مختصر الجامع الصحيح للبخاري

حديث: إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم في بعض

          4003- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ... إِلَى آَخِرِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْبَدُ بْنُ هِلالٍ الْعَنَزِيُّ قَالَ: اجْتَمَعْنَا نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَذَهَبْنَا إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَذَهَبْنَا مَعَنَا بِثَابِتٍ البُنَانِي إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ لَنَا عَنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ، فَإِذَا هُوَ فِي قَصْرِهِ، فَوَافَقْنَاهُ يُصَلِّي الضُّحَى فَاسْتَأْذَنَّا، فَأَذِنَ لَنَا وَهوَ قَاعِدٌ عَلَى فِرَاشِهِ، فَقُلْنَا لِثَابِتٍ: لا تَسْأَلْهُ عَنْ شَيْءٍ أَوَّلَ مِنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ، فَقَالَ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، هَؤُلاءِ إِخْوَانُكَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، جَاؤوا يَسْأَلُونَكَ عَنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ صلعم قَالَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مَاجَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ، فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِإِبْرَاهِيمَ فَإِنَّهُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ، فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ، فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُوسَى فَإِنَّهُ كليْمُ اللَّهِ، فَيَأْتُونَ مُوسَى، فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِعِيسَى فَإِنَّهُ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ، فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُحَمَّدٍ(1)، فَيَأْتُونِي، فَأَقُولُ: أَنَا لَهَا، فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فَيُؤْذَنُ لِي، وَيُلْهِمُنِي بمَحَامِدَ أَحْمَدُ بِهَا لا تَحْضُرُنِي الآنَ، فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ، فأَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ(2) رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَى، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيُقَالُ: انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مِنْها مَن كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ شَعِيرَةٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ، ثُمَّ أَعُودُ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيُقَالُ: انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مِنْهَا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ أَوْ خَرْدَلَةٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ، ثُمَّ أَعُودُ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ / رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَى، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيَقُولُ: انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى أَدْنَى أَدْنَى مِثْقَالِ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَأَخْرِجْهُ مِنَ النَّارِ(3) ، فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ» فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ أَنَسٍ، قُلْتُ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا: لَوْ مَرَرْنَا بِالْحَسَنِ، وَهوَ مُتَوَارٍ فِي مَنْزِلِ أَبِي خَلِيفَةَ(4) ، فَحَدَّثَنَا بِمَا حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، فَأَتَيْنَاهُ فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَأَذِنَ لَنَا، فَقُلْنَا لَهُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، جِئْنَاكَ مِنْ عِنْدِ أَخِيكَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، فَلَمْ نَرَ مِثْلَ مَا حَدَّثَنَا فِي الشَّفَاعَةِ، فَقَالَ: هِيهِ، فَحَدَّثْنَاهُ بِالْحَدِيثِ، فَانْتَهَى إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ، فَقَالَ: هِيهِ، فَقُلْنَا: لَمْ يَزِدْ لَنَا عَلَى هَذَا، فَقَالَ: لَقَدْ حَدَّثَنِي، وَهوَ جَمِيعٌ، مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً، فَلا أَدْرِي أَنَسِيَ أَمْ كَرِهَ أَنْ تَتَّكِلُوا، فقُلْنَا يَا أَبَا سَعِيدٍ فَحَدِّثْنَا: فَضَحِكَ، وَقَالَ: خُلِقَ الإِنْسَانُ عَجُولًا، مَا ذَكَرْتُهُ إِلَّا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُحَدِّثَكُمْ، حَدَّثَنِي كَمَا حَدَّثَكُمْ بِهِ، ثمَّ قَالَ: «ثُمَّ أَعُودُ الرَّابِعَةَ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ المحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ ائْذَنْ لِي فِيمَنْ قَالَ: لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَيَقُولُ: وَعِزَّتِي وَجَلالِي وَكِبْرِيَائِي وَعَظَمَتِي لأُخْرِجَنَّ مِنْهَا مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ». (5) [خ¦7510]


