الجمع بين الصحيحين لابن الخراط

حديث: لما تزوج رسول الله زينب بنت جحش دعا القوم فطعموا

          1785- مسلمٌ: عَنْ أنسٍ أيضًا [قال](1) : لمَّا تزوَّجَ رسولُ اللهِ صلعم زينبَ بنتَ جحْشٍ دعا القومَ، فطَعِمُوا، ثُمَّ جلسوا يتحدَّثونَ، قالَ: فأخذ كأنَّهُ يتهيَّأُ للقيامِ فلم يقوموا، فلمَّا رأى ذلكَ قام، فلمَّا قامَ، قامَ مَن قامَ مِنَ القومِ، وقعدَ ثلاثةٌ، وإنَّ النَّبيَّ صلعم جاءَ ليدخلَ، فإذَا القومُ جلوسٌ، ثُمَّ إنَّهم قاموا فانطلقوا، قالَ: [فجئتُ فأخبرتُ النَّبيَّ صلعم أنَّهم قد انطلقوا](2) ، قالَ: فجاءَ حَتَّى دخلَ، قالَ: فذهبتُ لأدخلَ فألقى الحجابَ بيني وبينهُ، قالَ: وأنزلَ(3) الله ╡: {يَا أَيُّهَا الذينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} إلى قوله: {إِنَّ ذَلِكُمْ كان عِنْدَ اللهِ عَظِيمًا} [الأحزاب:53] . [خ¦6271]
          وعَنْهُ قالَ: أنا / أعلمُ النَّاسِ بالحجابِ لقدْ كانَ أُبيُّ بنُ كعبٍ يسألُني عَنْهُ، قالَ أنسٌ: أصبحَ رسولُ اللهِ صلعم عروسًا بزينبَ بنتِ جحشٍ، قالَ: وكانَ تزوَّجَها بالمدينةِ، فدعا النَّاسَ لطعامٍ(4) بعدَ ارتفاعِ النَّهارِ، فجلسَ رسولُ اللهِ صلعم وجلسَ معهُ رجالٌ بعدما قامَ القومُ حَتَّى قامَ رسولُ اللهِ صلعم، فمشى، فمشيتُ معهُ حَتَّى بلغَ بابَ حجرةِ عائشةَ، ثُمَّ ظنَّ أنَّهم قد خرجوا فرجعَ ورجعْتُ معهُ، فإذَا همْ جلوسٌ مكانَهمُ، فرجعَ ورجعْتُ(5) الثَّانيةَ حَتَّى بلغَ حجرةَ عائشةَ، فرجعَ ورجعْتُ(6) فإذَا هم قد قاموا، فضربَ بيني وبينهُ السِّترَ(7) ، وأنزلَ الله آيةَ الحجابِ. [خ¦5466]
          وعَنِ الجَعدِ بنِ أبي عثمانَ، عَنْ أنسِ بنِ مالكٍ قالَ: تزوَّجَ رسولُ اللهِ صلعم فدخلَ بأهلهِ، قالَ: فصنعتْ أمِّي أُمُّ سليمٍ حَيسًا فجعلتُهُ في تَورٍ، فقالتْ: يا أنسُ؛ اذهبْ بهذا إلى رسولِ اللهِ صلعم، فقلْ: بعثتْ بهذا إليكَ أمِّي(8) ، وهيَ تقرئكَ السَّلامَ وتقولُ: إنَّ هذا لكَ منَّا قليلٌ يا رسولَ الله، قالَ: فذهبتُ بها إلى رسولِ اللهِ صلعم فقلتُ: إنَّ أمِّي تقرئكَ السَّلامَ وتقولُ(9) : إنَّ هذا لكَ منَّا قليلٌ (10) ، فقالَ: «ضعهُ»، ثُمَّ قالَ: «اذهبْ فادعُ لي فلانًا وفلانًا وفلانًا ومَنْ لقيتَ» وسمَّى رِجالًا، قالَ: فدعوتُ مَن سمَّى ومَن لقيتُ، قالَ: فقلتُ لأنسٍ: عدَدَ كم كانوا؟ قالَ: [كانوا] (11) زُهاءَ ثلاثِ مئةٍ.
