الجمع بين الصحيحين لابن الخراط

حديث: كنت رديف أبي طلحة يوم خيبر وقدمي تمس قدم رسول الله

          1782- وعَنْ ثابتٍ، عَنْ أنسٍ قالَ: كنتُ رديفَ أبي طلحةَ يومَ خيبرَ وقدَمي تَمَسُّ قدمَ رسولِ اللهِ صلعم قالَ: فأتيناهُمْ حينَ بزغتِ الشَّمسُ، وقدْ أخرجوا مواشيَهم وخرجوا بفؤوسِهم ومَكاتِلِهِم ومُرورِهم، فقالوا: محمدٌ والخميسُ، قالَ: فقالَ(1) رسولُ اللهِ صلعم: / «خرِبَتْ خيبرُ، إنَّا إذَا نزلْنا بساحةِ قومٍ؛ {فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِيْنَ} [الصافات:177] » قالَ: وهزمَهُمُ اللهِ تعالى، ووقعَ(2) في سهمِ دحْيةَ جاريةٌ جميلةٌ(3) ، فاشتراها رسولُ اللهِ صلعم بسبعةِ أرْؤُسٍ، ثُمَّ دفعَها إلى أُمِّ سُليمٍ تُصَنِّعُها وتُهيِّئُها لهُ، قالَ: وأحسبُهُ قالَ: وتعتَدُّ في بيتِها وهيَ صفيَّةُ بنتُ حُيَيٍّ، قالَ: فجعلَ رسولُ اللهِ صلعم وليمتَها التَّمرَ والأقِطَ والسَّمْنَ، [قال](4) : فُحِصَتِ(5) الأرضُ أفاحِيصَ، وجيءَ بالأنطاعِ فوُضِعَت فيها، وجيءَ بالأَقِطِ والسَّمْنِ، وشبعَ(6) النَّاسُ، قالَ: فقالَ النَّاسُ: لا ندري أتزوَّجَها أمِ اتَّخذَها أُمَّ ولدٍ، قالوا: إنْ حجبَها؛ فهيَ امرأتُهُ، وإنْ لمْ يحجبْها؛ فهيَ أمُّ ولدٍ، فلمَّا أرادَ أنْ يَرْكَبَ(7) حجبَها، فقعدتْ على عجُزِ البَعيرِ فعرفوا أنَّهُ قدْ تزوَّجَها، فلمَّا دَنَوا(8) منَ المدينةِ دفعَ رسولُ اللهِ صلعم ودفعْنا، قالَ: فعثرتِ النَّاقةُ العَضْباءُ، [قال](9) : ونَدَرَ رسولُ اللهِ صلعم ونَدَرَتْ، فقامَ فسَتَرَها، وقدْ أشرفتِ النِّساءُ، يقُلنَ (10) : أبعدَ اللهُ اليهوديَّةَ.
          قالَ: قلتُ: يا أبا حمزةَ؛ أوَقَعَ رسولُ اللهِ صلعم؟ قالَ: إيْ واللهِ لقدْ وقعَ.
          قالَ أنسٌ: وشهِدتُ وليمةَ زينبَ، فأشبعَ النَّاسَ خُبزًا ولَحمًا وكانَ يبعثُني فأدعو النَّاسَ، فلمَّا فرغَ قامَ وتبعتُهُ، فتخلَّفَ رجلانِ استأنسَ بهما الحديثُ لمْ يخرجا، فجعلَ يمرُّ على نسائهِ فيسلِّمُ على كُلِّ واحدةٍ منهنَّ: «سلامٌ عليكم، كيفَ أنتم يا أهلَ البيتِ؟» فيقولونَ: بخيرٍ، يا رسولَ اللهِ؛ كيفَ وجدتَ أهلَكَ؟ فيقولُ: «بخيرٍ» فلمَّا فرغَ؛ رجعَ ورجعتُ معهُ، فلمَّا بلغَ البابَ؛ إذَا هوَ بالرَّجلينِ قد استأنسَ بهما الحديثُ، فلمَّا رأياهُ قد رجعَ قاما فخرجا، فواللهِ مَا أدري أنا أخبرتُهُ أم أُنزِلَ عليهِ الوحيُ بأنَّهما قد خرجا فرجعَ ورجعتُ معهُ، فلمَّا وضعَ رجلهُ في أسكُفَّةِ البابِ؛ أرخى الحجابَ بيني وبينهُ، وأنزلَ اللهُ ╡ هذهِ الآية: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ} الآية [الأحزاب:53] .
