تغليق التعليق

باب الباذق

          ░10▒ قولُهُ في باب الباذق.
          ورأى عمر وأبو عبيدة ومعاذ شُرْبَ الطَّلاءِ على الثُّلُثِ، وشرب أبو جحيفة والبراء على النِّصف. وقال ابن عبَّاس: اشرب العصير ما دام طريًّا، وقال عمر: وجدتُ من عبيد الله ريحَ شرابٍ، وأنا سائلٌ عنه، فإن كان يُسْكِرُ؛ جَلَدْتُهُ.
          أمَّا قول عمر؛ فقال مالك في «الموطَّأ» عن داود بن الحصين، عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، وعن سلمة بن عوف بن سلامة: أخبراه عن محمود بن لبيد الأنصاريِّ: أن عمر بن الخطاب حين قدم الشَّام شكا إليه أهل الشَّام وباء الأرض وثقلها، وقالوا: لا يُصلحنا إلَّا هذا الشَّراب؛ فقال عمر: اشربوا العسل، فقالوا: لا يُصلحنا العسل، فقال رجال(1) من أهل الأرض: هل لك أن نجعل لك من هذا الشَّراب شيئًا لا يُسْكِرُ؟ فقال: نعم، فطبخوه حتَّى ذهب منه الثُّلثان، وبقي الثُّلث، فأتوا به عمر، فأدخل عمر فيه إصبعه ثمَّ رفع يده، فتبعها يتمطَّط، فقال: هذا الطِّلاء مثل طلاء الإبل، فأمرهم عمر أن يشربوه.
          وقال سعيد بن منصور في «السُّنَنِ»: حدَّثنا إسماعيل بن إبراهيم: حدَّثنا سليمان التيميُّ عن أبي مِجْلَزِ، عن عامر بن عبد الله قال: كتب عمر إلى عمَّار: أمَّا بعد: فإنه جاءتني عيرٌ تحمل شرابًا أسود، كأنَّه طلاءُ الإبل، فذكروا أنَّهم(2) يطبخونه حتَّى يذهب ثُلثاه الأخبثان: ثلث بريحه، وثلث ببغيه، فَمُرْ مَنْ قِبَلَكَ أن يشربوه.
          قال: وحدَّثنا خالد بن عبد الله: حدَّثنا داود بن أبي هند عن سعيد بن المسيِّب: أن عمر أحلَّ من الشَّراب ما طُبخ، فذهب ثُلثاه، وبقي ثلثه.
          ورواه ابن أبي شيبة بمعناه عن عبد الرَّحيم بن سليمان، عن داود به.
          وقال سعيد بن منصور [فيه] أيضًا: حدَّثنا إسماعيل بن إبراهيم: حدَّثنا هشام بن حسَّان عن محمَّد بن سيرين، عن عبد الله بن يزيد الخطميِّ قال: كتب إلينا عمر: أن اطبخوا شرابكم حتَّى يذهب نصيب الشَّيطان منه، فإن للشَّيطان اثنين، ولكم واحدةٌ.
          قرأته عاليًا على إبراهيم بن أحمد، عن أحمد بن أبي طالب سماعًا: أنَّ عبد اللَّطيف بن محمَّد بن عليٍّ كتب إليهم: أخبرنا أبو زُرعة طاهر بن محمَّد: أخبرنا عبد الرَّحمن بن حَمْد: أخبرنا أحمد بن الحسن(3) : أخبرنا أبو بكر بن السُّنِّيِّ: أخبرنا أحمد بن شعيب: أخبرنا سويد: أخبرنا عبد الله عن هشام، عن ابن سيرين به(4) .
          هذا إسنادٌ صحيحٌ، وله طرقٌ كثيرةٌ عن عمر.
