التلويح إلى معرفة رجال الصحيح

سليمان بن مهران الأسدي

          563- (ع) سُلَيْمَانُ بن مِهْرَانَ الأَسَدِيُّ، الكاهليُّ، مولاهم، أحد الأعلام، أبو مُحمَّد الكوفيُّ، الأعمش.
          وكاهل هو ابن أسد بن خزيمة، يقال: إنه من طبرستان، ويقال: من قرية يقال لها: دُنْباوَنْد من رستاق الريٍّ.
          جاء به أبوه حميلًا / إلى الكوفة، فاشتراه رجل من بني أسد فأعتقه؛ كذا في «التهذيب» تبعا «للكمال» وابن طاهر، والصحيح كما تعقبه الدِّمْياطيُّ أن الحميل والده، والحميل الذي يولد بأرض العدو.
          وقد ذكر ذلك الترمذيُّ في أول «جامعه» في باب الاستتار عند الحاجة. قال الأعمش: كان أبي حميلًا فورثه مسروق.
          رأى أنسًا وأبا بكرة، وأخذ له بالركاب فقال: يا بني إنما أكرمت ربَّك.
          روى عن أبي وائل شقيق، وطلحة بن نافع(1)، وقيس بن أبي حازم وعكرمة وشمر بن عطيَّة، وأبا عمرو الشيبانيِّ وأبا صالح، ولم يثبت له سماع من أنس، كذا في «التهذيب» وحكاه عن جماعة.
          وأما ابن حِبَّان؛ فقال في «ثقات التابعين»: رأى أنسًا بمكة وواسط، وروى عنه شبيهًا بخمسين حديثًا ولم يسمع منه إلا أحرفًا معدودة، أخرجناه في هذه الطبقة؛ لأن له لُقيًا وحفظًا وإن لم يصحَّ له سماع المسند عن أنس بن مالك.
          وقال أبو نعيم الأصبهانيُّ: رأى أنسًا وسمع منه.
          وقال الخليليُّ في «إرشاده»: رآه وكلَّمه.
          وقال المدينيُّ في «عواليه»: رآه.
          وقيل: لم يسمع منه إلا ثلاثة أشياء ليست بأسانيد.
          وله عن أنس نسخة قريبة من ستين حديثًا، وعن ابن المدينيِّ: رأى أنسًا وهو يختضب.
          وقال البزار: سمع منه، وروينا في جزء الكديميِّ حدَّثنا عبيد الله بن موسى عن الأعمش قال: ما سمعت من أنس إلا حديثًا واحدً سمعته يقول: قال رسول الله صلعم «طلب العلم فريضة على كل مسلم».
          وقال الدوريُّ عن يحيى بن معين: قد رأى الأعمش أنسًا، وكذا قال أبو حاتم الرازيُّ.
          وروُيِّنا في «جزء طراد» عن أحمد العطارديِّ حدَّثنا ابن فضيل عن الأعمش: رأيت أنسًا بال وغسل ذكره غسلًا شديدًا، ومسح على خفَّيه وصلِّى بنا، وحدَّثنا في بيته.
          وفي «تاريخ» ابن عساكر عن ابن المدينيِّ قال: كنا عند يحيى بن سعيد فتذاكروا الأعمش وابن عون فقالوا: سليمان رأى غير واحد من الصحابة، فقال يحيى: ومن أين للأعمش سماع بن عون؟ سمع من فقهاء الأرض: الحسن ومُحمَّد والنخعيِّ والشَّعْبي.
          وما سلف من قوله: رأى أبا بكرة، وأخذ له بالركاب؛ عجيب فإن مولده مقتل الحسين؛ سنة إحدى وستين؛ ومات أبو بكرة سنة إحدى أو اثنتين وخمسين، فكيف يُتصوَّر وجوده في حياة أبي بكرة؟
          وذكر في «التهذيب» أنه يقال في روايته عن ابن أبي أوفى: مرسل، ونقل بعده عن أبي حاتم: لم يسمع منه ولا من عكرمة.
          قلت خالف أبو نُعيم فقال: رآه وسمع منه، وقال الخليليُّ: روى عنه حديثًا واحدًا.
          وفي «المدلسين» للكرابيسيِّ: لقي الأعمش أبا سفيان فكان بينهما شيء، فلم يكتب عنه، فلما فاته أبو سفيان تتبعها من الناس.
          وقال البزار في «مسنده»: لم يسمع منه شيئًا، وقد روى عنه نحوًا من مائة حديث، وإنما هي صحيفة عُرضت؛ وإنما يثبت من حديثه مال لا يحفظه من غيره لهذه العلة.
          وفي «تاريخ» أبي زرعة الدمشقيُّ: سمعت أبا نعيم يقول: لم يروِ الأعمش عن قيس بن أبي حازم شيئًا.
          وفي «تاريخ نيسابور» قال صالح بن مُحمَّد الأسديُّ: / لم يسمع الأعمش من عكرمة مولى ابن عبَّاس شيئًا.
          وذكر ابن خزيمة في كتابه «الصحيح» ونحوه في «المراسيل» لأبي مُحمَّد قال أحمد: لم يسمع الأعمش من شمر بن عطية. وقال: قال أبي لم يسمع من الأعمش ابن أبي صالح مولى أمِّ هانىء، قيل له: ابن أبي ظبية يحدِّث عن الأعمش عن أبي صالح مولى أمِّ هانىء، فقال: هذا يدلِّس عن الكعبي، وسمعت أبي يقول: لم يسمع الأعمش من عكرمة شيئًا.
          وفي «علل» عبد الله بن أحمد عن أبيه: الأعمش عن أبي صالح منقطع، وعن يحيى بن معين لم يسمع من أبي عمرو الشيبانيِّ شيئًا، وروى عن الأعمش وكيعٌ وخلقٌ.
          قال ابن المدينيِّ: له ألف وثلاثمائة حديث، عاش ثمانيًا وثمانين سنة.
          مات في ربيع الأول سنة ثمان أو سبع أو تسع وأربعين ومائة، حكاهنَّ الكَلَاباذِي بعد منصورٍ بستَّ عشرة سنة عن ثمان وثمانين سنة(2).
          ولد سنة ستين أو إحدى وستين، وسنة تسع غريبة حكاها أيضًا غير الكَلَاباذِي، وبخطِّ الدِّمْياطيِّ في «الكمال» أيضًا، وحكاه على حاشية اللالكائيِّ أيضاً.


[1] في الأصل: « ورأوا أبا وائل وأبا شقيق بن طلحة بن نافع» والمثبت من «تهذيب الكمال».
[2] زاد في الأصل: «ومئة».