          وعَنْ أنسٍ أيضًا قالَ: صارت صفيَّةُ لدِحْيةَ في مَقسَمِهِ، فجعلوا (11) يمدحونها عِنْدَ رسولِ اللهِ صلعم، قالَ: ويقولونَ: مَا رأينا في السَّبْيِ مثلَها، قالَ: فبعثَ إلى دِحيةَ فأعطاهُ بها مَا أرادَ، ثُمَّ دفعَها إلى أمِّي فقالَ: «أصلحيها» قالَ: ثُمَّ خرجَ رسولُ اللهِ صلعم / من خيبرَ حَتَّى إذَا جعلها في ظهرهِ، نزلَ ثُمَّ ضربَ عليها القبَّةَ، فلمَّا أصبحَ قالَ رسولُ اللهِ صلعم: «منْ كانَ عِنْدَهُ فضلُ زادٍ فليأتنا بِهِ»، قالَ: فجعلَ الرَّجُلُ يجيءُ بفضلِ التَّمرِ، وفضلِ السَّويقِ، حَتَّى جعلوا منْ ذلكَ سوادًا حَيْسًا، فجعلوا يأكلونَ مِنْ ذلكَ الحَيسِ، ويشربونَ منْ حِياضٍ إلى جنبهم مِن ماءِ السَّماءِ، قالَ أنسٌ: فكانتْ تلكَ (12) وليمةَ (13) رسولِ اللهِ صلعم عليها، قالَ: فانطلقنا حَتَّى إذَا رأينا جُدُورَ (14) المدينةِ هشنا (15) إليها فرفعْنا مَطِيَّنا، ورفعَ رسولُ اللهِ صلعم مَطِيَّتهُ، قالَ: وصفيَّةُ خلفهُ قد أردفها (16) ، قالَ: فعثرتْ مطيَّةُ رسولِ اللهِ صلعم فصُرِعَ وصُرِعَتْ، قالَ: فليسَ أحدٌ من النَّاسِ ينظرُ إليهِ ولا إليها حَتَّى قامَ رسولُ اللهِ صلعم فسترها، قالَ: فأتيناهُ فقالَ: «لمَ نُضَرَّ» قالَ: فدخلنا المدينةَ، فخرجْنَ (17) جواري نسائهِ يتراءيْنَها ويشمتْنَ بصرْعَتِها.
          خرَّجهُ البُخاريُّ في بابِ مَا يقولُ إذَا رجعَ من الغزو من آخر كتاب الجهاد [خ¦3085] ، عَنْ أنسٍ أيضًا قالَ: كُنَّا مع النَّبيِّ صلعم مَقْفَلَهُ من عُسفَانَ ورسولُ الله صلعم على راحلتِهِ، وقدْ أردفَ صفيَّةَ بنتَ حُيَيٍّ، فعثرتْ ناقتُهُ، فصُرِعا جميعًا، فاقتحمَ أبو طلحةَ وقالَ: يا رسولَ اللهِ؛ جعلني اللهُ فداكَ، قَالَ «عَلَيْكَ الْمَرْأَةَ»، فَقَلَبَ ثَوْبًا عَلَى وَجْهِهِ وَأَتَاهَا، فَأَلْقَاهَ عَلَيْهَا وَأَصْلَحَ لَهُمَا مَرْكَبَهُمَا [فَرَكِبَا] (18) ، وَاكْتَنَفْنَا رَسُولَ اللهِ صلعم، فَلَمَّا أَشْرَفْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ قَالَ: «آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ»، فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذَلِكَ حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ.
          وخرَّجَهُ في البابِ أيضًا [خ¦3085]، وقالَ فيهِ: يا نبيَّ اللهِ؛ جعلنِي الله فداءكَ هل أصابكَ من شيءٍ؟ قالَ: «لا، ولكنْ عليكَ المرأةَ... » الحديثَ (19) .