          وقالَ لي رسولُ اللهِ صلعم: «يا أنسُ؛ هاتِ التَّورَ» قالَ: فدخلوا حَتَّى امتلأتِ الصُّفَّةُ والحجرةُ، فقالَ رسولُ اللهِ صلعم: «ليتحلَّقْ عَشَرةٌ عَشَرةٌ، وليأكلْ كلُّ إنسانٍ ممَّا يليه»، قالَ: فأكلوا حَتَّى شبعوا، قالَ: فخرجتْ طائفةٌ ودخلَتْ طائفةٌ حَتَّى أكلوا كُلُّهم، فقالَ لي: «يا أنسُ؛ ارفعْ» قالَ: فرفعتُ، فما أدري حينَ وضعتُ كان أكثرَ أمْ حينَ رفعتُ، قالَ: وجلسَ طوائفُ منهم يتحدَّثونَ في بيتِ رسولِ اللهِ صلعم، ورسولُ الله صلعم جالسٌ وزوجتهُ مولِّيةٌ وجهَهَا إلى الحائطِ، فثَقَلوا على رسولِ اللهِ صلعم، فخرجَ رسولُ اللهِ صلعم فسلَّمَ على نسائهِ، ثُمَّ رجعَ، فلمَّا رأوا رسولَ اللهِ صلعم / قد رجعَ ظنُّوا أنَّهم قد ثَقلوا عليهِ، قالَ: فابتدروا البابَ، فخرجوا كُلُّهم، وجاءَ رسولُ اللهِ صلعم حَتَّى أرخى السِّترَ ودخلَ وأنا جالسٌ في الحجرةِ، فلم يلبثْ إلَّا يسيرًا حَتَّى خرجَ عليَّ وأُنزلتْ هذهِ الآية، فخرجَ رسولُ اللهِ صلعم وقرأهنَّ على النَّاسِ: [{يَا أَيُّهَا الذينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كان يُؤْذِي النَّبيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ} في (ت) و(ح) و(ش): (إلى آخر الآية). '>(12) } [الأحزاب:53] .
          قالَ الجَعدُ: قالَ أنسُ بنُ مالكٍ: أنا أحدَثُ النَّاسِ عهدًا (13) بهذهِ الآياتِ، وحُجِبْنَ نساءُ النَّبيِّ (14) صلعم.
          وعَنْ أنسٍ أيضًا قالَ: لمَّا تزوَّجَ النَّبيُّ صلعم (15) أهدتْ لهُ أُمُّ سليمٍ حَيسًا في تَورٍ مِن حجارةٍ، فقالَ أنسٌ: قالَ النَّبيُّ صلعم: «اذهبْ فادعُ لي مَن لقيتَ من المسلمينَ» فدعوتُ لهُ من لقيتُ، فجعلوا يدخلونَ عليهِ فيأكلونَ ويخرجونَ.
          ووضعَ النَّبيُّ صلعم يدهُ على الطَّعامِ فدعا فيهِ وقالَ فيه (16) مَا شاءَ الله تعالى أنْ يقولَ، ولم أدعْ أحدًا لقيتهُ إلَّا دعوتهُ، فأكلوا حَتَّى شبعوا وخرجوا، وبقيَت (17) طائفةٌ منهم فأطالوا عليهِ الحديثَ، قالَ (18) : فجعلَ النَّبيُّ صلعم يستحيي منهم أنْ يقولُ لهم شيئًا، فخرجَ وتركهم في البيتِ، فأنزلَ الله ╡: {يَا أَيُّهَا الذينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} قالَ قتادةُ: غيرَ متحيِّنينَ طعامًا {وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا} حَتَّى بلغَ: {ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب:53] .
