-
المقدمة
-
باب معرفة الجرح والتعديل
-
باب في جواز الجرح وأنه ليس من باب الغيبة
-
باب ألفاظ الجرح والتعديل
-
باب وصف المخرج الذي يطرح حديثه وتمييزه
-
باب في وجوب التحرز في الأخذ عن العدل
-
باب ذكر أسانيد متفق على إطراحها
-
باب في ذكر أسانيد متفق على صحتها
-
باب نسب محمد بن إسماعيل البخاري
-
باب في وصف حاله وعلمه
-
باب في ذكر تأليفه للكتاب الجامع
-
باب معرفة الجرح والتعديل
-
حرف الألف
-
حرف الباء
-
حرف التاء
-
حرف الثاء
-
حرف الجيم
-
حرف الحاء
-
حرف الخاء
-
حرف الدال
-
حرف الذال
-
حرف الراء
-
حرف الزاي
-
حرف الطاء
-
حرف الظاء
-
حرف الكاف
-
حرف اللام
-
حرف الميم
-
حرف النون
-
حرف الصاد
-
حرف الضاد
-
حرف العين
-
حرف الغين
-
حرف الفاء
-
حرف السين
-
حرف الشين
-
حرف الهاء
-
حرف الواو
-
حرف اللام ألف
-
حرف الياء
-
باب الكنى
-
حرف الألف من الكنى
-
حرف الباء من الكنى
-
حرف السين من الكنى
-
باب أسماء النساء
(بابُ في جوازِ الجرحِ وأنه ليسَ من باب الغيبةِ المنهيِّ عنه وإنما هو من الدِّيْنِ)
قال يحيى بن سعيدٍ القطَّانُ: سألت مالكَ بن أنسٍ وسفيانَ الثَّوريَّ وشعبةَ وابنَ عُيينةَ عن الرَّجلِ لا يحفظُ أو يُتَّهَمُ في الحديث؟ وكلُّهم قال لي: بيِّن أمرَهُ بيِّن أمره مرتين، وعلى هذا إجماع المسلمين إلا من لا يُعْتَدُّ بقوله في هذا البابِ، وذلك أن الشَّاهدَ يشهد على الدِّينارِ ويَسِيْرِ المالِ فتعلم منه الجرْحَةَ، فلا يسع من علمَ ذلك إلا أن يَجْرَحَهُ بها ويزيلَ عن المشهود عليه ضررَ شهادته، فكيف الدِّيْنُ الذي هو عماد الدنيا والآخرة ينقلهُ من يعلم جرحته فلا يتبينُ أمرَهُ.
ومما يدلُّ على صحَّةِ هذا أنَّا قد وجدنا الجرحَ لنقلةِ الأخبارِ، والبحثِ عن / أحوالهم وطعنِ الأئمةِ عليهم في سائر أعصارِ المسلمين من أهلِ العلم والدِّين والورعِ، ولذلك رُوِيَ عن سعيدِ بن المُسَيِّبِ أنه قال: يا بُرْدُ لا تكذبْ عليَّ كما كذبَ عِكرمةُ على ابن عبَّاس.
ورُوِيَ عن مالكٍ وسفيان الثَّوريِّ وسفيانَ بنِ عُيينةَ وأيُّوبَ السَّختيانيِّ ويونسَ بن عبيدٍ وشعبةَ بن الحجَّاجِ مع علمِهم وورعهم وفضلِهم تجريحُ نقلةِ الأخبارِ وإظهارُ أحوالهم والتَّحفظُ في الأخذِ منهم والإخبار عنهم.
وقد قال أبو بكرٍ بن خلَّادٍ: قلت ليحيى بن سعيدٍ: أما تخشى أن يكونَ هؤلاء الذين تركت حديثَهم خُصماءَكَ عند الله يومَ القيامةِ؟ فقال: لأن يكونَ هؤلاء خُصمائي أحبُّ إلي من أن يكونَ خَصمي رسول الله صلعم يقولُ: لم حدَّثتَ عني حديثًا ترى أنه كذبٌ.
وقال عبد الرَّحمنِ بنُ مهديٍّ: حدَّثنا حمَّاد بن زيدٍ قال: كَلَّمْنَا شعبةُ أنا وعبَّادُ بن عَبَّادٍ وجريرُ بن حازمٍ في رجلٍ يريدُ أبانَ بن أبي عيَّاشٍ فقلنا: لو كففتَ عنه، فكأنهُ لانَ وأجابَنا، قالَ: فذهبتُ يومًا أريدُ الجامعَ فإذا شعبة يُنادي من خلفي، فقال: ذاكَ الذي قلتم لا أراهُ يَسعني، قال عفانُ: كنتُ عند إسماعيلَ بن عُلَيَّةَ فحدثَ رجلٌ عن رجل فقال: لا تُحدِّثْ عن هذا فإنه ليسَ بثبتٍ، فقال: اغْتَبْتَهُ، فقال: ما أغتابُهُ ولكنه حكمٌ عليه أنه ليسَ بثبتٍ.
وقالَ ابنُ مهديٍّ: مررتُ مع سفيانَ الثَّوريِّ برجلٍ فقال: كذابٌ واللهِ لولا أنه لا يحلَّ لي أن أسكتَ لَسَكَتُّ.
وقالَ أبو نُعَيْمٍ: حدَّثنا حمَّادُ بن زيدٍ عن ابن عونٍ قال: قال إبراهيمُ النَّخعيُّ: إياكمُ والمغيرةُ بن سعيدٍ وأبا عبد الرَّحمن فإنهما كذَّابان.
وإنما يجوزُ للمُجرِّحِ أن يذكرَ المُجرَّحَ بما فيهِ مما يردُّ حديثه لما في ذلكَ من الذَّبِ عن الحديثِ، وكذلك ذو البدعَةِ يُذكرُ ببدعتهِ لئلا يغترَّ به الناسُ حِفظًا للشريعة وذبًّا عنها، ولا يذكرُ غير ذلكَ من عيوبه لأنه من باب الغَيبةِ.
قال سفيانُ الثَّوريُّ في صاحبِ البِدعةِ: يُذكرُ ببدعتهِ ولا يُغتابُ بغير ذلك، يعني والله أعلم أن يُوردَ على وجه المسألة أو يُقال فيه ما ليس فيهِ، فأما أن يذكرَ ما فيه مما يثلمُ دينه على وجهِ التَّحذير منهُ فليس من باب الغيبةِ والله أعلم.