          وخرَّجَهُ في آخرَ كتابِ اللِّباسِ في إردافِ المرأةِ خلفَ الرَّجُلِ ذي محرمٍ [خ¦5968]، قالَ: أقبلْنا معَ رسولِ اللهِ صلعم مِنْ خيبرَ وإنِّي لرديفُ أبي طلحةَ وهوَ يسيرُ، وبعضُ نساءِ رسولِ اللهِ صلعم رديفُ رسولِ اللهِ صلعم؛ إذ عثرتِ النَّاقةُ، فقلتُ: المرأةَ، فنزلتُ، فقالَ رسولُ اللهِ صلعم: «إنَّها أمُّكم» فشددتُ الرَّحْلَ وركبَ / رسولُ اللهِ صلعم.
          وذكرَهُ في غزوةِ خيبرَ [خ¦4211] ، وفي (20) بابٍ هلْ يسافَرُ بالمرأةِ (21) قبلَ أنْ يستبرِئَها؟ [خ¦2235] مِن كتابِ البيوعِ قالَ فيهِ: قدمْنا خيبرَ، فلمَّا فتحَ اللهُ عليهِ الحصنَ ذُكِرَ لهُ جمالُ صفيَّةَ بنتِ حيَيِّ بنِ أخطبَ، وقدْ قُتِلَ زوجُها، وكانتْ عروسًا، فاصطفاها النَّبيُّ (22) صلعم لنفسهِ، فخرجَ بها حَتَّى (23) بلغنا سدَّ الصَّهباءِ حلَّتْ، فبنى بها رسولُ اللهِ صلعم ثُمَّ صنعَ حيسًا في نِطَعٍ صغيرٍ ثُمَّ قالَ: «آذِنْ من حولكَ» فكانت تلكَ وليمتَهُ على صفيَّةَ، ثُمَّ خرجْنا إلى المدينةِ، قالَ: فرأيتُ النَّبيَّ صلعم يحوِّي لها وراءه بعباءةٍ ثُمَّ يجلسُ عِنْدَ بعيرهِ فيضعُ ركبتهُ فتضعُ صفيَّةُ رِجلَها على ركبتهِ حَتَّى تركبَ.
          هذا لفظُ حديثِ غزوةِ خيبرَ، والآخرُ مثلَهُ.
          وفي بعضِ طرقِهِ: أقامَ رسولُ اللهِ صلعم بينَ خيبرَ والمدينةِ ثلاثَ ليالٍ يُبنَى عليهِ بصفيَّةَ بنتِ حُيَيٍّ، فدعوتُ المسلمينَ إلى وليمتِهِ، فما كانَ فيها منْ خُبزٍ ولا لَحمٍ أمرَ بلالًا بالأنطاعِ، وذكرَ الحديثَ، خرَّجَهُ في غزوةِ خيبرَ أيضًا [خ¦4213]، وما ذكرَهُ منْ قولِهِ ◙: «آيبونَ...» إلى آخرِهِ تقدَّمَ لمسلمٍ في كتابِ «الحَجِّ».


[1] في (ت) و(ح) و(ش): (وقال).
[2] في المطبوع: (ووقعت).
[3] في (ي): (جاريةً جميلةً).
[4] زيادة من (ق) و(ي).
[5] في (أ) و(ج) و(ك): (ففحصت).
[6] في غير (ق) و(ي): (فشبع).
[7] في (ي): (يركبها).
[8] في (أ) و(ق) و(ك): (دنونا).
[9] زيادة من (ج) و(ق) و(ي).
[10] في (ت) و(ح) و(ش): (فقلن)، وفي (ج): رسمت بالياء والفاء وكتب فوقها: معًا.
[11] في غير (ق) و(ي): (وجعلوا).
[12] زيد في (ي): (الليلة).
[13] في (ي): (وليمةُ).
[14] في غير (ق) و(ي): (جُدُر).
[15] في (ش) والمطبوع: (هششنا).
[16] زيد في المطبوع: (رسول الله صلعم).
[17] في غير (أ) و(ق) و(ي): (فخرج).
[18] سقط من (ق) و(ي).
[19] زيد في (أ) و(ك): (وقال في موضعٍ آخرَ: فلمّا ارتحلَ وطأَ لها خلفَهُ ومدَّ الحجابَ بينهما وبينَ النَّاسِ). هذه الزيادة في المطبوع.
[20] في (ج) و(ق) و(ي): (في).
[21] في المطبوع: (بالجارية).
[22] في (ي): (رسول الله).
[23] زيد في (ي): (إذا).