) قالَ: فسمعتُهُ يقول: ((فشَقَّ ما بينَ هذِهِ إلى هذِهِ(1))) فقلتُ للجارُودِ وهو إلى جَنبِي: ما يعنِي بهِ؟ قالَ: من ثغرةِ نحرهِ إلى شعرتِهِ، وسمعتُهُ يقول: من قصِّه إلى شعرتِهِ / ((فاستخرجَ قلبِي ثمَّ أُتِيتُ بطستٍ من ذهبٍ مملوءَةٍ إيماناً فغَسلَ قلبِي، ثمَّ حشي، ثمَّ أعيدَ، ثمَّ أُتيتُ بدابَّةٍ دونَ البغلِ وفوقَ الحمارِ أبيض _فقال له الجارودُ: وهو البُراقُ يا أبا حمزَةَ، قال أنسٌ: نعَم_ يضعُ خطوَهُ عندَ أقصَى طرْفِهِ، فحُمِلْتُ(2) عليه فانطلَقَ بي جبريلُ ◙ حتى أَتَى السماءَ الدُّنيا فاستفتَحَ، فقيل: مَن هذَا؟ قالَ: جبريلُ، قيل: ومَن معَكَ؟ قالَ: محمَّدٌ، قيل: وقد أُرسلَ إليه؟ قالَ: نعم، قيل: مرحباً بهِ فنعمَ المجيءُ جاءَ، فلمَّا خلصتُ فإذا فيها آدَمُ، فقال: هذا أبوكَ آدمُ فسلِّم عليه، وسلَّمتُ عليه فردَّ السلامَ، وقال: مرحباً بالابنِ الصَّالح والنبيِّ الصالحِ.
          ثمَّ صعدَ حتى أَتى السَّماءَ الثَّانيةَ فاستفتحَ، قيل: مَن هذا؟ قالَ: جبريلُ، قالَ: ومَن معكَ؟ قالَ: محمَّدٌ، قيل: وقد أُرسلَ إليه؟ قالَ: نعَم، قيل: مرحباً به ونعمَ(3) المجيءُ جاءَ، ففُتِحَ(4)، فلمَّا خلصْتُ فإذا يَحيَى وعيسَى _وهمَا ابنَا خالَةٍ_ قالَ: هذا يحيَى وعيسَى فسلِّم عليهمَا، فسلَّمتُ فردَّا ثمَّ قالَا: مرحباً بالأخِ الصَّالحِ والنبيِّ الصَّالحِ.
          ثمَّ صعدَ بي إلى السَّماءِ الثَّالثةِ فاستفتَحَ، قيل: مَن هذا؟ قالَ: جبريلُ، قيل: ومَن معك؟ قالَ: محمَّدٌ، قيل: وقد أُرسلَ إليه، قالَ: نعم، قيل: مرحَباً بهِ فنعمَ المجيءُ جاءَ ففتحَ، فلمَّا خلصتُ فإذا يوسُفُ، قالَ: هذَا يوسفُ فسلِّم عليه، فسلَّمتُ عليه فردَّ ثمَّ قالَ: مرحَباً بالأخِ الصَّالحِ والنبيِّ الصَّالحِ.
          ثمَّ صعدَ بي(5) حتَّى أتى السَّماءَ الرَّابعةَ فاستفتحَ، قيل: مَن هذا؟ قالَ: جبريلُ، فقال: ومَن معكَ؟ قالَ: محمَّدٌ، قيل: وقد أرسلَ إليه؟ قالَ: نعم، قيل: مرحَباً به فنعمَ المجيءُ جاءَ ففتحَ، فلمَّا خلصْتُ فإذا إدريسُ، قالَ: هذا إدريسُ فسلِّم عليه، فسلَّمتُ عليهِ فردَّ ثمَّ قالَ: مرحباً بالأخِ الصَّالحِ والنبيِّ الصالحِ.
          ثمَّ صعدَ بي حتَّى أتى السَّماءَ الخامسةَ فاستفتحَ، قيل: مَن هذا؟ قالَ: جبريلُ، قيل: ومَن معكَ؟ قالَ: محمَّدٌ، قيل: وقد أرسلَ إليه؟ قالَ: نعم، قيل: مرحَباً بهِ فنعمَ المجِيءُ جاءَ، فلمَّا خلصتُ فإذا هارونُ، قالَ: هذَا هارونُ فسلِّم عليه فسلَّمتُ عليه فردَّ، ثمَّ قالَ: مرحباً بالأخِ الصَّالحِ والنبيِّ الصالحِ.
          ثمَّ صعِدَ حتى أتَى السَّماءَ السَّادسةَ فاستفتحَ قيل: مَن هذا؟ قالَ: جبريلُ، قيل: ومَن معكَ؟ قالَ: محمَّدٌ، قيل: قَد أرسلَ إليه؟ قالَ: نعم، قيل: مرحباً بهِ فنعمَ المجيءُ جاءَ، فلمَّا خلصتُ فإذا موسَى، قالَ: هذا موسَى فسلِّم عليه، فسلَّمتُ عليه، فردَّ، ثمَّ قالَ: مرحباً بالأخِ الصَّالحِ والنبيِّ الصالحِ، فلمَّا جاوزتُهُ بكَى، فقيل: ما يُبكِيكَ؟ قالَ: أبكِي؛ لأنَّ غلاماً بعثَ بعدِي يدخلُ الجنَّةَ من أمَّتهِ أكثرُ ممَّا يدخُلُها من أمَّتِي.
