مختصر الجامع الصحيح للبخاري

{حم} السجدة

          ░░░41▒▒▒ {حم} السَّجْدَةِ
          وَقَالَ طَاوُسٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:{ائْتِيَا طَوْعًا أو كرهًا} [فصلت:11]: أَعْطِيَا، {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت:11]: أَعْطَيْنَا.
          وَقَالَ الْمِنْهَالُ، عَنْ سَعِيدٍ، قَالَ رَجُلٌ لاِبْنِ عَبَّاسٍ: إِنِّي أَجِدُ فِي الْقُرْآنِ أَشْيَاءَ تَخْتَلِفُ عَلَيَّ؟ قَالَ:{فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون:101]، {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} [الصافات:27]، {وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} [النساء:42]، {وَاللهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام:23]: فَقَدْ كَتَمُوا فِي هَذِهِ الآيَةِ؟ وَقَالَ:{والسَّمَاءُ بَنَاهَا...} إِلَى قَوْلِهِ: {دَحَاهَا} [النازعات:27- 30]: فَذَكَرَ خَلْقَ السَّمَاءِ قَبْلَ خَلْقِ الأَرْضِ، ثُمَّ قَالَ:{إنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ...} إِلَى: {طَائِعِينَ} [فصلت:9-11]: فَذَكَرَ فِي هَذِهِ الآية خَلَقَ الأَرْضِ قَبْلَ السَّمَاءِ؟ وَقَالَ:{وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفتح:14]، {عَزِيزًا حَكِيمًا} [الفتح:7]، {سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء:143]: فَكَأَنَّهُ كَانَ ثُمَّ مَضَى؟ فَقَالَ:{فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ} [المؤمنون:101] فِي النَّفْخَةِ الأُولَى، ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ، {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللهُ} [الزمر:68]: فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ وَلا يَتَسَاءَلُونَ، ثُمَّ فِي النَّفْخَةِ الآخِرَةِ {أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} [الطور:25].
          وَأَمَّا قَوْلُهُ:{مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام:23]، {وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيْثًا} [النساء:42]: فَإِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لِأَهْلِ الإِخْلاصِ ذُنُوبَهُمْ، وَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: تَعَالَوْا نَقُولُ: لَمْ نَكُنْ مُشْرِكِينَ، فَخُتِمَ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ، فَتَنْطِقُ أَيْدِيهِمْ، فَعِنْدَ ذَلِكَ عُرِفَ أَنَّ اللَّهَ لا يُكْتَمُ حَدِيثًا، وَعِنْدَهُ:{يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء:42] الآيَةَ.
          وَخَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاءَ، ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ، ثُمَّ دَحَا الأَرْضَ، وَدَحَاهَا؛ أي: أَخْرَجَ مِنْهَا الْمَاءَ وَالْمَرْعَى، وَخَلَقَ الْجِبَالَ وَالْجِمَالَ وَالآكَامَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ:{دَحَاهَا} [النازعات:30]، وَقَوْلُهُ: {خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت:9]، فَجُعِلَتِ الأَرْضُ وَمَا فِيهَا مِنْ شَيْءٍ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَخُلِقَتِ السماء(1) فِي يَوْمَيْنِ، {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رحيمًا} [الفتح:14] سَمَّى نَفْسَهُ ذَلِكَ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ، أَيْ: لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا إِلَّا أَصَابَ بِهِ الَّذِي أَرَادَ، فَلا يَخْتَلِفْ عَلَيْكَ الْقُرْآنُ، فَإِنَّ كُلاًّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ.
          وَقَالَ مُجَاهِدٌ:{مَمْنُونٍ} [فصلت:8]: مَحْسُوبٍ، {نَحِسَاتٍ} [فصلت:16]: مَشَائِيمَ، {اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} [فصلت:39]:{اهْتَزَّتْ}: بِالنَّبَاتِ، {وَرَبَتْ}: ارْتَفَعَتْ، {مِنْ أَكْمَامِهَا} [فصلت:47]: حِينَ تَطْلُعُ، {فَهَدَيْنَاهُمْ} [فصلت:17]: دَلَلْنَاهُمْ عَلَى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، كَقَوْلِهِ:{وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد:10]، {يُوزَعُونَ} [فصلت:19]: يُكَفُّونَ، {مِنْ أَكْمَامِهَا} [فصلت:47]: قِشْرُ الْكُفَرَّى(2) .
          وَقَالَ مُجَاهِدٌ:{ادْفَعْ بالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [فصلت:34]: الصَّبْرُ عِنْدَ الْغَضَبِ وَالْعَفْوُ عِنْدَ الإِسَاءَةِ، فَإِذَا فَعَلُوا عَصَمَهُمُ اللَّهُ، وَخَضَعَ لَهُمْ عَدُوُّهُمْ، {أَقْوَاتَهَا} [فصلت:10] أَرْزَاقَهَا، {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ المَلائِكَةُ} [فصلت:30]: عِنْدَ المَوْتِ، {لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي} [فصلت:50]؛ أي: بِعَمَلِي.


[1] في هامش الأصل: «في نسخة: السماوات».
[2] في هامش الأصل: قوله: «من أكمامها قشر الكُفَرى» بضم الكاف وفتح الفاء، النخل؛ لأنه بسر ما في جوفه، وهو وعاء الطلع وقشره الأعلى، وقيل: الكفرى: الطلع بما فيه، وقيل: وعاء كل شيء كافوره.