الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: يجمع الله تبارك وتعالى الناس

          422- الرَّابع عشر: في الشَّفاعة: عن رِبعِيٍّ عن حذيفةَ، وعن أبي حازمٍ عن أبي هريرةَ قالا: قال رسول الله صلعم: «يجمَع الله تبارَك وتعالى النَّاسَ، فيقومُ المؤمنون حتَّى تُزلَفَ لهمُ الجنَّةُ(1)، فيأتون آدمَ فيقولون: يا أبانا؛ استَفتِحْ لنا الجنَّةَ، فيقول: وهل أَخرجَكم من الجنَّةِ إلَّا خطيئةُ أبيكم! لستُ بصاحبِ ذلك، اذهَبوا إلى ابني إبراهيمَ خليلِ الله، قال: فيقول إبراهيمُ: لستُ بصاحبِ ذلك، إنَّما كنتُ خليلاً مِن وراءَ وراءَ، اعمِدوا إلى موسى الَّذي كلَّمه الله تكليماً، فيأتون موسى صلعم، فيقول: لستُ بصاحبِ ذلك، اذهَبوا إلى عيسى كلمةِ الله ورُوحِه، فيقول عيسى صلعم: لستُ بصاحبِ ذلك.
          فيأتون محمداً صلعم، فيقومُ، فيؤذَنُ له، وتُرسَلُ الأمانةُ والرَّحِمُ، فتقومانِ جَنَـبَتَي الصِّراطِ يميناً وشمالاً، فيمُرُّ أوَّلُكم كالبرق.
          قال: قلت: بأبي أنت وأمِّي، أيُّ شيءٍ كمَرِّ البرقِ؟ قال: ألم تَرَوا إلى البرق كيف يمُرُّ ويرجِعُ في طَرْفة عينٍ؟ ثمَّ كمَرِّ الريحِ، ثمَّ كمَرِّ الطيرِ وشدِّ الرجالِ، تجري بهم أعمالُهم، ونبيُّكم قائمٌ على / الصراطِ يقول: ربِّ سلِّم سلِّم حتَّى تعجِزَ أعمالُ العباد، حتَّى يجيءَ الرَّجلُ فلا يستطيعُ السَّيرَ إلَّا زَحفاً(2)، قال: وفي حافَتَي الصِّراطِ كلاليبُ معلَّقةٌ مأمورةٌ، تأخُذ مَن أُمِرَت به، فَمَخْدوشٌ ناجٍ(3)، ومَكْدُوسٌ في النَّار»(4).
          والَّذي نفسُ أبي هريرةَ بيده؛ إنَّ قَعْرَ جهنَّمَ لَسبْعِينَ(5) خريفاً.


[1] حتى تُزلَف لهم الجنةُ: أي: تُقرَّب.
[2] الزَّحْفُ: التقدم، وهو في حديث حذيفةَ بمعنى العجزِ عن المشيِ، فهو يزحفُ من قعود كفعل الصبي قبل أن يَقوى على المشي.(ابن الصلاح) نحوه.
[3] مَخْدُوش: من الخدش، ناجٍ: أي: على ما به منَ الأثر.
[4] هكذا في أصولنا، وفي «تفسير غريب الصحيحين»: ومُكَردَسٌ في النار: أي: مُلقًى فيها ومدفوع إليها.ونقله ابن حجر عن بعض الرواة.«فتح الباري» 11/454.
[5] قال النووي: وقع في معظم الأصول والروايات (لسبعين) بالياء وهو صحيح؛ إمَّا على مذهب من يحذف المضاف ويبقى المضاف إليه على جره فيكون التقدير سيرُ سبعينَ، وإمَّا على أنَّ (قعر جهنم) مصدرٌ، يُقال: قعرتُ الشيء إذا بلغتَ قعرَه ويكون (سبعينَ) ظرف زمان، وفيه خبران، التقدير: إنَّ بلوغَ قعرِ جهنمَ لكائنٌ في سبعينَ خريفاً.
وهو في بعض الأصول (لسبعون) بالواو، وهذا ظاهر.