          ثمَّ صعدَ بي إلى السَّماءِ السَّابعةِ فاستفتحَ جبريلُ، قيل: مَن هذا؟ قالَ: جبريلُ، قيل: ومَن معكَ؟ قالَ: محمَّدٌ، قيل: وقد بعثَ إليهِ؟ قالَ: نعم، قالَ: مرحَباً بهِ فنعمَ المجيءُ جاءَ، فلمَّا خلصتُ فإذا إبراهيمُ، قالَ: هذَا أبوكَ إبراهيمُ فسلِّم عليه فسلَّمتُ عليه / فردَّ السلامَ، ثمَّ قالَ: مرحَباً بالابنِ الصَّالحِ والنبيِّ الصالحِ.
          ثمَّ رُفِعتُ إلى سدرةِ المنتَهَى فإذا نَبْقُهَا مثلُ قِلَالِ هَجَر، وإذا ورَقُهَا مثلُ آذانِ الفِيَلَةِ، قالَ: هذِهِ سدرَةُ المنتهَى، فإذا أربعَةُ أنهارٍ: نهرَانِ باطِنَانِ ونهرَانِ ظاهِرَانِ، فقلتُ: ما هذَانِ يا جبريلُ؟ قالَ: أمَّا البَاطنَانِ فنهرَانِ في الجنَّة، وأمَّا الظَّاهرانِ فالنِّيلُ والفراتُ.
          ثمَّ رُفعَ لي البيتُ المعمُورُ ثمَّ أُتيتُ بإناءٍ مِن خمرٍ وإنَاءٍ من لَبَنٍ وإنَاءٍ من عَسَلٍ فأخَذتُ اللَّبَنَ، فقال: هي(6) الفطرَةُ التي أنتَ عليها وأمَّتُكَ(7)، ثمَّ فُرِضَت عليَّ الصَّلاةُ خمسينَ صلاةً كلَّ يومٍ، فرجعتُ فمررْتُ على موسَى، فقال: بما أُمرتَ؟ قلتُ: أُمرتُ بخمسينَ صلاةً كلَّ يومٍ، قالَ: إنَّ أمَّتَك لا تستَطيعُ خمسينَ صلاةً كلَّ يومٍ، وإنِّي واللهِ قَد جرَّبتُ النَّاسَ قبلكَ وعالَجتُ بني إسرائيلَ أشدَّ المعالجَةِ، فارجِعْ إلى ربِّكَ فاسأَلهُ التَّخفيفَ لأمَّتكَ، فرجعتُ فوضَعَ عنِّي عشْراً، فرجعْتُ، فقال مثلَهُ، فرجعتُ فوضَعَ عنِّي عشراً، فرجعْتُ إلى موسَى فقال مثلَهُ، فرجعتُ فوضَعَ عنِّي عشراً، فرجعْتُ إلى موسَى فقالَ مثلَهُ(8)، فرجعتُ فأُمرتُ بعشرِ صلواتٍ كلَّ يومٍ، فقال مثلَهُ، فرجعتُ فأُمرتُ بخمسِ صلواتٍ كلَّ يومٍ فرجعتُ إلى موسَى، فقال: بما أُمرتَ؟ قلتُ: أمرتُ بخمسِ صلواتٍ كلَّ يومٍ، قالَ: إنَّ أمَّتَكَ لا تستَطيعُ خمسَ صلوَاتٍ كلَّ يومٍ، وإنِّي قَد جرَّبتُ النَّاسَ قبلَكَ وعالجتُ بنِي إسرائِيلَ أشدَّ المعالجَةِ، فارجِعْ إلى ربِّكَ فاسأَلهُ التَّخفيفَ لأمَّتِكَ، قالَ: سألتُ ربِّي حتى استحيَيتُ ولكِنْ أرضَى وأُسلِّمُ فلمَّا جاوزتُ نادَى منادٍ: أمضيتُ فريضَتِي، وخفَّفتُ عن عبادِي)).
          وفي رواية: ((بينَا أنا عندَ البَيتِ)).
          وفيه: ((ثمَّ غسلَ البطنُ بماءِ زمزَمَ، ثمَّ ملَئَ حكمَةً وإيمَاناً)).
          وفيها: ((فرفعَ ليَ البيتُ المعمُورُ فسَألتُ جبريلَ، فقالَ: هذا البيتُ المعمُورُ يصلِّي فيه كلَّ يومٍ سبعونَ ألفَ ملكٍ إذا خرَجُوا لم يعودُوا آخرَ ما عليهِم(9))) وفي آخرِهَا: ((خفَّفتُ عن عبَادِي، وأُجزِي بالحسنَةِ عشراً)).
          وفي رواية: ((بينَا أنَا عندَ البيتِ بينَ النَّائمِ واليقظانِ إذ سمِعتُ قائلاً يقولُ: أحدُ الثَّلاثةِ بين الرَّجلينِ فأُتيتُ فانطلِقَ بي فأُتيتُ بطسْتٍ من ذهَبٍ فيهَا من ماءِ زمزَمَ فشُرِحَ صدرِي إلى كذَا وكذَا)) يعني: إلى أسفلِ بطنِهِ.
          وفي رواية: ((فأُتيتُ بطستٍ من ذهَبٍ ممتَلئٍ حكمَةً وإيمَاناً فشُقَّ من النَّحرِ إلى مَرَاقِّ البطنِ)) وذكرهُ.


[1] في (ف): ((ما بين هذه وهذه)).
[2] في الأصل: ((فجعلت)).
[3] في (ف): ((فنعم)).
[4] في (ف) زيادة: ((له)).
[5] ((بي)): ليس في الأصل.
[6] في (ف): ((هذه)).
[7] في (ف) زيادة: ((قال)).
[8] في (ف) زيادة: ((فوضع عني عشرا ثم رجعت إلى موسى فقال مثله)).
[9] ((يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لم يعودوا آخر ما عليهم)): ليس في (ز) و(ف).