          ذكرهُ البُخاريُّ (19) في بابِ الهديِّةِ للعروسِ (20) [خ¦5163] ، قالَ: ثُمَّ جعلَ يدعو عشرةً عشرةً يأكلونَ منهُ ويقولُ لهم: «اذكروا اسمَ اللهِ»، وقالَ فيهِ: فدخلَ البيتَ وأرخى السِّترَ وإنِّي لفي الحُجرةِ وهوَ يقولُ] (21) : {يَا أَيُّهَا الذينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} الآية، وقالَ في أوَّلِ الحديثِ: كان النَّبيُّ صلعم إذَا مرَّ بجَنَبَاتِ أُمِّ سُلَيمٍ دخلَ عليها فسلَّمَ عليها.
          وذكرَهُ أيضًا في تفسيرِ سورةِ الأحزابِ / [خ¦4793] ، وقالَ فيهِ: فدعوتُ حَتَّى مَا أجدُ أحدًا أدعوه (22) ، فقلتُ: يا نبيَّ الله مَا أجدُ أحدًا أدعوه، قالَ: «ارفعوا طعامكم» وبقيَ ثلاثةُ رهطٍ... الحديثَ، وقالَ فيهِ: وكانَ النَّبيُّ صلعم شديدَ الحياءِ (23) ،
          وذكرَ في كتابِ التَّوحيدِ، في بابِ: {وكانَ عرشهُ على الماءِ} [هود:8] [خ¦7420] عَنْ ثابتٍ، عَنْ أنسٍ قالَ: جاءَ زيدُ بنُ حارثةَ يشكو، فجعلَ النَّبيُّ (24) صلعم يقولُ: «اتَّقِ اللهَ، وأمسكْ عليكَ زوجَكَ» [قالَ] (25) : قالَ أنسٌ: لو كانَ رسولُ اللهِ صلعم كاتمًا شيئًا لكتمَ هذهِ [الآية] (26) ، قالَ: وكانتْ تفخرُ على أزواجِ النَّبيِّ صلعم تقول: زوَّجَكُنَّ أهاليكنَّ وزوَّجَني اللهُ منْ فوقِ سبعِ سماواتٍ. [خ¦7420]


[1] سقط من (ي).
[2] سقط من (ي).
[3] في غير (ق) و(ي): (فأنزل).
[4] في غير (ق) و(ي): (للطعام).
[5] في (ت) و(ح) و(ش): (فرجعت).
[6] في (ت) و(ح) و(ش): (فرجعت).
[7] في (أ) و(ج) و(ق) و(ك): (بالستر).
[8] في (ت) و(ج) و(ح) و(ش): (أمي إليك).
[9] زيد في (ت) و(ح) و(ش): (لك).
[10] زيد في (أ) و(ك) والمطبوع: (يا رسول الله).
[11] سقط من (ت) و(ح) و(ش).
[12] بدل من {فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ} في (ت) و(ح) و(ش): (إلى آخر الآية).
[13] (عهدًا): سقط من (ت) و(ح) و(ش).
[14] في (ق): (رسول الله).
[15] زيد في (ج) و(ك): (زينب).
[16] سقط من (أ) و(ق).
[17] في (ت) و(ح) و(ش): (وبقي).
[18] (قال): سقط من المطبوع.
[19] زيد في (أ) و(ك): (وقالَ بعدَ ذكرِ الآيةِ: فضربَ الحجابَ وقامَ القومُ، وذكرَهُ)، ثم زيد في (أ) و(ج) و(ك): (في الأدبِ وقالَ: فخرجَ وخرجتْ معهُ كي يخرجوا، وذكرَهُ).
[20] زيد في (أ) و(ك): (وقالَ: فعمدتْ إلى تمرٍ وأقطٍ وسمنٍ فاتخذتْ حيسةً في برمةٍ). هذه الزيادة والهامش الذي قبلها في المطبوع.
[21] سقط من (ي).
[22] في غير (ج) و(ق) و(ي): (أدعو).
[23] زيد في (أ) و(ك): (وقالَ أيضًا: حتى إذا وضعَ رجلَهُ في أسكفةِ البابِ داخلةً وأخرى خارجةً أرخى السِّترَ، الحديثَ). هذه الزيادة في المطبوع.
[24] في (ي): (رسول الله).
[25] سقط من (أ) و(ق) و(ي).
[26] سقط من (ق) و(ي)، وضرب عليها في (أ).