الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: شكا أهل الكوفة سعداً إلى عمر فعزله

          183- الحديث الأوَّل: عن جابر بن سَمُرَة السُّوائيِّ عنه _أخرجاه جميعاً مختصَراً في ذكر الصَّلاة منه، وأخرجه البخاريُّ وحدَه بطوله من حديث جابر بنِ سَمُرَة أيضاً_ قال: شكا أهل الكوفة سعداً إلى عمرَ _فعزلَه واستعمل عليهم عمَّاراً_ فشكَوا حتَّى ذكروا أنَّه لا يُحسِن يصلِّي، فأرسل إليه فقال: يا أبا إسحاقَ؛ إنَّ هؤلاء يزعمون أنَّك لا تحسِن تصلِّي، فقال: أمَّا أنا _والله_ فإنِّي كنت أصلِّي بهم صلاةَ رسول الله صلعم لا أَخرِم(1) عنها؛ أصلِّي صلاتَي العشيِّ فأركُدُ(2) في الأُولَيين وأُخِفُّ(3) في الأُخرَيين، قال: ذلك الظَّنُّ بك يا أبا إسحاقَ!
          فأرسل معه رجلاً _أو رجالاً_ إلى الكوفة يسأل عنه أهلَ الكوفة، فلم يدعْ مسجداً إلَّا سأل عنه ويُثنون معروفاً حتَّى دخل مسجداً لبني عبسٍ، فقام رجلٌ منهم _يقال له: أسامةُ بن قتادةَ، يكنَى أبا سَعْدَة_ فقال: أمَّا إذ نَشدتَنا فإنَّ سعداً كان لا يسير بالسَّريَّة، ولا يقسِم بالسَّويَّة، ولا يعدِل في القضيَّة.
          قال سعد: أمَا والله لأدعونَّ بثلاثٍ: اللَّهمَّ إن كان عبدُك هذا كاذباً قام رياءً وسُمعةً فأطِل عُمُرَه وأطِل فَقرَه وعرِّضه للفتن! فكان بعدَ ذلك إذا سُئِلَ يقول: شيخٌ كبيرٌ مفتونٌ، أصابتني دعوةُ سعد. /
          قال عبد الملك بنُ عُمير الرَّاوي عن جابر بن سَمُرَة: فأنا رأيتُه بعدُ قد سقط حاجباه على عينيه من الكِبَر، وإنَّه ليتعرَّض للجواري في الطُّرق فيَغمِزهنَّ(4). [خ¦755]
          وفي رواية شعبةَ عن أبي عَونٍ محمَّدِ بنِ عبيد الله الثَّقفيِّ من كلام سعد، قال: أمَّا أنا فأَمُدُّ في الأُولَيين وأحذِف في الأُخرَيين، ولا آلو ما اقتديتُ به من صلاة رسول الله صلعم، قال: صدقتَ، ذلك الظَّنُّ بك، أو ظنِّي بك!. [خ¦770]
          وأخرجه أبو بكرٍ البَرقانيُّ في «كتابه المخرَّج على الصَّحيحين» بطوله بنحو(5) ما أخرجه البخاريُّ، وفي آخره [قال عبد الملك بن عُمير: فأنا رأيتُه يتعرَّض للإماء في السِّكَك، فإذا قيل له: كيف أنت يا أبا سَعدَة؟ قال: كبيرٌ مفتونٌ أصابتني دعوةُ سعد.]


[1] لا أخرِم: لا أترك ولا أنقص.
[2] ركَد: إذا ثبت وسكن، وركَد الماء وقف.
[3] في هامش (ابن الصلاح): (في سع: بخط ابن ناصر: بخط الحميدي في مسودته: وأحذِفُ) وهي رواية شعبة الآتية.
[4] في (أبي شجاع): (يتغمزهن)، وما أثبتناه من (ابن الصلاح) موافق لنسخنا من روايتي البخاري ومسلم.
[5] نسبه في (ابن الصلاح) إلى (سع)، وفي هامشها: (ص: مثل).