مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الثاء مع الواو

          الثَّاء مع الوَاو
          297- قوله: «إذا ثُوِّبَ بالصَّلاة» [خ¦608] التَّثوِيب يقَع على النِّداء للصَّلاة أوَّلاً وعلى الإقامة؛ لأنَّ أصلَه الدُّعاء إلى الشَّيءِ، ثوِّب به؛ أي: دعاه، فالأذان والإقامة دعاءان، وقيل: سُمِّيت الإقامة تَثوِيباً؛ لأنَّه عودٌ للدُّعاء والنِّداء، من ثابَ إلى كذا إذا عاد إليه، ومنه الثَّوابُ ما يعود على العاملِ من جَزاءِ عَملهِ، ومنه التَّثويبُ لصلاة الصُّبحِ بقول المُؤذِّن: الصَّلاة خير من النَّوم؛ لتَكريرِه فيها، ولأنَّه دُعاءٌ ثانٍ إليها بعد حيَّ على الصَّلاةِ.
          وقوله: «فَثَابَ في البيتِ رِجالٌ» [خ¦425]؛ أي: اجتمَعوا، قال صاحبُ «العين»: المثابة مجتَمعُ النَّاس بعد تفرُّقهم، ومنه سُمِّي البيت مَثابَةً؛ أي: مُجتمَعاً، وقيل: مُعاذاً.
          وقوله: «ثابُوا ذات لَيلَة»، و«ثاب النَّاسُ إليه» [خ¦1063]، و«ثابَت إلينا أجسامنا» [خ¦4361] قالوا: كلُّ ثائب راجعٌ؛ أي: رجَعَت أجسامهم إلى حالها الأوَّل، وثاب أيضاً اجتمَع، ويقال: ثاب النَّاسُ جاؤُوا مُتتالِين بعضُهم إثر بَعضٍ، ومعنى الاجتماع فيه أظهَر.
          298- و«الثَّيِّب»(1) من النِّساء التي تزوَّجت فوُطِئت، وكذلك المُتزوِّج الواطِئ من الرِّجال يُسمَّى ثيِّباً.
          وفي الحَديثِ: «الثيِّبُ والثَّيِّبةُ إذا زنَيا»، وفي آخر: «أثيِّب أم بكر؟» في حَديثِ المَرجُوم، فهو من ثاب يثوبُ كأنَّه من إعادة الوَطءِ.
          299- وقوله: «ثورُ الشَّفَق»؛ أي: ثورانه وانتشار حمرته، ثار الشَّيءُ يثُور ثوراً وثوراناً، وصحَّفه بعضُهم: «نور الشَّفق»، ولو صحَّت الرِّواية به لكان له وَجهٌ.
          وقوله: «حُمَّى تَفُور أو تَثُور» [خ¦3616]؛ أي: تَنتَشِر في جِسْمه وتسري في أعْضائِه.
          وقوله: «فثَار ابنُ صيَّادٍ» [خ¦1355]؛ / أي: هبَّ من نَومِه وقام من مَضجَعه.
          وقوله: «أثارَه»؛ أي: أقامَه، وكلُّ ناهضٍ لأمرٍ فقد ثار إليه، ومنه «فثار إليها حمزَة» [خ¦2375]، و«ثارُوا لهُ» [خ¦3861]، و«ثار المُسلِمُون إلى السِّلاحِ» [خ¦3906]، و«ثار الحيَّان الأوسُ والخزرَجُ» [خ¦2661]، و«حتى كادُوا يتثاوَرُون» [خ¦4566] كلُّ ذلك بمعنَى الانتهاض والقِيام، وأَثـرْتُ الصَّيد أنهَضْته للفرار، «وكرِهْت أن أثير على النَّاسِ شرَّاً» [خ¦6391]؛ أي: أهيِّجه وأحرِّكه.
          و«تثِير النَّقعَ»؛ أي: تحرِّكهُ وتهيجُ الغُبار بحَوافرِها، ومنه إثارةُ الأرضِ للزِّراعةِ، ورجلٌ ثائر الرَّأسِ؛ أي: مُنتَشر الشَّعر مُنتفِشه قائمه، والأصلُ في هذا كلِّه واحدٌ، و«فثارَ سحابٌ» [خ¦1033]؛ أي: تنشَّأ وارتَفَع.
          وقوله: «كلابس ثَوبَي زُورٍ» [خ¦5219] قيل: هو لابِس ثياب الزُّهادِ مُراياةً، وأقلُّ لباسهم ثَوْبان، وقيل: هو القَمِيص يجعَل لكلِّ كُمٍّ منه كُمَّاً بغَيرِ بَدن ليُري أنَّ عليه ثوبَين، وقيل: هو المُستَعِير، وقيل: شاهد الزُّور، والمُرادُ بالثَّوبَين على هذا الأَنْفُس، وقيل: معناه كقائل الزُّور، وقيل: كانوا إذا أرادوا إقامة شاهد زورٍ عمِدُوا إلى رجُلٍ ظاهر السَّمتِ حسن المَنظَر فكسوهُ ثوبَين ظريفَين نبيلَين وأتوا به إلى الحاكم فيَشهدُ لهم فيَقبَل شهادته وقولَه لنبل ثوبيه، ولمَّا كان المُتشَبه بما لم يُعطَ يكذِبُ على نَفسِه بأنَّه أُعطِي ما لم يُعطَ ويَكذِبُ على غيرِه بأنَّه أُعطِي ما لم يُعطَ ثنَّى الثَّوبَين في تمثيله، وقيل: بل هو كقائل الزُّور مرَّتَين.
          وقوله: «تَوَضَّأْ ولو من أَثْوارِ أَقِطٍ» جمع ثورٍ وهي القِطعَة من الأقط.
          وقوله: «حتَّى يكون رأسُ الثَّورِ لأحَدِهم خيراً من مئة دِينارٍ» يحتَمِل أن يكون عِبارةً عن جُملةِ الثَّورِ لاحتياجِهم إليه للحِراثة والانتفاعِ به لفَناء الحَيوانِ وهَلاكِه، ويحتَمِل أن يريدَ الرَّأس نفسَه للأكلِ لشدَّة المَسغَبةِ التي هم فيها.
          300- قوله: «ولا يَحِلُّ لهُ أن يثوَى عندَه» [خ¦6135]؛ أي: يُقِيم، وهما لُغَتان ثَوى يَثوِي وثَوِي يثوَى، واختُلِف في الفُصحَى منهما، وبالفَتحِ هي في «العين» و«الأفعال» و«الجمهرة»، وبحَسبِ ذلك اختَلف ضبط شيُوخِنا، فمِنهُم من فتحَ ومنهم من كسرَ، أعني الماضي. /


[1] هذا من باب الثاء مع الياء فتنبه.