          وأمَّا رأي معاذ وأبي عبيدة؛ / فأُنبئتُ عمَّن سمع يوسف بن خليل الحافظ: أنَّ محمَّد بن أحمد بن نصر أخبره: أخبرنا الحسن بن أحمد: أخبرنا أحمد بن عبد الله: حدَّثنا حبيب بن الحسن: حدَّثنا أبو مسلم الكشيُّ: حدَّثنا عبد الرَّحمن بن حمَّاد الشُّعَيْثِيُّ: حدَّثنا سعيد عن قتادة، عن أنس: أنَّ أبا عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل _قال: وأظنُّ أبا طلحة معهم_ كانوا يشربون بالشَّام من الطِّلاء ما طُبخ على الثُّلثِ.
          رواه ابن أبي شيبة في «مصنَّفه» عن عليِّ بن مُسْهرٍ، عن سعيد به، ولم يشكَّ في أبي طلحة، وسنده صحيح.
          ورواه سعيد بن منصور عن إسماعيل بن إبراهيم، عن سعيد بن أبي عروبة به، وزاد: ما طُبخ على الثُّلث المثلث(5) إذا ذهب ثلثاه، وبقي ثلثه.
          وأمَّا رأي أبي جحيفة؛ فقال أبو بكر ابن أبي شيبة: حدَّثنا وكيع عن طلحة، عن حُصَيْن قال: رأيت أبا طلحة(6) يشرب الطِّلاء على النِّصف.
          وأمَّا رأي البراء؛ فقال أبو بكر ابن أبي شيبة: حدَّثنا محمَّد بن فضيل عن محمَّد ابن أبي عمرة، عن عديِّ بن ثابت، عن البراءِ: أنَّه كان يشرب الطِّلاءَ على النِّصف.
          وأمَّا قول ابن عبَّاس؛ فقرأت على إبراهيم بن أحمد بالسَّند المتقدِّم آنفًا إلى أحمد بن شعيب: أخبرنا سويد: أخبرنا عبد الله عن أبي يعفور السُّلميِّ، عن أبي ثابت الثَّعلبيِّ قال: كنت عند ابن عبَّاس، فجاءَهُ رجل، فسأله عن العصير، فقال: اشربه ما كان طريًّا، قال: إنِّي طبخت شرابًا، وفي نفسي منه قال: أكنت شاربه قبل أنْ تطبخه؟ قال: لا، قال: فإنَّ النَّار لا تُحِلُّ شيئًا قد حَرُمَ، هكذا أخرجه النَّسائيُّ.
          وأمَّا قصَّة عمر مع ابنه عبيد الله؛ فقال مالك في «الموطَّأ» عن ابن شهاب، عن السَّائب بن يزيد: أنَّه أخبره: أنَّ عمر بن الخطَّاب خرج عليهم فقال: إنِّي وجدت من فلان ريح شرابٍ، فزعم أنَّه شرب الطِّلاءَ، وإنِّي سائلٌ عمَّا شرب، فإن كان يُسكر؛ جلدته، فجلده عمر الحدَّ تامًّا، كذا رواه ولم يسمِّه.
          ورواه النَّسائيُّ عن الحارث بن مسكين، عن ابن القاسم، عن مالك(7) .
          ورواه سعيد بن منصور عن ابن عُيينة، عن الزُّهريِّ،: سمع السَّائب بن يزيد يقول: قال عمر على المنبر: ذُكر لي أنَّ عبيد الله بن عمر وأصحابه شربوا شرابًا، وأنا سائلٌ عنه، فإن كان يُسكر؛ حَدَدْتُهُمْ، قال سفيان: فأخبرني معمر عن الزُّهريِّ، عن السَّائب قال: فرأيت عمر يَحُدُّهُمْ.


[1] في المطبوع: (رجل).
[2] في المطبوع: (أنه).
[3] في المطبوع: (الحسين).
[4] (به): ليس في المطبوع.
[5] (المثلث): ليس في المطبوع.
[6] في المطبوع: (جحيفة).
[7] في المطبوع: (ملك).