مطلع النيرين المختصر من الصحيحين

المقداد بن الأسود الكندي

          المِقدادُ بنُ الأسوَدِ الكنديُّ(1)
          نُسِبَ إلى الأسودِ بنِ عبدِ يغُوثَ بنِ وهبٍ الزُّهريِّ؛ لأنَّه كانَ تبنَّاه، وجاءَ إلى الجاهليَّةِ، فقيلَ: المِقدَادُ بنُ الأسودِ، ونسَبُه الصَّريحُ هو: المِقدادُ بنُ عَمرِو بنِ سَعدٍ البَهْرانيُّ، من بَهراءَ، وقيل: بل هو كِنْديٌّ، وقيل: هو حَضْرَميٌّ، وحالَفَ أبوه كِندةَ، فنُسبَ إليها، وحالفَ هو بني زُهرةَ، فقيل: الزُّهريُّ، وتبَنَّاهُ الأسودُ فنُسِبَ إليه، يُكْنى: أبا مَعبَدٍ، وقيل: أبا الأسوَدِ، وكانَ قديمَ الإسلامِ، ولم يُقدِمْ على الهِجرةِ ظاهِراً، خرَجَ هو وعُتبةُ بنُ غَزَوانَ في جَمعٍ من المشركينَ ليُلاقُوا المسلمينَ، فهرَبَ هو وعُتبةُ إلى المسلمين، وشهِدَ المقدادُ في ذاك العامِ بدراً، ثمَّ شهِدَ المشاهِدَ كلَّها.
          روى ابنُ مسعودٍ قالَ: لقد شهِدتُ من المقدادِ مَشهَداً لَأنْ أكونَ أنا صاحِبَه أحَبُّ إليَّ مما طلَعَتْ عليه الشَّمسُ، وذلك أنَّه أتى النبيَّ صلعم وهو يَذكُرُ المشرِكينَ، فقالَ: يا رسُولَ اللهِ؛ إنَّا واللهِ لا نقُولُ لكَ كما قالَ أصحابُ موسى لموسى: {اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة:24] ولكنَّا نُقاتِلُ من بينِ يدَيكِ ومن خَلفِك وعن يمينِكَ وعن شِمالِكَ، قالَ: فرأيتُ رسولَ اللهِ صلعم يُشرِقُ وجهُه لذلك، وسرَّه وأعجَبَه.
          وروى بُريدةُ قالَ: قالَ رسُولُ اللهِ صلعم: ((إنَّ اللهَ تعالى أمَرَني بحُبِّ أربَعةٍ من أصحابي وأخبَرني أنَّه يُحبُّهم)) فقيل: يا رسُولَ اللهِ مَن هم؟ قالَ: ((عليٌّ والمقِدادُ وسَلْمانُ وأبو ذرٍّ)) وشهِدَ المِقدادُ فتْحَ مِصرَ، وماتَ في أرضِهِ بالجُرُفِ، فحُمِلَ إلى المدينةِ ودُفنَ بها، وصلَّى عليه عثمانُ بنُ عفَّانَ سنةَ ثلاثٍ وثلاثينَ وهو ابنُ سبعينَ سنةً أو نحوِها(2). /


[1] ((الكندي)): ليس في الأصل.
[2] من قوله: ((نسب إلى الأسود... إلى قوله: ...أو نحوها)): ليس في (ز) و(ف).