[1] في هامش الأصل: فائدة: قال عليه السلام: «لما كنت في القرب من الله تعالى فوجدت حلاوته وطيبته وكرامته، اضمحل عني كل هول كان قبل ذلك، وامتلأت فرحًا وطربًا حتى جعلت أنتفض وأميل كما يميل القنديل يمينًا وشمالًا، وظننت أن من في السموات والأرض ماتوا لأني لم أسمع هناك شيئًا من أصوات الملائكة، ولم أر عند رؤيتي عز وجل أحدًا من خلقه، فتركني إلهي ما شاء، ثم رد إلي ذهني فكأني كنت مسبوتًا، فثاب إلي عقلي وما عرفت مكاني وما أنا فيه من الكرامة الباقية، فكلمني ربي سبحانه وبحمده» فتقرب بالجاه لا بالمكان كما يقال: فلان قريب من فلان؛ أي: بالجاه. شريف.
[2] في هامش الأصل: سئل الشيخ جلال الدين من بعض تلامذة للشيخ ... لما قرئ في ختم البخاري حديث الشفاعة وسجود النبي صلى الله عليه وسلم قال: هذا السائل هذا السجود ما حكمه في الوضوء. فقال للشيخ البلقيني فتح الله علي في الحال بتقرير عظيم وهو أني قلت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم باق على غسله الذي غسل في الدنيا؛ لأن الموت في شرعه... سبب موجب للغسل ولا شك في موته صلى الله عليه وسلم، لقوله تعالى: {إنك ميت وإنهم ميتون} [الزمر:30] فغسل على حكم شرعه في الدنيا، وإن كان طاهرًا مطهرًا صلى الله عليه وسلم، ثم هذا الغسل لا يتطرق له ناقض، فقام إلى الحشر وهو بذلك الغسل وهو حي في قبره الشريف صلى الله عليه وسلم، وكذلك الأنبياء صلى الله عليهم وسلم.
[3] زاد في الأصل سهوًا: « من النار من النار»، وفي هامشه: هذا الحديث ذكرناه لما فيه من الزيادة.
[4] في هامش الأصل: فائدة: قال عبد الله بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لما أسري بي إلى السموات رأيت عجائب من عباد الله، ومن ذلك أني رأيت في سماء الدنيا ديكًا يقال له: زغب أخضر، وله ريش أخضر مبيض، وبياض ريشه كأشد بياض رأيته قط، وزغبه في تخوم الأرض السابعة السفلى تحت ريشه كأشد خضرة رأيتها قط، وإذا رجلاه في تخوم الأرض السابعة السفلى، وإذا رأسه عند عرش الرحمن ثان عنقه تحت العرش، له جناحان في منكبيه إذا نشرهما جاوز المشرق والمغرب، فإذا كان بعض الليل نشر جناحيه وخفق بهما وصرخ بالتسبيح لله، ورأيت آخر أعجب من العجب وإذا ملك نصف جسده مما يلي رأسه نار، والنصف الآخر ثلج وما بينهما رتق فلا النار يذيب الثلج، ولا الثلج يطفئ النار وهو قائم يقول: سبحان ربي الأعلى»، قال عليه السلام: رأيت تمايل الملك الكبير في رأسه تاج من اللؤلؤ والياقوت تضيء منها الدنيا حتى بلغت درجة وقعت في الهواء ورعدت فرائصي، فقلت: يا جبريل ضمني إليك فاستقبلني هشماليل ورأسه في ظل العرش وقدماه في السجين وهي الصخرة التي فوقها الأرضون تحتها اسم كل كافر، وهو قابض على السلسلة التي من ذهب وهو في عنق السمكة التي الأرضون عليها، وهي سمكة في عنقها السلسة وهي بيد الملك وهو قائم عند ساق العرش.
[5] في هامش الأصل: هذا الحديث ذكرناه لما فيه من الزيادة.